قوات الأسد تقاتل لافتتاح خط إمداد بديل إلى حلب

بدء إدخال مساعدات إلى ثلاث بلدات سورية تنفيذًا لاتفاق هدنة سابق

أطفال يلعبون الورق وسط ركام الأبنية المدمرة في القسم القديم من مدينة حلب (رويترز)
أطفال يلعبون الورق وسط ركام الأبنية المدمرة في القسم القديم من مدينة حلب (رويترز)
TT

قوات الأسد تقاتل لافتتاح خط إمداد بديل إلى حلب

أطفال يلعبون الورق وسط ركام الأبنية المدمرة في القسم القديم من مدينة حلب (رويترز)
أطفال يلعبون الورق وسط ركام الأبنية المدمرة في القسم القديم من مدينة حلب (رويترز)

أكدت مصادر المعارضة السورية في الشمال أن قواتها تخوض «معارك شرسة» ضد القوات الحكومية في ريف حلب الجنوبي، نافية في الوقت نفسه أن تكون قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد «تمكنت من استعادة السيطرة على قرية الوضيحي التي لا تزال تشهد اشتباكات عنيفة».
وتأتي المعركة في محاولة من قوات النظام لافتتاح خط إمداد بديل جنوب المحافظة، يربط بين حلب والعاصمة السورية، بعد تقويض تنظيم داعش لحركتها على خط إمدادها التقليدي في الريف الشرقي لحلب، من خلال السيطرة على نقطتين عسكريتين في مدينة أثريا، قبل أيام، بحسب عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، باستمرار المعارك العنيفة في ريف حلب الجنوبي، بين قوات النظام مدعومة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف، والفصائل المقاتلة والإسلامية من طرف آخر، بعد تمكن قوات النظام من التقدم والسيطرة على عدة قرى منذ بدء الهجوم، يوم الجمعة الماضي، وسط معلومات أولية عن سيطرتها على تل الحويز القريبة من قرية الوضيحي.
وأشار المرصد إلى أن الكتائب المقاتلة «قصفت بصاروخ (تاو) أميركي دبابة لقوات النظام في منطقة جبل عزان بريف حلب الجنوبي، مما أدى لتدميرها، بينما قصفت طائرات حربية مناطق في بلدة الزربة بريف حلب الغربي»، لافتا إلى اندلاع اشتباكات بين الكتائب المقاتلة والإسلامية من طرف، وقوات النظام في محيط تلة المحروقات بخان طومان جنوب حلب».
وقال النجار إن قوات النظام «لم تستطع الاحتفاظ بتقدمها الذي تحقق أول من أمس في قرية الوضيحي، حيث قامت قوات المعارضة بانسحاب تكتيكي، قبل أن تنفذ هجوما مضادا استعادت خلاله نقاطا خسرتها». وتابع بقوله إن هذه القوات «تسعى للسيطرة على التلال المحيطة بأوتوستراد حلب – دمشق الدولي، بغرض تأمينه، واعتماده طريق إمداد بديلا لخط الإمداد التقليدي عبر الريف الشرقي لمحافظتي حماه وحلب، الذي يمر من شرق السلمية باتجاه أثريا وخناصر والسفيرة، وصولا إلى معامل الدفاع»، مشيرا إلى أن تنظيم داعش سيطر على حاجزين في أثريا «مما أعاق حركة أرتال قوات النظام في المنطقة». وقال: «بدل أن تواجه قوات النظام داعش في تلك المنطقة لتأمين خط إمدادها التقليدي، فتحت معركة جنوب حلب، بهدف إحراز تقدم في المنطقة، وبالتالي، تحقيق نصر معنوي، في ظل الظروف الضاغطة التي يعانيها النظام بعد الضربات الروسية التي لم تحقق نجاحا استراتيجيا بعد».
وأوضح أن «فتح طريق إمداد عبر هذه المنطقة سيكون أسهل على قوات النظام التي تسعى لضرب عصفورين بحجر واحد، كون المسافة التي يتوجب عليها أن تقطعها قليلة نسبيا، إذا ما قورنت بمناطق شرق حلب، فضلا عن أن النظام يسعى لربط حماه بشرق إدلب وحلب». وأكد أن المعركة «تركز على فتح خطوط الإمداد من غير أن تشمل المناطق المحيطة بالمنطقة».
