الرئيس الغيني يفوز في الدورة الأولى من الانتخابات.. والمعارضة تتحدث عن تزوير

بعد حصوله على نحو 58 في المائة من الأصوات

ملصق كبير في أحد شوارع العاصمة الغينية كوناكري يحمل صورة الرئيس الغيني ألفا كوندي الذي فاز أمس بالأغلبية المطلقة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية (أ.ب)
ملصق كبير في أحد شوارع العاصمة الغينية كوناكري يحمل صورة الرئيس الغيني ألفا كوندي الذي فاز أمس بالأغلبية المطلقة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية (أ.ب)
TT

الرئيس الغيني يفوز في الدورة الأولى من الانتخابات.. والمعارضة تتحدث عن تزوير

ملصق كبير في أحد شوارع العاصمة الغينية كوناكري يحمل صورة الرئيس الغيني ألفا كوندي الذي فاز أمس بالأغلبية المطلقة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية (أ.ب)
ملصق كبير في أحد شوارع العاصمة الغينية كوناكري يحمل صورة الرئيس الغيني ألفا كوندي الذي فاز أمس بالأغلبية المطلقة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية (أ.ب)

فاز الرئيس الغيني المنتهية ولايته ألفا كوندي بالأغلبية المطلقة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بعد حصوله على نحو 58 في المائة من الأصوات، حسب نتائج اعترضت عليها المعارضة، التي تحدثت عن تزوير وأعلنت أنها تنوي اللجوء إلى القضاء والتظاهرات.
وكانت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة قد نشرت، ليلة أول من أمس، نتائج جديدة بعد بيانين صدرا الأربعاء والخميس، من دون أن تتضمن الأرقام المتعلقة بكل الأصوات، أو تعلن عن إعادة انتخاب كوندي.
وبجمع الأرقام التي صدرت حتى أمس، يكون كوندي قد حصل على 2.2 مليون صوت بعد فرز نحو 92 في المائة من أصوات الناخبين المسجلين، وهو رقم قياسي نظرًا لنسبة المشاركة التي بلغت 66 في المائة، يضمن له الأغلبية المطلقة. ولم يبق سوى إعلان نتائج الاقتراع في بلدية راتوما المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العاصمة كوناكري، وقنصلية غينيا في نيويورك.
واحتل زعيم المعارضة سيلو دالين ديالو، الذي حصل على أكثر بقليل من مليون صوت، المرتبة الثانية، لكنه يتقدم بفارق كبير على المرشحين الستة الآخرين. وفي تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، انتقد ديالو «المهزلة الانتخابية». وقال إنه «لا يمكننا الاعتراف بمثل هذا الفوز».
وكان الغينيون قد أدلوا بأصواتهم في أجواء من التوتر الشديد، بينما كانت حملة كوندي تهدف إلى فوزه من الدورة الأولى. لكن خصومه اعتبروا أنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف من دون عمليات تزوير موصوفة، وذلك بعد خمس سنوات على فوزه بفارق ضئيل في الدورة الثانية من الاقتراع.
وكان الرئيس كوندي يتوقع الفوز معتمدًا على إنجازاته، مشيرًا بالخصوص إلى إصلاح الجيش والقضاء وإلى إنجاز سد كهرمائي في كاليتا، واعتماد الشفافية في توزيع عقود استثمار ثروات البلاد الهائلة على شركات المناجم. لكن معارضيه يتهمونه بسوء الإدارة، وينتقدونه خصوصًا بسبب إخفاقه في القضاء على وباء إيبولا الذي انتشر في ديسمبر (كانون الأول) من سنة 2013، بعد أن سجلت إصابتان جديدتان بالفيروس هذا الأسبوع، بينما لم تعد هناك أي حالة جديدة في الدول المجاورة، كما يتهمونه بالميل إلى التسلط وتأجيج التوتر الإثني.
وشكك المعارض ديالو في نسب المشاركة في معاقل الرئيس كوندي، التي بلغت نحو 90 في المائة، معتبرًا أن ما سمح بذلك هو سلسلة من القرارات التي اتخذتها اللجنة الانتخابية لتليين قواعد التصويت في الانتخابات، وعدم المساواة جغرافيًا في توزيع بطاقات الناخبين. وبعدما وصف بـ«المهزلة» المشكلات اللوجستية التي سجلت يوم التصويت، أعلن المنافسون السبعة لكوندي منذ اليوم التالي للاقتراع إلغاء الدورة الأولى.
وفي هذا السياق، قال ديالو إن اللجوء إلى المحكمة الدستورية سيكون جزءًا من الخيارات المطروحة للنقاش، مؤكدًا احتفاظه بحقه «في استخدام كل الوسائل القانونية بما في ذلك التظاهرات السلمية».
من جانبه، رأى الاتحاد الدولي لمنظمات حقوق الإنسان ومنظمات غينية غير حكومية، أن كل الاعتراضات يجب أن «تعرض على المحكمة الدستورية، باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة حسم الخلافات الانتخابية»، معتبرين أن «نقلها إلى الشارع لن يؤدي سوى إلى إضافة خطر حدوث أعمال عنف إلى التوتر القائم حاليًا».
وكان أحد أنصار المعارضة قد قتل الأسبوع الماضي خلال أعمال عنف في نهاية الحملة الانتخابية، دفن أول من أمس في أجواء من التوتر في ضاحية كوناكري. وفي سوق المدينة، الذي يعد الأكبر في البلاد، جرت أعمال عنف ونهب في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية قبل أسبوع، وبسبب ذلك لا يزال التجار مترددين في فتح محلاتهم، إذ قالت مامايساتا كامارا، التي تملك محلاً بالسوق «ليتخلى الجميع عن السرقة والمواجهات والمشاجرات غير المجدية»، ودعت إلى الامتثال لنتائج العملية الانتخابية بقولها «ليبقى الجميع وراء من وقع عليه الاختيار».
وكانت الانتخابات الرئاسية السابقة في 2010، والاقتراع التشريعي في 2013 قد شهدا أيضًا أعمال عنف واتهامات بالتزوير.
وقال مراقبو الانتخابات إنها كانت صحيحة، على الرغم من بعض المشكلات اللوجستية، بينما أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات النتائج تدريجيًا على مدى الأيام القليلة الماضية، وأصدرت أرقامها النهائية، أمس السبت. وستعلن في وقت لاحق إجمالي عدد الأصوات التي حصل عليها المرشحون، الذين سيكون أمامهم عندئذ مهلة ثمانية أيام لتقديم شكاوى قبل أن تفصل فيها المحكمة الدستورية.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.