كيري ولافروف والجبير إلى فيينا قريبًا لبحث الأزمة السورية

وزير الخارجية الأميركي: واشنطن لديها مسؤولية أخلاقية لتجنيب سوريا الدمار الشامل

تلميذات صغيرات من بلدة كفرنبل يمررن بجانب جدار رسم عليها كاريكاتير ساخر (رويترز)
تلميذات صغيرات من بلدة كفرنبل يمررن بجانب جدار رسم عليها كاريكاتير ساخر (رويترز)
TT

كيري ولافروف والجبير إلى فيينا قريبًا لبحث الأزمة السورية

تلميذات صغيرات من بلدة كفرنبل يمررن بجانب جدار رسم عليها كاريكاتير ساخر (رويترز)
تلميذات صغيرات من بلدة كفرنبل يمررن بجانب جدار رسم عليها كاريكاتير ساخر (رويترز)

قالت وزارة الخارجية الروسية إنها على علم باقتراح زير الخارجية الأميركي جون كيري، حول عقد لقاء مع ممثلين عن روسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا والأردن لبحث الأزمة السورية. وقال كيري في تصريحات له من العاصمة الإسبانية مدريد يوم أمس (الاثنين)، إنه سيعود الأسبوع القادم إلى أوروبا ليجتمع بقادة من روسيا والسعودية والأردن وتركيا لبحث خيارات إطلاق الحل السياسي في سوريا، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستجري مباحثات مع روسيا وحلفائها في المنطقة في محاولة لتجنب الدمار الشامل لسوريا.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية (تاس) عن مصدر دبلوماسي مطلع قوله إن «لقاء على مستوى وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية قد ينعقد في فيينا»، وفي إجابته على سؤال حول الموعد المتوقع لهذا اللقاء قال المصدر للوكالة: «قريبًا».
من جانبه، علق ديميتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، على تصريحات كيري، وقال إنه لا خطة لدى الكرملين لعقد لقاء مع وزير الخارجية كيري، لافتًا إلى أن «الحديث لا يدور عن لقاء على أعلى مستويات»، هذا في الوقت الذي أكدت فيه مصادر في موسكو مقربة من الدبلوماسية الروسية، إن وزارة الخارجية تدرس اقتراح الوزير كيري، مرجحة أن توافق روسيا على عقد لقاء كهذا، إلا أنها تدرس حاليًا أجندة المحادثات والمدينة التي سيلتقي فيها كيري مع ممثلين عن روسيا، فضلاً عن صيغة هذه اللقاءات، وهل تكون مستقلة مع المسؤولين من كل من الدول المذكورة، أم سيكون لقاء جماعيًا، ربما على مستوى وزراء الخارجية، لبحث الحل السياسي في الأزمة السورية.
ونقلت (رويترز)، أمس، عن رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو، أن موسكو تفضل دائمًا إجراء محادثات بأي شكل من الأشكال بخصوص سوريا.
وكان مصدر بوزارة الخارجية الروسية، قال في وقت سابق لوكالة «إنترفاكس» للأنباء، إن روسيا تدرس اقتراحًا بعقد اجتماع بشأن سوريا تقدم به وزير الخارجية الأميركي جون كيري. ورجح مصدر آخر واسع الاطلاع في العاصمة الروسية أيضًا، أن توافق موسكو على اقتراح جون كيري بعقد لقاء، لافتًا إلى أن روسيا أكدت دومًا وما زالت تؤكد على عدم وجود بديل عن الحل السياسي للأزمة السورية، وشددت منذ الساعات الأولى لعمليتها العسكرية في سوريا أن الهدف الرئيسي منها «تخليص سوريا من الجماعات الإرهابية»، وخلق أجواء مناسبة لإطلاق العملية السياسية التي سيكون على السوريين أنفسهم رسم مستقبل بلادهم خلالها». كما ذكَّر المصدر بالجهود التي تبذلها روسيا منذ عدة أشهر لإطلاق العملية السياسية في سوريا، ودعواتها المتكررة لإطلاق حوار روسي - أميركي حول مختلف جوانب الأزمة السورية، وإيجاد حل شامل لها على أساس بيان «جنيف1»، معربًا عن اعتقاده بأن الدبلوماسية الروسية لن تفوت فرصة إطلاق هذه المحادثات، مشددًا على أن روسيا تنطلق في نشاطها الدبلوماسي بعيدًا عن النزعات الشخصية والطموحات الجيوسياسية، لذلك ستدرس بتمعن اقتراح كيري، في سياق الجهود المشتركة للخروج من نفق الأزمة في سوريا، حسب قوله.
