الاحتلال يحكم حصار القدس الشرقية.. وعقوبات جماعية بفرض «الأطواق»

مسؤول مخابراتي إسرائيلي: إجراءات القبضة الحديدية جُربت سابقًا وفشلت

الاحتلال يحكم حصار القدس الشرقية.. وعقوبات جماعية بفرض «الأطواق»
TT

الاحتلال يحكم حصار القدس الشرقية.. وعقوبات جماعية بفرض «الأطواق»

الاحتلال يحكم حصار القدس الشرقية.. وعقوبات جماعية بفرض «الأطواق»

أكد كثير من الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين أن الإجراءات التي اتخذها المجلس الوزاري الأمني المصغر، فجر أمس، وفيها تشديد للقبضة الحديدية ضد الفلسطينيين وفرض طوق جديد على القدس الشرقية المحتلة وسلسلة عقوبات جماعية على المواطنين، جربت في الماضي أيضًا ولم تنفع.
وكان «المجلس المصغر» عقد جلستين أول من أمس واختتم النقاش فيهما في ساعات الفجر الأولى من يوم أمس، وتقرر فيه منح الشرطة صلاحية المبادرة إلى فرض الإغلاق أو الحصار على مراكز الاحتكاك والتحريض في القدس الشرقية، حسب مقتضيات المعايير الأمنية. كما صدق الوزراء على سحب الإقامة الدائمة من منفذي العمليات المسلحة ومصادرة أملاكهم، إضافة إلى هدم بيوت عائلات المخربين، ولن يسمح منذ الآن بإعادة بناء ما تم هدمه من بيوتهم، ومصادرة الأرض أيضا. وتقرر زيادة وتوسيع القوة التنفيذية للشرطة وتدعيمها بواسطة قوات الجيش في المدن وعلى مفارق الطرق، كما تقرر تجنيد 300 حارس آخر للمواصلات العامة في القدس، بتكلفة 80 مليون شيقل.
ووجه المجلس الوزاري الجيش إلى نشر قواته في الأماكن الحساسة قرب الجدار الأمني، كما أمر نتنياهو بالعمل على إنهاء إنشاء الجدار الأمني، خصوصا في منطقة جنوب جبل الخليل. وقال نتنياهو إنه لن يتردد في استخدام كل الوسائل التي تملكها إسرائيل من أجل إعادة الهدوء.
لكن هذه اللهجة وما رافقها من مقررات قوبلت بردود فعل شديدة وبشكل خاص من الجنرالات وكبار الموظفين من ذوي الخبرة. وقال رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق، الذي شغل في الجيش منصب قائد سلاح البحرية أيضا، عامي أيلون، إن «زيادة ألف رجل شرطة وألف جندي لن يتمكنوا من إخماد النيران المشتعلة والقاتلة في القدس، في الضفة، ولا (الجمرات المتقدة) في غزة. لن تغيّر الخطابات وجلسات (المجلس المصغّر) العاقر أي شيء مما يحدث في هذه الأوقات بيننا وبين مئات آلاف الشباب الفلسطينيين. سنتمتع بالأمن عندما يكون لديهم أمل. أمل الفلسطينيين آخذ في التلاشي بشكل متواصل ومتسلسل منذ سنوات، في المقابل أملنا نحن آخذ في الاختفاء رويدا رويدا. وأضاف يعلون في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «العنف، الذي بلغ ذروته الدموية في الأسابيع الأخيرة في القدس والضفة الغربية لا يفترض به أن يفاجئ أحدا، فقد حذّرت أجهزة الأمن الإسرائيلية منه. صحافيون يعرفون الوضع ميدانيا وقد سبق أن كتبوا عنه، ساسة في العالم حذّروا من الانفجار بسبب الركود السياسي. لكن يبدو أن رئيس الوزراء وحكومته غضّوا الطرف».
وفي رد على سؤال عما ينبغي أن يتضمنه خطاب كهذا، أجاب أيلون: «كان بوسع نتنياهو، رغم التحفظات الإسرائيلية على مبادرة السلام العربية، أن يدعو إلى مناقشتها في إطار محادثات إقليمية، بمسعى نحو تطبيع العلاقات. كان بوسعه، لو رغب فقط، أن يدعو إلى استئناف المفاوضات مباشرة مع أبو مازن استعدادا لاتفاق دولتين للشعبين، بعملية جدية، متواصلة ومُلزمة تؤدي إلى (اعتدال) الصراع، وفيما بعد، عبر عملية تدريجية لكن متواصلة، لحل المسائل والقضايا المركزية التي هي رهن الخلاف. لو أنه قال فقط: (الدرب مليء بالمطبات، لكن هدفنا هو إيجاد طريقة للتغلب على الصعوبات».
وقال النائب السابق لرئيس المخابرات يسرائيل حسون إن الإجراءات التي اتخذت اليوم ليست جديدة وكلها وأكثر منها جربت في الماضي وفشلت في تحقيق التهدئة. ودعا نتنياهو إلى الامتناع عن تكرار أخطاء الماضي، وقال: «العنف يولد العنف والضغط يولد الانفجار. ابتعد عن العقوبات الجماعية، فهذه هي أكبر دافع للفلسطينيين أن يصعدوا العنف».
ورد حسون على إعلان نتنياهو، أمس، أنه يريد تسوية الصراع مع الفلسطينيين ودعوته الرئيس الفلسطيني إلى لقاء فوري للمفاوضات حول التسوية. ودعاه إلى البحث بشكل جدي في هذا الموضوع وليس بمجرد كلام والقول إنه يريد إحداث انعطاف سياسي في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني نحو الحل.
وقال المستشار الأسبق لرئيس بلدية القدس أمير حيشن إن الإجراءات التي اتخذت في المجلس الوزاري تعني الاعتراف بأن القدس الشرقية محتلة. وهذا جيد ولكن ليس بطريقة الفرض العسكري، ويجب أن يكون باتفاق سياسي. وأضاف: «فرض الطوق الحالي يعني فرض عقوبات جماعية على سكان القدس. والترجمة العملية لذلك هي دفع مزيد من الفلسطينيين إلى المشاركة في دوامة العنف».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.