باريس: ما شجع طهران على القيام بتجربتها الصاروخية تيقنها من غياب ردة الفعل الغربية

الخارجية الفرنسية أكدت أن التجارب الباليستية الإيرانية ستبقى خاضعة لقيود

تجرية إطلاق صاروخ باليستي إيراني منذ بضعة أيام (رويترز)
تجرية إطلاق صاروخ باليستي إيراني منذ بضعة أيام (رويترز)
TT

باريس: ما شجع طهران على القيام بتجربتها الصاروخية تيقنها من غياب ردة الفعل الغربية

تجرية إطلاق صاروخ باليستي إيراني منذ بضعة أيام (رويترز)
تجرية إطلاق صاروخ باليستي إيراني منذ بضعة أيام (رويترز)

رغم الانتقادات الغربية الحادة للتجربة الصاروخية الباليستية الإيرانية التي أجرتها طهران على صاروخ بعيد المدى في الحادي عشر من الشهر الحالي، إلا أن المرجح أن أيا من العواصم المعنية، وعلى رأسها واشنطن وباريس ولندن، لن تنقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي حتى يكون موضع متابعة.
ومرة أخرى، بدت باريس التي تنتظر زيارة الرئيس الإيراني منتصف الشهر المقبل، الأكثر تشددا في التنديد بما وصفته «انتهاكًا صارخا» لقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصا لقرار 1929 الصادر في عام 2010. غير أن فرنسا، مثلها مثل شريكاتها الغربيات في مجموعة «5+1» (الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا وألمانيا) لا تنوي إثارة مشكلة كبرى مع إيران بسبب التجربة المشار إليها، في الوقت الذي لم يدخل فيه الاتفاق النووي الموقع مع طهران في 14 يوليو (تموز) الماضي حيز التنفيذ، بانتظار أن تقدم الوكالة الدولية للطاقة النووية تقريرها المنتظر إلى مجلس الأمن الدولي بداية العام المقبل. ويفترض أن تؤكد الوكالة أن طهران قامت بتنفيذ كامل الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
بيد أن تصديق الوكالة والبدء برفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على إيران في مجلس الأمن الدولي لا يعني بتاتا أنه ستكون لطهران حرية التصرف في البرنامج الصاروخي. وبحسب الخارجية الفرنسية، فإن عددا من القيود ستبقى مفروضة على طهران، وتحديدا الامتناع عن القيام بأي نشاط، بما فيها التجارب الخاصة بالصواريخ التي يمكن أن تجهز بأسلحة نووية، أيا كان نوعها. وتستند باريس في قراءتها إلى القرار الدولي رقم 2231 الصادر في 20 يوليو الماضي، أي بعد ستة أيام فقط على التوقيع على الاتفاق النووي. وهو يدعو في أحد فقراته إيران إلى الامتناع عن أي نشاط صاروخي يمكن أن تكون له علاقة بالبرنامج النووي.
والحال أن طهران التي تؤكد على «حقها المطلق» في الاستمرار في برنامجها الصاروخي، تعتبر أن «لا علاقة» بين البرنامجين النووي والصاروخي وبالتالي فهي مستمرة في تجاربها الصاروخية. ويعود قلق الغربيين لدلائل توافرت لدى مفتشي الوكالة الدولية حول «تجارب» قامت بها إيران في السابق في مواقع متعددة، بينها «بارشين»، من أجل «عسكرة» برنامجها النووي، الأمر الذي يحتاج لتصنيع صواريخ مؤهلة لحمل قنبلة نووية.
وتنظر بلاريس إلى موقف طهران واستعجالها في القيام بالتجربة الصاروخية، وهي تعلم قطعا أنها ستثير انتقادات وتشكيك في نياتها، ينظر إليهما على أنهما «عمل مقصود وذو أبعاد سياسية داخلية».
وما شجعها على ذلك، وفق مصادر دبلوماسية في باريس تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، أن بادرة كهذه لن تواجه بردود فعل غربية، ولن يكون لها أي تأثير على تطبيق الاتفاق النووي بسبب انهيار آخر العوائق التي كانت تحول على تنفيذه، وهي المتمثلة في المحاولة الفاشلة التي قام بها الكونغرس لنسف الاتفاق وغل يدي الرئيس باراك أوباما. لذا، فإن طهران «تلعب على تفسير فقرات» القرار الدولي، إذ إنها تنفي بقوة أن تكون لتجربتها الأخيرة بعد نووي وتصر على القول إنها ذات بُعد «دفاعي».
واللافت أن واشنطن التي أدانت التجربة الإيرانية وقالت إنها «ستنقل الملف» إلى الأمم المتحدة، لم تقم بأي شيء عملي حتى الآن، إذ إنها لم تقدم أي مشروع قرار أو بيان إلى مجلس الأمن. كذلك امتنعت عن إخطار الجمعية العامة. وتستبعد أوساط مراقبة في باريس أن يكون لأي مشروع كهذا حظًا في الصدور بسبب الممانعة الروسية، حيث إن طهران وموسكو حليفتان في سوريا ومتعاقدتان على صفقات مدينة وعسكرية كبرى، لعل أبرزها بيع إيران منظومات صاروخية للدفاعات الجوية من طراز «إس 300»، إضافة إلى اعتبارات سياسية أخرى.
يُضاف إلى ذلك أن الغربيين الذين يتسابقون للوصول إلى الأسواق الإيرانية والفوز بعقود تجارية واقتصادية وتطبيع العلاقات السياسية «لن يغامروا» بافتعال أزمة مع طهران، بسبب التجربة الصاروخية التي ليست الأولى من نوعها، والمرجح ألا تكون الأخيرة.
رغم ذلك، فإن الخارجية الفرنسية، كما قالت أمس، ترى فيما قامت به إيران «إشارة سيئة» لجهة عدم التزام طهران بما وقعت عليه، مما سيزيد من منسوب الشكوك بنيات طهران وبمدى صدقيتها في الوفاء بتعهداتها الدولية، فضلا عن أنه يوفر الحجج لمن نبه إلى أن طهران «خدعت» الأسرة الدولية في الماضي وطورت برنامجا نوويا سريا بعيدا عن الأعين ولا شيء يردعها عن معاودة الكرّة مجددا.



