الاقتصاد الأميركي على شفا أزمة اقتصادية جديدة

«الفيدرالي» أكثر تشاؤمًا تجاه التعافي رغم العديد من التدابير

الاقتصاد الأميركي على شفا أزمة اقتصادية جديدة
TT

الاقتصاد الأميركي على شفا أزمة اقتصادية جديدة

الاقتصاد الأميركي على شفا أزمة اقتصادية جديدة

يبدو أن الاقتصاد الأميركي يتجه بخطى واضحة نحو حالة من الركود، وسط إشارات سلبية كبيرة تُحيط بسوق السندات الأميركية، فضلاً عن المؤشرات المنخفضة حول القطاعات الاقتصادية المختلفة.
فاليوم، تستمر هوامش الائتمان ذات العائد المرتفع في التوسع، وترتفع معدلات التخلف عن السداد، التي من المنتظر أن تتضاعف في عام 2016، وذلك من شأنه أن يزيد من تكاليف الاقتراض للشركات في الولايات المتحدة عنه في الدول الأخرى، وهذا يشير إلى خطر النمو السلبي للاقتصاد الأميركي.
وأشار مراقبو السوق إلى الارتفاع الأخير في هوامش السندات ذات العائد المرتفع، وأشاروا أيضًا إلى أن هذا هو نوع من التحرك الذي يحدث مع مرور الاقتصاد إلى الركود.
وسوق السندات ذات العائد المرتفع حساسة بشكل خاص للدورات الاقتصادية، وهي معروفة بالسندات غير المرغوب فيها، وتصدر هذه السندات الديون من قبل الشركات ذات جودة الائتمان المنخفضة. وبسبب ارتفاع المخاطر التي تصطحب القروض الممنوحة لهذه الشركات، فهم في حاجة لتقديم عائدات أعلى من تلك التي تُصنف ضمن الدرجة الاستثمارية الأعلى.
وقال آدم ريتشموند الاقتصادي بـ«مورغان ستانلي»، في تقرير صدر الجمعة الماضي: «واجهت أسواق الائتمان في الولايات المتحدة رياحًا سلبية واحدة تلو الأخرى، من ضائقة كبيرة في الطاقة لمخاطر ضعف النمو العالمي، إلى حالة من عدم اليقين حول رفع سعر الفائدة».
وقال بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي السابق، في مقابلة صحافية نشرت الأحد، إن «أكثر المديرين التنفيذيين للشركات يجب أن تتم مقاضاتهم عن أفعالهم التي أدت إلى الأزمة المالية لعام 2008».
وبرنانكي، الذي تقاعد من مجلس الاحتياطي الاتحادي في العام الماضي بعد ثماني سنوات تقلد خلالها منصب الرئاسة، تحدث عن الأزمة المالية قائلا: «أعتقد أن هناك احتمالا كبيرا يمنع استقرار النظام المالي، وأننا يمكن أن نذهب إلى كساد على غرار الكساد الكبير في 1930».
واعترف برنانكي، في المقابلة، بأن المحللين كانوا بطيئين في إدراك مدى خطورة أن يحدث الانكماش الاقتصادي، وانتقد نفسه لعدم بذل المزيد من الجهد ليشرح لماذا كان في المصلحة العامة إنقاذ الشركات المالية التي ساعدت بشكل كبير في التسبب بالأزمة.
والغريب في الأمر أن الولايات المتحدة اتخذت العديد من التدابير، هي الأفضل شكلاً منذ نهاية الكساد العظيم. فالبطالة في أدنى مستوى لها منذ سبع سنوات، والاستهلاك المحلي يرتفع، ومبيعات السيارات عند أعلى مستوياتها في 10 أعوام، وأسعار البنزين رخيصة جدًا.
رغم ذلك، يتزايد القلق بشأن مستقل الاقتصاد الأميركي، وسط عمليات بيع في سوق الأوراق المالية في نهاية الصيف ناجمة عن تباطؤ الاقتصاد الصيني العملاق.
وارتفعت التوقعات باحتمال تعثر الاقتصاد الأميركي بعد تراجع قدرة الولايات المتحدة على خلق الوظائف الجديدة لأدنى مستوى في غضون ثلاث سنوات. وسجلت الولايات المتحدة أقل عدد من الوظائف في شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين منذ منتصف عام 2012.
