محاسبة الفاسدين في بغداد تبدأ بوزيرين و13 على قائمة الانتظار

إصدار مذكرات بإيقافهم ومنعهم من السفر.. و400 ملف على طاولة التحقيق

عبد الكريم عفتان ونعيم عبعوب
عبد الكريم عفتان ونعيم عبعوب
TT

محاسبة الفاسدين في بغداد تبدأ بوزيرين و13 على قائمة الانتظار

عبد الكريم عفتان ونعيم عبعوب
عبد الكريم عفتان ونعيم عبعوب

بدأت عجلة محاسبة الفاسدين في العراق، أمس، وفق ما يسمى «ملف الفساد» الذي اندلع قبل 3 أشهر بمظاهرات عارمة تطالب بمحاسبة الفاسدين من كبار رجال الدولة، خصوصًا في حقبة نوري المالكي التي وصفت بأنها «حقبة الفساد»، بينما ينتظر نحو 13 وزيرًا أن يتم إيقافهم وإحالتهم للقضاء.
وأصدر القضاء العراقي، أمس (الخميس)، مذكرات قبض واستقدام بحق وزيري الكهرباء السابق (عبد الكريم عفتان) والحالي (قاسم الفهداوي)، بالإضافة إلى أميني بغداد السابق (نعيم عبعوب) والأسبق (عبد الحسين المرشدي)، وكليهما بدرجة وزير، بالإضافة إلى عشرات المسؤولين والمدراء العامين في وزارتي الكهرباء وأمانة بغداد.
وجاء التحرك العراقي بعد دخول المظاهرات في العراق شهرها الثالث التي رفعت شعارات وهتافات بمحاربة الفساد المستشري في البلاد منذ 12 عامًا، لتأتي لجنة النزاهة في البرلمان العراقي لتعلن عن قرب صدور مذكرات إلقاء قبض بحق وزراء ومسؤولين كبار خلال الأيام القليلة المقبلة، فإن منظمي المظاهرات عبروا عن رضاهم عن هذه الإجراءات وإن بدت متأخرة.
وقالت السلطة القضائية في العراق، على لسان المتحدّث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى، القاضي عبد الستار بيرقدار، في بيان لها، إنه «تعقيبًا على تصريحات رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري، فإن محكمة التحقيق المتخصصة بدعاوى النزاهة في بغداد هي من أصدرت مذكرات القبض والاستقدام بحق المسؤولين في أمانة بغداد ووزارة الكهرباء».
وأضاف البيان أن «مذكرات القبض التي صدرت بحق وزير الكهرباء السابق عبد الكريم عفتان وعدد من المسؤولين في الوزارة، كانت على أثر شبهات فساد تتعلق بعقد إنشاء محطة كهرباء في محافظة الديوانية»، مشيرًا إلى أن «مذكرات قبض أخرى صدرت بحق مسؤولين في وزارة الكهرباء بدرجة مدير عام، إضافة إلى مذكرة استقدام بحق الوزير الحالي قاسم الفهداوي عن تهم تتعلق بشراء عجلات مصفحة للوزارة من الموازنة الاستثمارية».
وأكد البيان أن «مذكرات قبض صدرت أيضًا بحق أعضاء في لجنة لتوزيع قطع أراض مخصصة للفقراء مشكلة في أمانة بغداد»، لافتًا إلى أن «هذه المذكرات طالت أمين بغداد السابق نعيم عبعوب، وسلفه عبد الحسين المرشدي، وعددًا من مسؤولي الأمانة».
وأوضح أن «هناك تهمًا تشير إلى توزيع هذه اللجنة للأراضي ومساحة الواحدة منها 150 مترًا على أقارب أعضائها خارج السياقات القانونية»، مشددًا على أن «مذكرات قبض أخرى صدرت بحق مسؤولين في أمانة بغداد عن تهم صرف مبالغ مالية خارج الصلاحيات، أسفرت عن ديون تقدر بمليارات الدنانير».
