رواندا تكشف قدرات وحدود «مؤسسة كلينتون»

دعمها لحكومة كاغامي قد يؤثر سلبًا على حملة هيلاري الانتخابية

صورة أرشيفية للرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، وهو يحييّ طلبة في مدينة كيغالي برفقة الرئيس الرواندي بول كاغامي، عام 2012 (غيتي)
صورة أرشيفية للرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، وهو يحييّ طلبة في مدينة كيغالي برفقة الرئيس الرواندي بول كاغامي، عام 2012 (غيتي)
TT

رواندا تكشف قدرات وحدود «مؤسسة كلينتون»

صورة أرشيفية للرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، وهو يحييّ طلبة في مدينة كيغالي برفقة الرئيس الرواندي بول كاغامي، عام 2012 (غيتي)
صورة أرشيفية للرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، وهو يحييّ طلبة في مدينة كيغالي برفقة الرئيس الرواندي بول كاغامي، عام 2012 (غيتي)

في رواندا، تلعب مؤسسة «كلينتون» الخيرية دورًا أساسيًا في دعم تعافي الاقتصاد الروندي، بعد مرور 21 عامًا فقط على الإبادة الجماعية المروعة.
وتستعين حكومة الرئيس بول كاغامي بمساعدات المؤسسة في مجموعة متنوعة من المهام بمختلف أرجاء البلاد، تشمل تعليم المزارعين كيفية مضاعفة محاصيلهم في حقول الموز في كايونزا، إلى تدريب جيل جديد من المتخصصين والممرضين في مستشفى تعليمي في كيغالي، إلى معالجة فول الصويا بغرض تحويله إلى أول زيت طهي يجري إنتاجه محليًا في مزرعة موكارانج.
وعند النظر إلى عمل المؤسسة في رواندا كنموذج مصغر لمجمل نشاطاتها عالميًا، يتضح أنها تعمل بصورة أقرب إلى شركة استشارات عالمية غير هادفة للربح عن منظمة تقليدية للأعمال الخيرية، مع تميزها بمصالح متفرقة تعكس العقلية المندفعة المميزة للشخص الذي تحمل المؤسسة اسمه، الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون.
ولدت شراكة رواندا مع هذه المؤسسة من رحم صداقة عميقة بين كاغامي وكلينتون، وهي شراكة تعززت بالإيمان المشترك بأنه يمكن للدول النامية التخلي عن المساعدات الأجنبية وإحكام قبضتها وسيطرتها على مستقبلها من خلال النمط الصحيح للمساعدة الأجنبية.
والواضح أن مؤسسة كلينتون تعمل على تحقيق أعمال خيرة من ناحية، وتعزيز اسم كلينتون عالميًا من ناحية أخرى، خاصة في وقت تترشح خلاله هيلاري رودهام كلينتون للرئاسة. إلا أنه منذ البداية، خيمت على حملتها الانتخابية مخاوف بخصوص كيفية جمع المؤسسة للمال، بينما لم تحظَ مسألة كيفية إنفاق المؤسسة لتلك الأموال بذات القدر من الاهتمام.
وفي رواندا، فإن نظرة سريعة على تاريخ جهود المؤسسة كفيلة بأن تكشف أنها حققت إنجازات حيوية، بل وغالبًا تاريخية، خاصة بمجالي الصحة والتنمية الريفية. في المقابل، وفيما تقود كلينتون حملتها انتخابية للوصول إلى الرئاسة ويواجه كاغامي انتقادات حادة بسبب ملف حقوق الإنسان، فإن المؤسسة تسلط الضوء كذلك على التعارض المحتمل للمصالح، والحساسيات السياسية التي تظهر على السطح عندما يتولى رئيس سابق، كانت زوجته سيناتور سابقا ووزيرة خارجية ومنافسة على الرئاسة مرتين لقيادة هذه المؤسسة.
ومن الطبيعي النظر إلى جهود مؤسسة كلينتون هنا باعتبارها نابعة من ندم كلينتون العميق حيال التزام بلاده الحياد عام 1994، مع إقدام متطرفي «الهوتو» على ذبح ما يقدر بين 500 ألف ومليون من أبناء «التوتسي» و«الهوتو» المعتدلين. وقاد كاغامي قواته من المنفيين «التوتسي» التي أوقفت المذبحة بعد مائة يوم، وتولى منذ ذلك الحين قيادة البلاد. وقد التقاه كلينتون عام 1998، عندما كان رئيسًا للولايات المتحدة، وزار كيغالي للاعتذار عن أن المجتمع الدولي «لم يتحرك بالسرعة الكافية بعد انطلاق أعمال القتل». وسرعان ما أصبح كلينتون من المعجبين علانية لكاغامي، وذلك لنجاحه في توحيد صفوف هذه الأمة الممزقة وتحقيقه مكاسب مثيرة للإعجاب، بدعم من مانحين أجانب يتملكهم الشعور بالذنب. وعلى غرار قادة منظمات أخرى غير هادفة للربح تعمل في رواندا، انبهر كلينتون بقدرة كاغامي على التخفيف من وطأة الفساد داخل واحدة من أفقر دول العالم وكفاءته في الإبقاء على سيطرته على البلاد وفي تحقيق إنجازات أساسية. إلا أنه على الصعيد الجيوسياسي، أصبحت شراكة المؤسسة مع رواندا أمرًا محرجًا على نحو متزايد داخل الأمم المتحدة، بينما اتهمت وزارة الخارجية الأميركية وأعضاء من الكونغرس حكومة كاغامي بتجاهل حقوق الإنسان، وتسليح متمردين داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة وقمع المعارضين السياسيين ووسائل الإعلام، على نحو عنيف أحيانا.
من جانبهم، يرى أنصار لحقوق الإنسان وقيادات معارضة أن استمرار إقرار مؤسسة كلينتون لنظام كاغامي يضفي عليه شرعية ويحميه من الضغوط الدولية. وقد يكون السبيل الأمثل لفهم المؤسسة من خلال النظر لما ما لا تمثله، ففي الجزء الأكبر من جهودها، تعد مؤسسة كلينتون منظمة مانحة للقروض مثلما الحال مع «مؤسسة بيل وميليندا غيتس». ولا تكمن مهمتها الرئيسية في توفير مساعدات إنسانية مباشرة، مثل «كير» و«أطباء بلا حدود». وخلال العقدين الماضيين ومنذ وقوع الإبادة الجماعية في رواندا، وثق مؤرخون وصحافيون أن إدارة كلينتون تجاهلت تحذيرات بقرب وقوع الفاجعة وقادت جهودًا لسحب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدى مع اشتعال المذابح.
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، معارضتها لأي تغيير في الحد الأقصى للفترات الرئاسية المتمثل في فترتين. وقبل ذلك بشهرين، وأثناء زيارته لأفريقيا، حذر الرئيس أوباما، كاغامي من أنه «عندما يحاول قائد تغيير القواعد في منتصف اللعبة فقط ليبقى في منصبه، فإن هذا يحمل في طياته مخاطر زعزعة الاستقرار وإثارة القلاقل».
ومع ذلك، فإنه في الوقت الحاضر، تبدو حكومة كاغامي سعيدة باستمرار كلينتون في الإشادة بإنجازاتها.
*خدمة: «نيويورك تايمز»



الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
TT

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه «لن يسمح» بأي انتهاك لحوزته الترابية.

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

وقالت مصادر محلية إن المواطنين الموريتانيين أفرج عنهم بعد ساعات من التوقيف، وكانت وحدة «فاغنر» قد سلّمتهم إلى الجيش المالي الذي حقّق معهم ثم أفرج عنهم، ليعودوا إلى الأراضي الموريتانية ليل الأربعاء/الخميس.

اختراق الحدود

بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة «فاغنر»، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي «فاغنر» وقوات الجيش المالي «اخترقوا» الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.

ولكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو: «إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة».

وأضاف ولد أمدو، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أن القرية التي دخلها الجيش المالي وقوات «فاغنر»، «تابعة لدولة مالي»، مشيراً إلى أن «اتصالات جرت بين السلطات العسكرية الموريتانية والمالية أسفرت عن إطلاق سراح الموقوفين».

لا تسامح

وأصدر الجيش الموريتاني بياناً صحافياً حول الحادثة، وقال إن ما تداولته الصحف المحلية وبعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حول اختراق الحدود «مجرد معلومات مغلوطة وأخبار زائفة»، وقال: «إنه لن يسمح لأي كان بانتهاك الحدود».

وأوضح الجيش الموريتاني أن «الأمر يتعلق بوصول وحدة من الجيش المالي إلى قرية الأغظف الموجودة داخل التراب المالي»، وشدّد على أنه «لم تصل القوات المالية مطلقاً إلى خط الحدود بين البلدين».

وقال الجيش الموريتاني: «إن الوحدة العسكرية المالية أوقفت 18 شخصاً في المناطق التي مرت بها، قبل أن يجري إطلاق سراح الموقوفين لاحقاً، بعد اتصالات ميدانية بين الجهات المعنية بموريتانيا ومالي».

وخلص الجيش الموريتاني إلى «طمأنة المواطنين بأن الوحدات العسكرية الموريتانية المرابطة على الحدود، لن تسمح لأي كان بانتهاك الحوزة الترابية للبلاد»، وفق نص البيان الصحافي.

احتفاء محلي

كان توقيف المواطنين الموريتانيين قد أثار حالة من الرعب في أوساط السكان المحليين، في ظل مخاوف من تصفيتهم، كما سبق أن حدث مع موريتانيين خلال العامين الماضيين، أوقفتهم «فاغنر» وعثر عليهم في مقابر جماعية، ما كاد يقود إلى أزمة في العلاقات بين مالي وموريتانيا.

وبعد الإفراج عن الموقوفين سادت حالة من الارتياح في أوساط السكان المحليين، وأصدرت مجموعة من السياسيين والمنتخبين المحليين بياناً، قالت فيه إن سكان محافظة باسكنو الحدودية «يثمنون إطلاق سراح المختطفين على الحدود المالية».

وقال النائب البرلماني، محمد محمود ولد سيدي، إن الإفراج عن الموقوفين «لحظة تحمل في طياتها فرحة كبرى، وترسم أفقاً جديداً من الأمل والطمأنينة في قلوب الجميع».

وأضاف عضو البرلمان الموريتاني عن دائرة باسكنو، أن السكان يشكرون الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «الذي قاد بحكمة وحزم مسار الجهود المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير».

وأرجع النائب جهود الإفراج عن الموقوفين إلى ما سمّاه «الدبلوماسية العسكرية (الموريتانية) التي أظهرت قدرتها على إدارة الأزمات بفاعلية، وأثبتت بالدوام نجاعة وحنكة عاليتين في التعامل مع هذا التحدي الأمني الكبير».

حرب مالي

وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلاباً عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من «فاغنر» لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.

ويثير وجود «فاغنر» داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات «فاغنر» في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.

وتوجد في الشريط الحدودي عشرات القرى المتداخلة، بعضها تتبع موريتانيا ويقطنها مواطنون ماليون، وأخرى تتبع مالي ويقطنها مواطنون موريتانيون، وذلك بسبب عدم ترسيم الحدود بشكل نهائي بين البلدين.