الأمم المتحدة تدعو حكومة هادي والحوثيين للمشاركة في محادثات سلام بلا شروط مسبقة

ولد الشيخ يلتقي الرئيس اليمني في الرياض للتشاور

الأمم المتحدة تدعو حكومة هادي والحوثيين للمشاركة في محادثات سلام بلا شروط مسبقة
TT

الأمم المتحدة تدعو حكومة هادي والحوثيين للمشاركة في محادثات سلام بلا شروط مسبقة

الأمم المتحدة تدعو حكومة هادي والحوثيين للمشاركة في محادثات سلام بلا شروط مسبقة

أعرب نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون أمس الخميس عن أمله في إجراء محادثات سلام بشأن اليمن بحلول نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. ودعا الياسون الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي في جنيف كلا من الحوثيين وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي للمشاركة في محادثات سلام بلا شروط مسبقة.
في غضون ذلك يصل إلى العاصمة السعودية الرياض اليوم إسماعيل ولد الشيخ مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن، لعقد مباحثات مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وتسبقها لقاءات مع الحكومة اليمنية، والأحزاب السياسية. وأوضحت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن ولد الشيخ، سيلتقي اليوم الحكومة اليمنية، والأحزاب السياسية، للتشاور حول التزام الحوثيين، وحليفهم علي عبد الله صالح بالقرار الأممي 2216. وطرح مشروع جولة مباحثات جديدة بين الشرعية والانقلابيين.
وقالت المصادر، إن جولة ولد الشيخ، سيترتب عليها، موافقة الشرعية اليمنية، على تحديد مكان اللقاء، وبدء مفاوضات جديدة مع الانقلابيين، بعد فشل مباحثات جنيف، التي انتهت، دون أن يتوصل الطرفان إلى أي اتفاق.
واستغل الرئيس هادي مناسبة الذكرى الـ52 لثورة 14 أكتوبر، ليعلن تأكيده بضرورة التزام الانقلابيين بقرار مجلس الأمن دون قيد أو شرط، ردّا على الشروط التي طرحها الحوثيون في رسالة لهم الأسبوع الماضي للأمين العام للأمم المتحدة وهي شروط رفضتها الحكومة اليمنية الشرعية.
واتهم الرئيس هادي النظام البائد بقيادة علي عبد الله صالح – حسب تعبيره - باستثمار النضالات اليمنية لتحقيق مصالحه ومصالح أبنائه والتحالف مع الإماميين وتوجيه طعناته الغادرة بثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين.
وأكد هادي في مقال له أول من أمس أن الثورات صنعها الشعب وسيظل الشعب حارسها الأمين وعينها الساهرة من كل لصوص الثورات وسارقي الأحداث.
ومن جهته جدد تأكيده أن الحراك السلمي الجنوبي وثورة الشباب السلمية 2011 جاءا لقطع الأيادي السوداء التي امتدت لتشويه ثورتي سبتمبر وأكتوبر وليكتبا حكاية تاريخهما الأبيض ليظل أبيض كما صنعته الأيادي البيضاء.
وقال الدكتور فضل علي حسين، رئيس المؤتمر الشعبي العام الأسبق في محافظة الضالع، جنوب اليمن لـ«الشرق الأوسط» لو أن الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس صالح، جادون بموافقتهم اليوم، لكانوا وافقوا قبل فوات الأوان، وقبل كل هذه الخسائر، مشيرا أن المسألة برمتها مجرد تكتيك ومجرد كسب للوقت، فهؤلاء لا يختلفون عن بشار الأسد فلديهم اعتقاد أن الدولة واليمن ملكية شخصية ورثوها أبا عن جد.
وقال أمين عام اتحاد شباب الجنوب، منصور زيد حيدرة، لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية لا تحمل مشروعا وطنيا كما ادعت، والدليل أنها تحالفت مع قوى الفساد والطاغية صالح، الذي حاربها سنوات، بل كانوا أدوات لتنفيذ مشروع خارجي خلق من رحم الصراع الإقليمي، ومن تاريخ هذه الجماعة التي تدعي أنها هي من لها الحكم، وحاولوا فرضه بالقوة العسكرية.
وأضاف أن هذا المشروع فشل أمام قوة وصلابة المقاومة الجنوبية ودعم التحالف العربي لها، ووصل هذا المشروع إلى طريق مسدود، خاصة في الجنوب، وسيفشل أيضا في الشمال، مشيرا أن كل احتمائهم بالأمم المتحدة وقبولهم بتنفيذ القرار الدولي 2216، هو مناورة سياسية منهم وذلك لقناعتهم أنهم لم يصمدوا أمام قوة التحالف والمقاومة، لافتا إلى أنهم يرون أن الحفاظ على قوتهم في الشمال مقابل التوقف عن الضربات الجوية.
وقال زيد السلامي، ناشط سياسي، عضو مؤتمر الحوار الوطني، المتواجد منذ اندلاع الحرب في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن لجوء الميليشيات وأتباع صالح واحتماءهما بمظلة الأمم المتحدة تأتي مع اقتراب قوات التحالف والمقاومة من أبواب صنعاء، وكالعادة يريد المخلوع صالح تحقيق بعض المكاسب السياسية بعد فشله في تحقيق شيء على الأرض غير سفك دماء اليمنيين الأبرياء وتهجير الآلاف منهم.
وأضاف السلامي أن دعوات الأمم المتحدة ستكون مثل سابقاتها التي ستصطدم عند النقطة ذاتها والمتعلقة بتنفيذ قرار مجلس الأمن، الذي يعد واضحا في جميع بنوده، ولا يقبل التأويل أو التسويف حوله، مشيرا لكيفية تنفيذه، فهو عبارة عن خريطة الطريق، وإذا أراد صالح والحوثي تطبيق القرار فليبادروا بذلك دون قيد أو شرط إلى الانسحاب من جميع المدن، وتسليم السلاح، والإفراج عن جميع المختطفين السياسيين والإعلاميين بما فيهم وزير الدفاع.
وكان المبعوث الدولي، إسماعيل ولد شيخ، توصل في وقت سابق مع الأطراف اليمنية المتحاربة إلى صيغة مؤلفة من سبعة بنود، أبرزها الالتزام بالقرار الدولي 2216، غير أن الحكومة اشترطت لقبولها بنود الاتفاق الإعلان صراحة من الانقلابيين بالالتزام بالقرار دون شروط.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.