يذكر أن وزراء الخارجية الأميركي والروسي والسعودي، كانوا قد التقوا مطلع شهر أغسطس (آب)، في العاصمة القطرية الدوحة، وبحثوا الأزمة السورية، إلا أن ذلك اللقاء على الرغم من أهميته لم يساهم في تجاوز نقاط الخلاف الرئيسية بين الأطراف، لا سيما فيما يخص مصر النظام السوري، وضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالي لا مكان فيها للأسد. إذ شدد لافروف على أن بيان جنيف لم ينص على ضرورة تغيير النظام في سوريا، بل نص على فترة انتقالية يتم تحديد معاييرها بالاتفاق بين جميع الأطراف وعبر التوافق بين الحكومة والمعارضة السوريتين. بينما شدد وزيرا الخارجية السعودية عادل الجبير والأميركي جون كيري، على أنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا.
وكان كيري قال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغايو، أمس، إن واشنطن لديها مسؤولية «محاولة تجنب التدمير الشامل والكامل لسوريا وتداعياته السلبية»، خصوصًا موجة المهاجرين الذين يفرون من النزاع. وأضاف: «لدينا مصلحة أخلاقية في البحث عن وسيلة لتجنب أن تتفاقم الكارثة الحالية»، لافتًا إلى أن هناك أساسًا ثلاثة أرباع السوريين، أي 12 مليون شخص، نزحوا داخل البلاد أو لجأوا إلى الخارج.
وحذر كيري من أن «مستوى الهجرة في أوروبا خطير» بسبب صعوبة احتوائها «والتهديد فعلي بوصول مزيد (من المهاجرين) إذا استمر العنف وانهار الوضع في سوريا». واعتبر أن موجة جديدة من الهجرة ستخلف «عواقب كبرى في مجال الأمن» ليس فقط للاتحاد الأوروبي وإنما أيضًا لتركيا والأردن ولبنان. وعبر كيري عن مخاوف من أن تكون روسيا تسعى «عبر تدخلها العسكري في النزاع «إلى مجرد إبقاء» الرئيس السوري بشار الأسد في مكانه ما لا يمكن أن يؤدي سوى إلى «اجتذاب مزيد من الجهاديين وزيادة عدد اللاجئين». وأضاف: «في المقابل، إذا كانت روسيا هناك لمساعدتنا في إيجاد طريق نحو حل سياسي، وفي الوقت نفسه محاربة (داعش)، فهناك احتمال لاستطلاع طريق مختلف تمامًا. علينا أن نجلس معًا ونتباحث لاستطلاع مثل هذا النوع من الفرص».
ويرى مراقبون أن اللقاء المرتقب بين كيري ومسؤولين روس، ربما مع لافروف، قد يساهم إلى حد ما في تحريك الجليد بشأن الخلافات الجوهرية بين الأطراف الدولية والإقليمية حول سبل تسوية الأزمة السورية. على اعتبار أن الجميع يدركون أكثر من أي وقت مضى أن المضي في الحلول العسكرية لن يحل الأزمة، وسيستمر بخلق أزمات أخرى مركبة ومعقدة لن تقتصر على الإرهاب وأزمة اللاجئين. وفي هذا السياق، ينظر المراقبون بإيجابية إلى اللقاء المرتقب الذي تحدث عنه كيري، لافتين إلى أنه سيساهم في تجاوز جمود خطير بدأ يتبلور بين موسكو وواشنطن بعد رفض الثانية استقبال وفد روسي لإجراء محادثات موسعة حول الأزمة السورية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.