سليمان يعد «الأرض والشعب والقيم المشتركة» هي الثلاثية الدائمة للوطن

لبنان: لجنة البيان الوزاري تتجاوز «إعلان بعبدا» وتتعثّر عند علاقة «المقاومة» بالدولة

سليمان يعد «الأرض والشعب والقيم المشتركة» هي الثلاثية الدائمة للوطن
TT

سليمان يعد «الأرض والشعب والقيم المشتركة» هي الثلاثية الدائمة للوطن

سليمان يعد «الأرض والشعب والقيم المشتركة» هي الثلاثية الدائمة للوطن

عد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أنّ معادلة «الأرض والشعب والقيم المشتركة» هي الثلاثية الدائمة للوطن والحفاظ عليها واجب ضروري لتأكيد العيش لجميع المواطنين، في وقت لم تتوصل لجنة البيان الوزاري في اجتماعها السابع أمس، إلى صيغة توافقية، وحدّدت الاثنين المقبل موعدا للجلسة المقبلة.
وتجاوزت اللجنة الخلاف حول «إعلان بعبدا» الذي ينص على تحييد لبنان، لتصطدم المباحثات بـ«ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة»، التي يتمسك بها حزب الله ويرفضها فريق 14 آذار. وهذا ما لفت إليه وزير الصحة وائل أبو فاعور، بعد انتهاء الجلسة مساء أمس، قائلا: «تم تذليل قضية (إعلان بعبدا) بالوصول إلى صيغة مرضية فيما لا يزال النقاش مستمرا حول قضية المقاومة»، وأوضح أن «هناك اتفاقا على مسألة حق لبنان بمقاومة إسرائيل وبالتمسك بكل أرضه وثرواته ولكن هناك إشكالية أين تقف حدود الدولة ومرجعية الدولة».
وكانت بعض المواقف أشارت قبل انعقاد الجلسة، إلى إمكانية الانتهاء من البيان أمس، ولا سيما تلك التي لمح إليها سليمان، لجهة تجاوز «إعلان بعبدا» والتوافق على «مقررات الحوار الوطني».
ودعا سليمان في كلمة ألقاها خلال مؤتمر «أرض غد واعد» في جامعة الكسليك، الجميع «إلى عدم التشبث بمعادلات خشبية جامدة تعرقل صدور البيان الوزاري»، مضيفا: «أما بالنسبة إلى ما حصل من تجاوز للمطلب القاضي بإدراج إعلان بعبدا صراحة في البيان نفسه والاكتفاء بذكر ضرورة تنفيذ مقررات (هيئة الحوار الوطني) التي انعقدت في يونيو/ حزيران الماضي، فإن (إعلان بعبدا) أصبح من الثوابت وبمرتبة الميثاق الوطني، وهو تاليا يسمو على البيانات الوزارية، التي ترتبط بالحكومات، وستظهر الأيام، أن الجميع مستقبلا سيحتاجون إلى هذا الإعلان ويطالبون بتطبيقه».
ورأى سليمان أنّه «يجب الالتزام بالاستحقاقات الدستورية من انتخابات رئاسة الجمهورية إلى الانتخابات النيابية»، طالبا من الحكومة الجديدة والمجلس النيابي البدء سريعا بدرس القانون الانتخابي وإقراره. وفي تعليق له على كلام سليمان، قال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، المحسوب على حزب الله، قبيل بدء جلسة أمس إنّ «ثلاثية رئيس الجمهورية موجودة في البيان الوزاري».
من جهته، قال وزير العمل ونائب رئيس حزب الكتائب سجعان قزي إن «العقدة الأساسية هي في تحديد العلاقة بين الدولة والمقاومة»، مؤكدا أن «الاتفاق حول البيان الوزاري ليس على حساب المبادئ التي اشتركنا على أساسها في الحكومة من مرجعية الدولة اللبنانية في تقرير كل شيء على الصعيد السياسي والاستراتيجي والعسكري». وفي تصريح له بعد انتهاء جلسة أمس، أعلن قزي أنّهم لم يتوصلوا إلى حل نهائي «ولكن لسنا أمام الحائط المسدود»، مشيرا إلى أنّ موقف الرئيس سليمان أعطى دفعا إيجابيا. وأوضح أن «هناك فريقين وكل فريق متمسك بموقفه وهذا لا يعني أننا أمام حائط مسدود وإلا فلمَ اتفقنا على جلسة مقبلة وعلى من يعمل بالشأن العام أن يحتكم إلى التفاؤل دائما».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم