«بيادر» تحتضن مشروعات السعوديات لمواجهة المنافسة السوقية

يديرها صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة

تستضيف الحاضنات التي أطلق عليها اسم «بيادر» المشروعات النسائية التي تحتاج إلى دعم واستشارة لمدة 3 سنوات («الشرق الأوسط»)
تستضيف الحاضنات التي أطلق عليها اسم «بيادر» المشروعات النسائية التي تحتاج إلى دعم واستشارة لمدة 3 سنوات («الشرق الأوسط»)
TT

«بيادر» تحتضن مشروعات السعوديات لمواجهة المنافسة السوقية

تستضيف الحاضنات التي أطلق عليها اسم «بيادر» المشروعات النسائية التي تحتاج إلى دعم واستشارة لمدة 3 سنوات («الشرق الأوسط»)
تستضيف الحاضنات التي أطلق عليها اسم «بيادر» المشروعات النسائية التي تحتاج إلى دعم واستشارة لمدة 3 سنوات («الشرق الأوسط»)

يبدأ صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة، في تشغيل وإدارة أولى حاضنات أعمال نسائية غير ربحية على مستوى السعودية، حيث سيعلن الصندوق خلال الفترة المقبلة عن حزمة من المشروعات التي سيجري احتضانها.
وتستضيف الحاضنات التي أطلق عليها اسم «بيادر»، المشروعات النسائية التي تحتاج إلى دعم واستشارة لمدة ثلاث سنوات، بعدها يمكن للمشروع مواجهة المنافسة السوقية بشكل مستقل، ويوفر الصندوق بالإضافة إلى الموقع في الحاضنات التمويل إذا احتاج المشروع لذلك، حيث يصل حجم التمويل إلى نصف مليون ريال.
وكانت شركة أرامكو السعودية قد تولت بناء الحاضنات عبر اتفاقية عقدتها مع صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة، فيما تحظى المشروعات في الحاضنات بالشراكة مع برنامج واعد وهو إحدى مبادرات «أرامكو السعودية» لتحويل الشباب السعودي من باحثين عن الوظائف رواد الأعمال.
وتقول هناء الزهير المدير التنفيذي لصندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز، لتنمية المرأة: «يستعد الصندوق لاستقبال طلبات السيدات التي تتوافر في مشروعاتهن شروط للانضمام للحاضنات، حيث تخضع المشروعات المتقدمة للفحص والتدقيق من قبل فريق الصندوق».
وأوضحت الزهير، أن أبرز ما يشترطه الصندوق أن يكون لدى مالكة المشروع دراسة جدوى واضحة ومكتملة عن مشروعها، كذلك أن يكون المشروع قابلا للاحتضان، وأن يقدم قيمة مضافة، وأن يكون المشروع إنتاجيًا، وبعد الموافقة على المشروع تتعاقد إدارة الحاضنات مع مالكة المشروع وتخصص لها الموقع المناسب بحسب نوع وخطة وحجم المشروع.
ويهدف الصندوق من خلال الحاضنات إلى ربط المشروعات الصناعية الصغيرة ببعضها البعض، وتقديم الدعم للسيدات ولمشروعاتهن في المراحل الأولى حتى تتحول إلى مشروعات قادرة على خوض غمار المنافسة السوقية.
ويستهدف الصندوق احتضان حزمة من المشروعات النسائية عبر حاضنات «بيادر» في مجالات التصنيع والخدمات الاستشارية والتدريب والتقنية والخدمات الإدارية، ويقدم للمشروعات التي يتم احتضانها كامل الخدمات الاستشارية والفنية.
وكشفت الزهير أن الصندوق بدأ التأجير، وتابعت: «هناك خطة لبدء تشغيل حاضنات الأعمال الشهر المقبل»، وجرى تسلم الحاضنات منذ شهر ونصف تقريبًا.
ولفتت الزهير إلى أن الحاضنات تشمل خمسة مصانع صغيرة جرى تخصيصها تحت عنوان «المشروع الوطني»، هدفها توفير فرص عمل للمطلقات والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة، ويسعى الصندوق إلى عقد شراكات لتشغيلها، وقالت الزهير: «نحتاج إلى شركاء لتشغيل هذه المعامل مثل صندوق الموارد البشرية وغيره من الصناديق والمؤسسات التي يمكن أن تساهم مع الصندوق في ذلك».
وتضم حاضنات «بيادر» 28 وحدة بمساحات مختلفة و15 مكتبًا يمكن الاستفادة منها في الأعمال الإدارية والمكتبية بطريقة المشاركة، إضافة إلى عدد خمسة محلات تجارية ملحقة بالحاضنة، وعدد من القاعات يمكن الاستفادة منها في خدمات التدريب وورش العمل.
ويخطط صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة المالك للحاضنات إلى توفير بيئة راعية للمشروعات، بحيث لا تبقى تحت الحماية وتوفير الخدمات، فبمجرد ما تتأكد إدارة الحاضنات من قدرة المشروع على خوض المنافسة والقدرة على الاستمرارية توجه إدارة المشروع باستكماله خارج الحاضنة، بحيث لا يبقى تحت الرعاية أكثر من ثلاث سنوات كحد أقصى، ويستثنى من ذلك أربع حاضنات مخصصة للمعامل بحيث توفر لها الحضانة إلى خمس سنوات.
وتقام حاضنات «بيادر» على مساحة 6000 متر مربع في المدينة الصناعية الأولى، ويوفر الصندوق الحاضنات بأسعار مخفضة حتى تتمكن المشروعات من المنافسة السوقية، كما يتولى فريق استشاري من الصندوق الإشراف على مشروعات الحاضنة وتقديم التدريب والاستشارات الفنية والاقتصادية والقانونية لمالكات المشروعات.
ويشترط الصندوق أن تتولى السيدة صاحبة المشروع إدارته والإشراف عليه وأن تلتزم بقوانين وأنظمة الحاضنة وألا تتجاوز فترة الاحتضان أكثر من ثلاث سنوات.
وتقدم إدارة صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة تمويل بحد أقصى 500 ألف ريال للمشروع الواحد تقدم كقرض حسن، فيما إذا أثبتت دراسة الجدوى أن المشروع يحتاج إلى تمويل أكبر يحال المشروع إلى برنامج واعد التابع لشركة أرامكو السعودية، ويشار إلى أن صندوق الأمير سلطان قدّم تمويلاً لنحو 77 مشروعًا نسائيًا حتى الآن.
وجرى بناء حاضنة «بيادر» من قبل شركة أرامكو السعودية، حيث وقع صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة في مارس (آذار) من عام 2010 اتفاقية بناء الحاضنة لإيجاد بيئة مناسبة للمشروعات النسائية وتنويع سبل الدعم بعد أن تولى الصندوق في الفترة السابقة توفير التمويل والتدريب لمشروعات السيدات لدعم الحضور الاقتصادي للمرأة.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.