وأظهرت تقارير العمالة، الصادرة من قبل وزارة العمل الأميركية، أن الدولة أنشأت في سبتمبر 142 ألف فرصة عمل جديدة، وهي أقل بكثير من التوقعات، وأقل بكثير من متوسط العام الماضي البالغ 260 ألف وظيفة جديدة في الشهر.
وفي الشهر الماضي، غادر 579 ألف من الأميركيين القوى العاملة، وهو رقم أعلى يتجاوز أربعة أضعاف عدد الوظائف الجديدة في سبتمبر. وبالتالي، انخفض معدل المشاركة في القوى العاملة إلى 62.2 في المائة، وهو أدنى مستوى له منذ عام 1977.
والتباطؤ في معدلات التوظيف ينبع جزئيًا من الإجراءات التقشفية التي اتخذت من قبل الشركات المصنعة والمنتجة للطاقة.
وعلى النحو ذاته، يؤثر ارتفاع الدولار سلبًا على الصادرات، في حين أن انخفاض أسعار النفط قد أجبر شركات الحفر على تخفيض فرص العمل والحد من الإنفاق.
وقوة الدولار والنفط الرخيص تبقي أيضًا التضخم أقل بكثير من مستوى 2 في المائة الذي يعتقد بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه سيكون الأكثر ملاءمة للاقتصاد.
ولدى الولايات المتحدة مشكلة أكثر خطورة على الاقتصاد، وهي الارتفاع الكبير في حجم الديون الداخلية التي لا تزال مستمرة في النمو بمعدل ينذر بالخطر.
وأظهرت التقارير الاقتصادية، التي صدرت خلال الأسبوع الحالي، صورة سلبية حول توقعات مستقبل الاقتصاد الأميركي. فعلى الرغم من ارتفاع مبيعات التجزئة في سبتمبر، انخفضت أسعار الغاز في محطات البنزين نحو 8 في المائة في الشهر الماضي، التي من شأنها أن تقلل من حجم المبيعات الإجمالية.
وقال جيرمي لوسون كبير الاقتصاديين في مؤسسة «ستاندرد لايف إنفستمنتس»: «أظهرت مسوحات مؤشرات التصنيع في أميركا أنه من المرجح أن تظل الشركات تحت ضغط شديد من قوة الدولار. وأثار ذلك مخاوف بشأن حدوث تباطؤ في الإنتاج في الربع الثالث من العام الحالي، حيث تسعى الشركات إلى خفض المخزونات لمنعها من التكدس في المستودعات».
ويُضيف لوسون أنه «بالنظر إلى كل هذه المخاوف، فإنه ليس من العجيب أن يُبقي بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة قريبًا من الصفر حتى نهاية العام».
والآن، يعتقد الكثير من المحللين في «وول ستريت» أن البنك المركزي سينتظر حتى العام المقبل قبل رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عشر سنوات. ويؤكد خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن «بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر قلقًا إزاء التباطؤ الاقتصادي العالمي، ومن المرجح أن يُبقي أسعار الفائدة منخفضة لفترة أطول».
وأصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه أيضًا أكثر تشاؤمًا.. وعلى الرغم من أن كبار مسؤولي البنوك المركزية لا يزالون يصرون على أن الاقتصاد يقف على أرض صلبة، قلص موظفو بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعاتهم لسرعة نمو الاقتصاد الأميركي على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
* الوحدة الاقتصادية
بـ«الشرق الأوسط»



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.