إقبال محدود في اليوم الأول للانتخابات البرلمانية المصرية

رسائل تهديد لقضاة اللجان وتفكيك عبوات ناسفة في الجيزة والفيوم

مشرفة مصرية في لجنة انتخابية في الدقي بمحافظة الجيزة في انتظار المقترعين في اليوم الأول من الانتخابات البرلمانية (إ.ب.أ)
مشرفة مصرية في لجنة انتخابية في الدقي بمحافظة الجيزة في انتظار المقترعين في اليوم الأول من الانتخابات البرلمانية (إ.ب.أ)
TT

إقبال محدود في اليوم الأول للانتخابات البرلمانية المصرية

مشرفة مصرية في لجنة انتخابية في الدقي بمحافظة الجيزة في انتظار المقترعين في اليوم الأول من الانتخابات البرلمانية (إ.ب.أ)
مشرفة مصرية في لجنة انتخابية في الدقي بمحافظة الجيزة في انتظار المقترعين في اليوم الأول من الانتخابات البرلمانية (إ.ب.أ)

في انتظار يوم الاقتراع الثاني، غاب الناخبون المصريون أو كادوا عن مراكز الاقتراع في اليوم الأول من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية. وفاق عزوف الناخبين توقعات مسبقة بضعف المشاركة، فيما بدا احتجاجا صامتا على «تضييق المجال السياسي» خلال الفترة الماضية، والأعباء الاقتصادية المتزايدة على كاهل المواطنين، بحسب مراقبين. يأتي هذا في وقت قالت فيه مصادر قضائية إن قضاة مشرفين على العملية الانتخابية تلقوا تهديدات على هواتفهم لإثنائهم عن الإشراف على لجان الاقتراع. وأكدت اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات أنها فتحت تحقيقات موسعة في الأمر.
وأكد مصادر في اللجنة العليا للانتخابات أن لجان التصويت بمحافظات المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب شهدت إقبالا ضعيفا في الساعات الأولى من بدء العملية الانتخابية، مشيرة إلى أن نسبة المشاركة بلغت مع انتصاف يوم الانتخابات 624 ألف ناخب بنسبة 2.27 في المائة. ويزيد عدد الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع في محافظات المرحلة الأولى على 27 مليون ناخب.
وبحسب إحصاءات اللجنة العليا للانتخابات خلال يوم الاقتراع، جاء معظم الناخبين من الفئة العمرية فوق سن 61 سنة، فيما سجلت الفئة العمرية من ما بين 18 و21 سنة، أقل نسبة مشاركة.
وفي إجراء عكس حجم القلق من ضعف المشاركة في الانتخابات، قالت اللجنة العليا للانتخابات إنها ستطبق غرامة الـ500 جنيه (نحو 55 دولارا) لمن يتخلف عن التصويت دون عذر، وفق ما يقره القانون المصري.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وجه كلمة للمصريين أول من أمس لحثهم على المشاركة بقوة في الانتخابات البرلمانية والاحتشاد أمام صناديق الاقتراع، لكن على ما يبدو جاءت نسبة المشاركة مخيبة للآمال.
وبدا الارتباك واضحا في أروقة الحكومة المصرية التي شرعت في دراسة منح إجازة للعاملين في الدولة للمشاركة في الانتخابات في اليوم الثاني للاقتراع، قبل أن تتراجع عن الفكرة، بحسب مسؤولين. وسبق أن مدت اللجنة العليا للانتخابات أيام التصويت في الانتخابات الرئاسية السابقة لتفادي ضعف الإقبال، لكن من غير المعروف ما إذا كانت اللجنة ستلجأ لهذا الإجراء أو لا.
وبدأ أمس (الأحد) تصويت المصريين في الداخل لانتخاب مجلس للنواب، في خطوة تأمل الحكومة أن تسهم في تحقيق الاستقرار السياسي وجذب الاستثمارات والسائحين بعد سنوات من اضطراب سياسي. ويستمر الاقتراع يومين في مرحلة أولى التي تشمل 14 محافظة. وتجرى المرحلة الثانية والأخيرة الشهر المقبل في باقي المحافظات.
ويتألف مجلس النواب (الاسم الجديد لمجلس الشعب) من 568 عضوا منتخبا منهم 448 نائبا بنظام الانتخاب الفردي و120 عضوا بنظام القوائم المغلقة المطلقة. ويجوز لرئيس الدولة تعيين 5 في المائة من الأعضاء على الأكثر.
وفي سابقة تشهدها الانتخابات المصرية للمرة الأولى، قال المستشار علاء قنديل عضو غرفة عمليات وزارة العدل، إن المستشار أحمد الزند وزير العدل طلب من اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، التحقيق الفوري في الوقائع المتعلقة بتلقي بعض القضاة المشرفين على انتخابات مجلس النواب، رسائل تتضمن تهديدات بالقتل على هواتفهم الجوالة، لمحاولة إرغامهم على عدم المشاركة في عمليات الاقتراع، مشيرا إلى أنه تم على الفور اتخاذ الكثير من الإجراءات اللازمة بهذا الشأن وتأمين هؤلاء القضاة.
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، وجود تهديدات وردت للقضاة. وقال مروان، خلال مؤتمر صحافي عقده بمقر الهيئة العامة للاستعلامات، أمس، إن اللجنة العليا فتحت تحقيقات موسعة في هذا الأمر.
وقال المستشار محمد عبده صالح، المتحدث الرسمي باسم غرفة عمليات نادي القضاة، إن عددا من القضاة وصلت إليهم رسائل مجهولة نصها «سيبك (دعك) من الانتخابات حياتك أهم»، حتى لا يشرفوا على الانتخابات ومن ضمنهم أعضاء بمجلس إدارة النادي.
وعلى الصعيد الأمني، قالت مصادر أمنية مصرية إن خبراء المفرقعات أبطلوا مفعول عبوتين ناسفتين شديدتي الانفجار، أمام لجان المدرسة التجريبية بكرداسة في محافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة المصرية.
وفي محافظة الفيوم جنوب القاهرة، قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن خبراء المفرقعات أبطلوا مفعول عبوة بدائية الصنع زرعها مجهولون بجوار إحدى اللجان الانتخابية بمدينة الفيوم.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.