وقال النجار إن قوات النظام في حلب «منهكة جراء عملية الحصار المفروضة عليها من قوات المعارضة و(داعش) على حد سواء، وباتت أعداد هذه القوات كبيرة، بعد الحشود العسكرية التي تضمنت مقاتلين أجانب حلفاء للأسد، بينهم إيرانيون ومن حزب الله، كانوا احتشدوا لإطلاق معركة لفك الحصار عن مطار كويرس العسكري» الذي تحاصره قوات تابعة لتنظيم داعش. وأشار إلى أن «هذا العبء العسكري دفعها للبحث عن بديل».
ويشارك في العمليات التي دشنها النظام في ريف حلب الجنوبي مقاتلون حلفاء للنظام، يقول ناشطون إن بينهم مقاتلين من حزب الله اللبناني.
بالموازاة، أفاد ناشطون بأن قوات النظام وحلفائه واصلت تقدمها في ريف حلب الشرقي، إذ سيطرت على قريتي الحلبية، والداكونة، بريف حلب الشرقي، عقب اشتباكات مع مسلحي تنظيم داعش. وبذلك يكون عدد القرى التي سيطرت عليها قوات النظام خمس قرى استراتيجية، وجميع تلك القرى كانت تحت سيطرة تنظيم داعش، إذ يطمح النظام في الوصول إلى قواته المحاصرة في مطار «كويرس» العسكري بريف حلب.
وذكر موقع «قاسيون» أنه «من المتوقع أن تصل قوات النظام والميليشيات المساندة لها إلى طريق حلب - الرقة الدولي، مع استمرار الانسحابات المتتالية لمقاتلي تنظيم داعش، من القرى التي كانوا يسيطرون عليها شرق حلب». وذكر الموقع أن القرى الجنوبية والشرقية لحلب تشهد حالة نزوح جماعي، خوفا من تقدم قوات النظام، وارتكابها مجازر بحق المدنيين، في حال سيطرتها على القرى الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة، وتنظيم داعش.
في سياق آخر، بدأ أمس إدخال مساعدات إغاثية وطبية إلى بلدتي الفوعة وكفريا في شمال غربي سوريا ومدينة الزبداني في ريف دمشق بشكل متزامن، تنفيذا لاتفاق هدنة تم إقراره الشهر الماضي، وفق ما أكدته مصادر محلية.
وأكد مصدر في المجلس المحلي لمدينة الزبداني لوكالة الصحافة الفرنسية «بدء دخول مساعدات إلى المدينة»، تزامنًا مع إشارة مصدر سوري ميداني إلى «دخول ثلاث سيارات وشاحنة من المساعدات» إلى الفوعة وكفريا.
وتوصلت الفصائل المقاتلة من جهة، وقوات النظام السوري والمسلحون الموالون بها ومقاتلو حزب الله اللبناني من جهة ثانية، إلى اتفاق في 24 سبتمبر (أيلول) بإشراف الأمم المتحدة وبرعاية إيرانية، يشمل وقفًا لإطلاق النار في المناطق الثلاث، وإدخال المساعدات إليها، ومن ثم السماح بخروج المدنيين والجرحى من الفوعة وكفريا ومقاتلي الفصائل من الزبداني بشكل آمن، على أن تمتد الهدنة لستة أشهر.
وينتمي جزء كبير من المقاتلين داخل الزبداني وفي محيط كفريا والفوعة إلى حركة أحرار الشام الإسلامية، فيما يقتصر وجود النظام في الفوعة وكفريا على قوات الدفاع الوطني واللجان الشعبية.
يذكر أن اتفاق الهدنة في الزبداني يسري أيضًا على بلدة مضايا المجاورة التي تؤوي نحو عشرين ألف شخص بين مقيمين ونازحين، وتفرض قوات النظام والمسلحون الموالون لها حصارًا محكمًا عليها.
ميدانيا، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع قولها، أمس، إن الطائرات الروسية نفذت 39 طلعة، وأصابت 51 هدفا في سوريا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.