مستوطنون يهاجمون الأقصى.. ومقتل 3 فلسطينيين في الخليل

إسرائيل تدفع بقواتها لتأمين المواصلات.. والهجوم على 5 أشخاص في بئر السبع

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تخضع شبانا فلسطينيين للتفتيش الفردي عند بوابة دمشق في القدس القديمة (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الإسرائيلية تخضع شبانا فلسطينيين للتفتيش الفردي عند بوابة دمشق في القدس القديمة (أ.ف.ب)
TT

مستوطنون يهاجمون الأقصى.. ومقتل 3 فلسطينيين في الخليل

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تخضع شبانا فلسطينيين للتفتيش الفردي عند بوابة دمشق في القدس القديمة (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الإسرائيلية تخضع شبانا فلسطينيين للتفتيش الفردي عند بوابة دمشق في القدس القديمة (أ.ف.ب)

أجج المستوطنون مجددا مشاعر الغضب عند الفلسطينيين، بعد إصرارهم، أمس، على اقتحام المسجد الأقصى، وتنفيذ هجوم جماعي على منازل الفلسطينيين قرب مستوطنة «كريات أربع» في الخليل جنوب الضفة الغربية، في تحركات من شأنها أن تزيد من التوتر وتفجر مزيدا من المواجهات.
واقتحمت جماعات يهودية باحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، تحت حراسة قوات إسرائيلية، في الوقت الذي يمنع فيه المسلمون الشباب من دخول المسجد الذي بات يخضع لإجراءات أمنية مشددة في محيطه.
وجاء الاقتحام رغم الجدل القائم في إسرائيل، حول أهمية مثل هذه التصرفات التي كانت سببا مباشرا في اندلاع الهبة الجماهيرية الحالية.
ودعت منظمة «طلاب من أجل الهيكل»، مجموعات المستوطنين إلى اقتحام المسجد الأقصى، مرة ثانية اليوم الاثنين، في تحد واضح للفلسطينيين. وفورا دعت حركة حماس، إلى «تطوير الانتفاضة» الفلسطينية ضد إسرائيل. وقال الناطق باسم الحركة، سامي أبو زهري، في بيان صحافي، إن «استمرار اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى دليل على كذب الاحتلال بالرغبة في التهدئة». وأضاف أبو زهري: «لذا فإن حماس تدعو إلى تفعيل الانتفاضة وتطويرها بأكبر درجة ممكنة لحماية الأقصى ومواجهة الجرائم الإسرائيلية».
وزاد اقتحام المسجد من التوتر السائد أصلا في القدس، التي قررت الحكومة الإسرائيلية نشر قوات إضافية من الجيش فيها، وحولتها خلال الشهر الحالي، إلى ثكنة عسكرية.
وفوجئ المقدسيون أمس، بترتيبات أمنية جديدة، تشمل نشر قوات إضافية تهدف إلى «إقامة شبكة من الأمن في المواصلات العامة»، وفق ما جاء في قرار السلطات الإسرائيلية.
ويأتي هذا الإجراء، فيما تواصل إسرائيل وضع المكعبات الإسمنتية والحواجز العسكرية، وغلق عدد من الشوارع حول الأحياء العربية المحاصرة، في خطوة وصفت بالعنصرية. وتقول الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأن هذه الحواجز غير محكمة الإغلاق، وإنما تسمح بمرور الناس بعد خضوعهم للفحص الأمني. لكن الفلسطينيين يقولون: إنهم محاصرون، ويتعرضون لتفتيشات مزعجة ومهينة بشكل يومي.
ومع ذلك صادقت الحكومة الإسرائيلية على اقتراح وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد أردان، بالسماح لشرطة الاحتلال بتفتيش أي شخص جسديا، حتى في غياب شبهات مسبقة بحمله السلاح.