أفغانستان: «طالبان» تبدي انفتاحاً مشروطاً على إقامة علاقات جيدة مع أميركا

شير محمد عباس ستانيكزاي نائب وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة (متداولة)
شير محمد عباس ستانيكزاي نائب وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة (متداولة)
TT

أفغانستان: «طالبان» تبدي انفتاحاً مشروطاً على إقامة علاقات جيدة مع أميركا

شير محمد عباس ستانيكزاي نائب وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة (متداولة)
شير محمد عباس ستانيكزاي نائب وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة (متداولة)

أعرب نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية في حكومة «طالبان» الأفغانية، شير محمد عباس ستانيكزاي (السبت)، عن رغبته في إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة.

وفي حديثه خلال فعالية في كابل، طلب ستانيكزاي على وجه التحديد من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تغيير السياسة الأميركية الحالية تجاه أفغانستان، وتبني سياسة جديدة تستند إلى اتفاق الدوحة الموقع بين «طالبان» والولايات المتحدة في عام 2020.

محادثات بين وفد من «طالبان» الأفغانية مع مسؤولين أتراك في أنقرة (متداولة)

وأوضح ستانيكزاي أن «طالبان» مستعدة لأن تكون صديقةً للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن «العدو ليس العدو دائماً».

ومع ذلك، حدَّد شروطاً معينة لتحسين العلاقات؛ بما في ذلك رفع العقوبات الاقتصادية، ورفع تجميد أصول أفغانستان في البنوك الأجنبية، وإزالة قادة «طالبان» من القوائم السوداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان، والاعتراف بحكومة «طالبان».

يشار إلى أن حكومة «طالبان» غير معترف بها دولياً؛ بسبب سياساتها تجاه النساء والفتيات الأفغانيات.

ومنذ عودتها إلى السلطة، لم تسمح حكومة «طالبان» للفتيات والنساء الأفغانيات بالدراسة بعد المرحلة الابتدائية. وقالت سلطات «طالبان» في الأصل إن الحظر هو «تعليق مؤقت» سيتم حله بعد تهيئة بيئة آمنة للفتيات للذهاب إلى المدرسة، لكن لم يتم إجراء أي تغييرات حتى الآن.

وتدافع «طالبان» عن هذه السياسة بوصفها ضروريةً لدعم قانون البلاد والأعراف الاجتماعية والسلامة العامة.

وتنفي الجماعة أنها فرضت حظراً كاملاً على أنشطة المرأة، وسلطت الضوء على أنه تم إصدار نحو 9 آلاف تصريح عمل للنساء منذ استيلاء «طالبان» على السلطة، وأن كثيراً من النساء يعملن في القوى العاملة الأفغانية.

جندي يفحص وثائق الأشخاص الذين يعبرون إلى باكستان على الحدود الباكستانية - الأفغانية في تشامان بباكستان يوم 31 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الإفراج عن 54 مهاجراً أفغانياً من سجون باكستان

في غضون ذلك، ذكرت وزارة اللاجئين والعودة إلى الوطن الأفغانية أنه تم الإفراج عن أكثر من 50 مواطناً أفغانياً، كانوا مسجونين في سجون كراتشي وبيشاور، في باكستان؛ بسبب عدم حيازتهم وثائق قانونية.

وأضافت الوزارة أن هؤلاء الأفراد، الذين تم سجنهم لمدد تتراوح بين 3 و30 يوماً؛ بسبب عدم حيازتهم وثائق قانونية، عادوا إلى البلاد في الثاني من يناير (كانون الثاني)، من خلال معبرَي تورخام وسبين بولداك، حسب قناة «طلوع نيوز» التلفزيونية الأفغانية، أمس (السبت).

وقال عبد المطلب حقاني، المتحدث باسم وزارة اللاجئين والعودة إلى الوطن، أمس (السبت)، إنه «تم الإفراج عن 54 مواطناً أفغانياً، كانوا مسجونين في سجون كراتشي وبيشاور؛ بسبب عدم حيازتهم وثائق قانونية، وعادوا إلى البلاد». وكانت وزارة اللاجئين والعودة إلى الوطن، قد أعلنت سابقاً أن 11 ألف لاجئ أفغاني، لا يزالون مسجونين في إيران وباكستان، وأن الوزارة تعمل على الإفراج عنهم وإعادتهم إلى البلاد.