القدس ثكنة عسكرية .. وإسرائيل تبدأ إجراءات سحب هويات الفلسطينيين

حولتها إلى كانتونات محاصرة بالمكعبات الإسمنتية والحواجز .. والفصائل تدعو إلى «جمعة غضب»

القدس ثكنة عسكرية .. وإسرائيل تبدأ إجراءات سحب هويات الفلسطينيين
TT

القدس ثكنة عسكرية .. وإسرائيل تبدأ إجراءات سحب هويات الفلسطينيين

القدس ثكنة عسكرية .. وإسرائيل تبدأ إجراءات سحب هويات الفلسطينيين

حولت إسرائيل الأحياء العربية في القدس إلى كانتونات محاصرة بالمكعبات الإسمنتية والحواجز والسيارات العسكرية، وأغلقت مداخلها، وراحت تفتش المارة بشكل دقيق، فيما بدأت خطوات إضافية لسحب «الجنسية» و«حق الإقامة» من الفلسطينيين في القدس والداخل، ضمن الإجراءات التي أقرها المجلس الوزاري الأمني والسياسي المصغر، لمواجهة «انتفاضة المدى» التي تدخل اليوم أسبوعها الثالث. وقد دفعت إسرائيل المئات من جنودها إلى البلدات العربية، وأغلقت شوارع كاملة بالمكعبات الإسمنتية الكبيرة، وأخضعت السكان لإجراءات أمنية مشددة، فيما بدت الشوارع الأخرى التي يرتادها اليهود ووسائل النقل، شبه فارغة بسبب المخاوف من التعرض لهجمات.
وأعلنت وزيرة العدل الإسرائيلية المتطرفة أيليت شاكيد، أن وزارتها شرعت في إجراءات سحب الجنسية أو حق الإقامة الدائمة من منفذي العمليات وعائلاتهم، قائلة إنه «ستتم أيضًا، مصادرة أملاك منفذي العمليات وهدم منازلهم».
ووزعت القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، قرارات بإخلاء منازل فلسطينيين تمهيدا لهدمها، وسلمت عائلتي معاذ وعبد الله حامد في سلواد وفي رام الله، قرارا بإخلاء منزليهما خلال 72 ساعة، بتهمة مشاركة الشابين في عملية إطلاق النار على سيارة للمستوطنين بين رام الله ونابلس في شهر يوليو (تموز) الماضي. كما سلمت سلطات الاحتلال عائلة مهند الحلبي قرارا بهدم منزلها الكائن في قرية سردا شمال مدينة رام الله، إضافة إلى عائلات ثلاثة معتقلين من منفذي عملية «ايتمار» قرب بلدة «يبت فوريك» في نابلس.
على صعيد آخر، دعا وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان، إلى تشكيل حكومة واسعة تركّز جل مجهودها على الصعيد الإعلامي لشرح موقف إسرائيل دوليًا. كما دافع إردان عن قراره تقديم تسهيلات للمدنيين الراغبين في الحصول على رخصة لحمل السلاح، قائلاً إن الأيام الأخيرة شهدت حالات تحرّك المدنيين المسلحين لنجدة قوات الأمن في محاربة الإرهاب وإنقاذ حياة الأبرياء. وأضاف أن التسهيلات لن تُمنح إلا للمدنيين أصحاب المهارات في استخدام السلاح.
وعقب أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني علي أبو دياك، على تصريحات وزيرة القضاء الإسرائيلية بقوله: «ما تسمى وزيرة العدل شاكيد لا تخجل من السلوك الإجرامي لحكومتها وهي تعدم الأطفال برصاص جيشها المسكون بالخوف من أطفال فلسطين، وما يزعجها فقط في هذه المشاهد الإجرامية الوحشية، هو قيام تلفزيون فلسطين بكشف جرائمهم بحق أبناء شعبنا».
وميدانيا سيطر الهدوء على غير العادة خلال الأسبوعين الأخيرين في القدس والضفة الغربية.
ولم تسجل حتى ساعات المساء، أي عمليات في القدس التي تحولت إلى ثكنة عسكرية من دون مستوطنين، ولم تشهد الضفة مواجهات تذكر.
وسقط خلال الأسبوعين الماضيين 33 فلسطينيا في القدس والضفة وغزة. وقالت وزارة الصحة إنه حتى صباح أمس «وصل عدد (الشهداء) في الضفة الغربية وقطاع غزة، منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) 32 (شهيدًا)، منهم 7 أطفال، وذلك بعد قتل قوات الاحتلال شابين، الأربعاء في القدس المحتلة». وأعلنت الوزارة أن عدد المصابين منذ بداية أكتوبر، في الضفة الغربية وقطاع غزة، بلغ 1300 مصابًا على الأقل، من بينهم نحو 550 بالرصاص الحي، ونحو 600 بالرصاص المطاطي، فيما أصيب نتيجة الضرب من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين، 137 مواطنًا، إضافة إلى 6 مواطنين أصيبوا بالحروق.
وأشارت الوزارة إلى أن أكثر من 200 طفل أصيبوا منذ بداية أكتوبر، إضافة إلى أكثر من 40 امرأة.
من جهتيهما، دعت حركتا الجهاد الإسلامي وحماس، إلى اعتبار اليوم الجمعة «جمعة غضب»، للتأكيد على استمرار الانتفاضة ودعمها. وطالبت حركة «حماس»، في بيان لها، جماهير الشعب الفلسطيني المنتفض في الضفة الغربية المحتلة، إلى المشاركة الفاعلة والواسعة والغاضبة في مظاهرات ومواجهات اليوم، التي ستنطلق في كافة المحافظات عقب صلاة الجمعة. وشدد على ضرورة إشعال المواجهات في جميع مناطق التماس، ردًا على جرائم الاحتلال الغاصب، ووفاء للأقصى والشهداء والأسرى والجرحى. ودعت الحركة إلى توحيد رفع العلم الفلسطيني، مرحبة بحالة الوحدة والتلاحم التي يجسدها أبناء الشعب الفلسطيني على مختلف نقاط التماس، مطالبة كافة شرائح الشعب الفلسطيني بالانخراط السريع في الانتفاضة، وبتعزيز مظاهر الوحدة بكل أشكالها. وطالبت حركة الجهاد في بيان، برفع علم فلسطين في كافة أماكن التماس تعبيرًا على وحدة الشعب الفلسطيني، تحت عنوان «استمرار الانتفاضة». كما دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى اعتبار يوم الجمعة يوم غضب شعبي شامل في فلسطين، ودعت إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة من جميع الفصائل والقوى ومنظمات المجتمع الأهلي في الضفة وغزة، ذات مرجعية موحدة في القدس المحتلة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.