في سياق متصل، كشفت هيئة النزاهة عن منع سفر من صدرت بحقهم مذكرات قبض واستقدام. وقال رئيس الهيئة حسن الياسري في بيان له إنه «صدرت أوامر قبض لأميني بغداد السابقين نعيم عبعوب وعبد الحسين المرشدي، وصدور مذكرة استقدام لوزير الكهرباء الحالي قاسم الفهداوي، والسابق عبد الكريم عفتان، مع مدراء عامين في أمانة بغداد والوزارة» للتحقيق بقضايا وملفات فساد كبيرة في وزارة الكهرباء وأمانة بغداد».
وفي هذا السياق، أكدت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي أن إصدار مذكرات القبض والاستقدام هذه بحق هؤلاء المسؤولين إنما هي مقدمة لفتح ملف الفساد الشائك في العراق على مصراعيه.
إلى ذلك، قال عضو اللجنة أردلان نور الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك ملفات لاحقة هي الآن في طور التحقيق وبعضها شبه اكتمل، وقد أحيل بعضها إلى هيئة النزاهة الحكومية وإلى القضاء من أجل التعامل معها وفقًا للقانون، لأن ملف الفساد في العراق شائك ومعقد وكان طوال السنوات الماضية محميًا بدرجة كبيرة من قبل الكتل السياسية».
وأضاف أن «هناك أكثر من 400 ملف فساد ما زالت في طور التحقيق في مختلف القضايا وتشمل معظم الوزارات، وهناك أكثر من 150 متهمًا من درجة مدير عام فما فوق تحوم حولهم الشبهات، وسوف تحال ملفاتهم إلى القضاء»، مشيرًا إلى أن «هناك نحو 13 وزيرًا في الحكومة السابقة التي ترأسها نوري المالكي لدورتين ممن اكتملت ملفاتهم، وسوف يحالون إلى النزاهة في حين تجري التحقيقات حاليًا مع بعض الوزراء من الحكومة الحالية، ولكنها لم تصل إلى درجة الاتهام حتى الآن».
من جهته، أكد القيادي في التيار المدني وأحد منظمي المظاهرات الجماهيرية في بغداد جاسم الحلفي، أن «تواصل المظاهرات الجماهيرية في بغداد وعدد كبير من المحافظات العراقية ودخولها الشهر الثالث، هو الذي حفز السلطة القضائية على اتخاذ مثل هذه الإجراءات التي وإن جاءت متأخرة لكنها مهمة».
وقال الحلفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «النزاهة والقضاء، رغم كل الضغط الجماهيري عبر المظاهرات، فضلاً عن ضغط المرجعية الدينية، تأخرا في فتح ملفات كانت معروفة، ناهيك بأن القضاء نفسه كان ولا يزال إلى حد كبير متهمًا إما بعدم الجدية في التعامل مع قضايا الفساد أو التغطية على الكثير من الملفات التي كانت تطال الحكومة السابقة التي أهدرت نحو تريليون دولار».
وأشار الحلفي إلى أن «المذكرات التي صدرت الآن بحق وزراء ومسؤولين في الكهرباء وأمانة بغداد، تمثل جانبًا من جوانب الفساد التي نادت بها المظاهرات طوال الشهرين الماضيين، وهو ما يعني أن العجلة بدأت تدور وهي إحدى ثمار النصر الذي قطفته المظاهرات».
وأوضح الحلفي أن «الذي حصل بإصدار هذه المذكرات سوف يزيدنا إصرارًا على مواصلة المظاهرات والضغط من أجل الإسراع في إحالة الملفات الأخرى العالقة التي يراد تأجيلها من قبل جهات معنية تضغط بهذا الاتجاه، كما أننا سوف نعمل من جانبنا على الضغط على رئيس الوزراء حيدر العبادي من أجل أن تكون إجراءاته أكثر فاعلية، لأننا لن نتوقف قبل أن يقدم كبار الفاسدين إلى العدالة».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.