غينيا: كوندي قريب من الفوز.. والمعارضة ترفض النتيجة

مرشح المعارضة الرئيسي يعلن انسحابه.. ويدعو للمقاومة بكل السبل

مواطنون يصطفون أمام مدخل أحد مكاتب التصويت في كوناكري للإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات التي جرت الأحد الماضي (أ.ب)
مواطنون يصطفون أمام مدخل أحد مكاتب التصويت في كوناكري للإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات التي جرت الأحد الماضي (أ.ب)
TT

غينيا: كوندي قريب من الفوز.. والمعارضة ترفض النتيجة

مواطنون يصطفون أمام مدخل أحد مكاتب التصويت في كوناكري للإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات التي جرت الأحد الماضي (أ.ب)
مواطنون يصطفون أمام مدخل أحد مكاتب التصويت في كوناكري للإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات التي جرت الأحد الماضي (أ.ب)

ذكرت اللجنة الانتخابية في غينيا في وقت متأخر من مساء أول من أمس، أن الرئيس ألفا كوندي يتجه للفوز بولاية رئاسية جديدة بأغلبية ساحقة من الأصوات، وذلك بنسبة 83 في المائة مع فرز معظم بطاقات الاقتراع للانتخابات التي أجريت الأحد الماضي.
ويرى مراقبون أن الانتخابات مرت بسلام إلى حد ما، رغم أنه كانت هناك أعمال عنف مميتة يومي الجمعة والسبت الماضيين، بعد أن رفضت المحكمة الدستورية الغينية طلبا لأحزاب المعارضة بتأجيل الانتخابات.
وحصل سيلو دالين ديالو، منافس كوندي الرئيسي، على 5.4 في المائة من الأصوات بعد فرز نحو 80 في المائة من الأصوات، بحسب ما أعلنه رئيس لجنة الانتخابات باكاري فوفانا أمس. لكن ديالو رفض نتائج الانتخابات، ودعا إلى المقاومة «بكل السبل القانونية»، بما في ذلك تنظيم المظاهرات السلمية.
وكان كوندي قد فاز على ديالو في أول انتخابات ديمقراطية تشهدها البلاد عام 2010 بعد أعوام من الحكم العسكري، فيما يرى مراقبون سياسيون أن كثيرا من أعمال العنف التي تشهدها غينيا ترجع جذورها إلى التناحر السياسي بين جماعة «مالينكي» العرقية، التي ينتمي إليها كوندي، وجماعة «فولاني» التي تدعم ديالو.
وتقدم رئيس غينيا المنتهية ولايته ألفا كوندي بوضوح على منافسيه في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأحد الماضي، وفق نتائج جزئية أولية أعلنتها أمس اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة. لكن قبيل هذا الإعلان بساعات، أعلن سيلو دالين ديالو، زعيم المعارضة، الذي يطالب بإلغاء الجولة الأولى من الانتخابات ويندد بـ«تزوير مكثف»، عبر المتحدث باسمه أبو بكر سيلا، عن «إنهاء مشاركته في العملية الانتخابية الحالية»، وسحب ممثليه في هذه «الانتخابات الزائفة».
وأضاف المتحدث أن حزب ديالو «يؤكد مجددا تصميمه على استخدام كل الوسائل القانونية، بما فيها المظاهرات السلمية المرخص لها بحسب دستورنا، للاحتجاج على ازدراء قواعد الديمقراطية والعدالة الذي اقترفته السلطات».
وأظهرت النتائج الجزئية، التي تشمل نحو ربع الناخبين، تقدما واضحا للرئيس المنتهية ولايته أمام ديالو، الذي تقدم بدوره بوضوح على باقي المترشحين الستة، فيما تأمل اللجنة الانتخابية أن تعلن النتائج الوقتية على المستوى الوطني نهاية الأسبوع.
وندد المرشحون السبعة المنافسون لكوندي، من جهتهم، بما وصفوها بـ«المهزلة الانتخابية»، وطالبوا بإلغاء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
وأظهرت أرقام ثلاث من الدوائر الانتخابية الخمس بالعاصمة كوناكري حصول كوندي على 55 في المائة، و60 في المائة، و49 في المائة من الأصوات. لكن يتعين أن تصدق المحكمة الدستورية على جميع النتائج.
وتملك غينيا تاريخا حافلا من العنف السياسي، بما ذلك العنف المرتبط بانتخابات عام 2010 التي جاءت بكوندي إلى السلطة. وكمثال على ذلك، فقد أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع أول من أمس على محتجين في العاصمة، بينما دعت الحكومة إلى الهدوء.
وقال أبو بكر سيلا، مدير حملة ديالو الانتخابية: «أيا كانت النتائج التي ستعلن، فإننا سنعتبر أنها ليست لها علاقة بالواقع. وفي كل الأحوال، لن نعترف بها».
وبينما أظهرت نتائج أولية أذاعتها محطات إذاعية تقدم كوندي بفارق واضح، توقع محللون كثيرون أن تأتي النتائج متقاربة، بما يستدعي جولة إعادة ستكون في الغالب بين كوندي ومنافسه الرئيسي ديالو، الذي لم يتضح كيف سيؤثر انسحابه على العملية.
وأدلى ملايين من الناخبين، الذين يمثلون نحو 75 في المائة من السكان، بأصواتهم في انتخابات الأحد الماضي، ثاني انتخابات حرة في غينيا منذ استقلالها قبل نحو 60 عاما.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.