وقالت مصادر لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، بأن الحكومة الإسرائيلية اعتمدت القرار بشكل رسمي أمس، ليكون خطوة إضافية في سلسلة الخطوات التي أقرتها، أخيرا، بهدف قمع الهبة الشعبية ومنع تنفيذ عمليات ضد المستوطنين أو عناصر الجيش والشرطة.
وتعقيبا على القرار قال أردان: «في أعقاب العمليات الأخيرة أصبحت هناك ضرورة ملحة لمنح أفراد الشرطة صلاحيات لإجراء مثل هذا التفتيش الجسماني لمواجهة خطر إرهاب السكاكين».
وفي الخليل جنوب الضفة الغربية، حيث قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين، السبت، هاجم مستوطنون بحماية جيش الاحتلال، خلال ليلة طويلة ومرعبة، منازل الفلسطينيين في محيط مستوطنة «كريات أربع» شرق المدينة. وقدر الفلسطينيون عدد المستوطنين الذين هاجموا المنازل الآمنة بالحجارة والزجاجات الحارقة، بنحو 200 مستوطن. وتجمع أهالي الخليل بعد نداءات عبر مكبرات الصوت في المساجد والإذاعات المحلية لنصرة المحاصرين، واشتبكوا مع المستوطنين في عمليات كر وفر حتى فجر أمس، وخلفت الاشتباكات 3 من الجرحى الفلسطينيين.
ويعيش في قلب الخليل أكثر من 400 مستوطن تحت حراسة مئات الجنود الإسرائيليين، وهم ويستهدفون الوجود الفلسطيني في البلدة القديمة التي تحولت إلى مدينة أشباح ورعب، بفعل المستوطنين الذين ينفذون اعتداءات يومية على الفلسطينيين هناك، وآخرها قتل مستوطن لشاب في شارع الشهداء في المدينة أول من أمس. وتواصلت المواجهات في مدينة الخليل أمس بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي، كما تواصلت في رام الله وبيت لحم. وجرح 3 فلسطينيين بالرصاص الحي في مخيم قلنديا جنوب رام الله خلال المواجهات، كما جرح آخرون في مواجهات الخليل وبيت لحم، بينها إصابة فتى بقنبلة غاز في رأسه.
وفي سلواد في رام الله، رفض الأهالي استمرار الحصار الذي فرضته القوات الإسرائيلية على القرية، ونجحوا في فتح مدخلي البلدة الرئيسيين، بعد يومين من غلقهما. واستخدم أهالي البلدة جرافة كبيرة لإزالة أكوام الأتربة والمكعبات الإسمنتية التي وضعتها قوات الاحتلال، وفتح الطريق أمام السكان.
وفي سياق متصل، قدم طاقم محامين التماسا مصغرا للنيابة العامة الإسرائيلية، طالبوا فيه بتسليم جثامين «11 شهيدا»، محتجزة لدى سلطات الاحتلال. وطالب الطاقم المؤلف من محامي مؤسسة الضمير محمد محمود، ومحامي وزارة شؤون الأسرى طارق برغوث، والمحامي مدحت ديبة، من سلطات الاحتلال تسليم الجثامين، وذلك بعد المماطلة ورفض تسليمها خلال الفترة الماضية، وجرى تسليم نسخة من الالتماس إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية وأخرى إلى المخابرات. وأكد الطاقم خلال الالتماس، أن احتجاز الجثامين والمماطلة في تسليمها لدفنها، أمر غير ديمقراطي وغير أخلاقي، وإجراء انتقامي لأفراد العائلة. وأوضح الطاقم، أن سلطات الاحتلال تحتجز جثامين 11 «شهيدا» وهم: ثائر أبو غزالة، اسحق بدران، محمد محمد علي، مصطفى الخطيب، حسن مناصرة، علاء أبو جمل، بهاء عليان، باسل سدر، أحمد أبو شعبان، معتز عويسات، محمد شماسنة.
من جهة أخرى أعلنت الشرطة الإسرائيلية، مساء أمس، أن شخصًا نفذ هجومًا بالسلاح في محطة حافلات في بئر السبع بجنوب إسرائيل، وأسفر ذلك عن سقوط جرحى. وقالت الشرطة في بيان إنه «تم قتل الإرهابي» من دون أن تحدد هويته، بينما تحدث مسعفون عن نقل خمسة جرحى، إصابات ثلاثة منهم بالغة.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.