اللاجئون في ألمانيا يغيرون تركيبة الجالية المسلمة

توقعات بأن تشهد الجالية نموًا غير مسبوق في البلد

اللاجئون في ألمانيا يغيرون تركيبة الجالية المسلمة
TT

اللاجئون في ألمانيا يغيرون تركيبة الجالية المسلمة

اللاجئون في ألمانيا يغيرون تركيبة الجالية المسلمة

تشهد الطائفة المسلمة في ألمانيا، وغالبيتها العظمى من الأتراك، اضطرابًا ناجمًا عن وصول مئات آلاف اللاجئين العرب، وهو تنوع يعتبره خبراء أمرًا إيجابيًا رغم ما يتضمنه من مخاطر تطرف إسلامي لا يمكن استبعاده.
وقد تشكل رغبة عائلة سورية من طالبي اللجوء في أداء صلاة الجمعة في مسجد ألماني معضلة، بحيث تقول ياسمين المنور، خبيرة الشؤون الإسلامية في مؤسسة «رتلسمان» إن «غالبية خطب الجمعة باللغة التركية». وتضيف أن ثلثي الجالية المسلمة التي جلبتها المصانع الألمانية، وعددها نحو أربعة ملايين نسمة، «هم من أصول تركية أو من فضاء ثقافي تركي»، مشيرة إلى أن التأثير التركي «لا يزال قويًا حتى في الجيلين الثاني والثالث». وهناك أكثر من 900 مسجد يديرها الفرع الأوروبي التابع لوزارة الدولة للشؤون الدينية في تركيا.
وتعد هذه الهيئة، التي رفضت الرد على استفسارات لوكالة الصحافة الفرنسية، إحدى الجهات المفضلة لدى السلطات الألمانية في كل ما يتعلق بالمسائل التي تخص الديانة الثالثة في البلاد. وترسل أنقرة مباشرة منذ 30 عاما الأئمة لتولي الشؤون الدينية للمسلمين. وغالبية هؤلاء لا يتكلمون الألمانية، وغالبا ما تجد صور مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس دولة تركيا الحديثة، تزين جدران مكاتب الهيئة. وتتابع المنور: «الآن، يجب أن ينفتحوا على المسلمين من أجزاء أخرى من العالم».
من جهته، يعتبر مهند خورشيد، مسؤول كرسي الدراسات الإسلامية في جامعة «مونستر»، أن وصول هؤلاء يشكل «فرصة. وبالتالي سيكسب الإسلام في ألمانيا مزيدًا من التنوع».
في جميع الأحوال، ستشهد الطائفة المسلمة نموا على نطاق غير مسبوق في ألمانيا، إذ إن أكثر من 80 في المائة من نحو 800 ألف طالب لجوء يتوقع وصولهم إلى ألمانيا العام الحالي، هم من المسلمين، وفقًا للمجلس المركزي للمسلمين في هذا البلد. ويعيش في ألمانيا حاليا أكثر من 161 ألف سوري، لكن من المتوقع ارتفاع هذا الرقم، مما يجعل الجالية السورية في البلد الأكبر عددا في أوروبا.
في المقابل، يخشى البعض من تطرف محتمل بسبب عدم اطلاع طالبي اللجوء على القيم الغربية بشكل كاف، لأنهم وصلوا من دول مبنية على قيم مختلفة يراها البعض تهديدا لحقوق الإنسان والحريات الشخصية. كما يحاول شبان متطرفون من التيار السلفي «تجنيد» مهاجرين حائرين يغلب عليهم التشوش. لكن وزارة الداخلية تؤكد أن النسبة صغيرة جدا، ولا شيء ينذر بالخطر حتى الآن.
من جانبها، تقدر الاستخبارات الألمانية عدد السلفيين في ألمانيا بنحو 7900. وتواصل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعوة اللاجئين إلى احترام مبادئ دولة القانون. وكتبت في صحيفة «بيلد»: «نقول منذ اليوم الأول لأولئك الذين يأتون إلينا: هنا توجد قوانين ونظم حياة مشتركة يجب عليكم احترامها».
ففي برلين، ترفض منظمة متخصصة تدير 12 مركزا لإيواء طالبي اللجوء أي نوع من الممارسات الدينية من صلاة وغيرها، تجنبا للمشكلات. «ندل من يسأل إلى المساجد القريبة، لكن نحن لا نسمح بالصلاة في مراكزنا»، صرّح رئيس المنظمة، مانفريد نواك.
أما خورشيد، فيرى أن التحدي الرئيسي هو إدماج اللاجئين الشباب الباحثين عن هوية. وأوضح الأستاذ الجامعي: «إذا تركناهم على هامش المجتمع، وإذا لم نمنحهم بسرعة الشعور بأننا نريدهم في ألمانيا، فهناك خطر كبير بأن يتحولوا إلى السلفية والتيار المتطرف». لكن هذا الخطر نسبي، حيث إنهم فروا من الإسلاميين في سوريا والعراق، بحسب المنور. وقالت إن بعض الشبان اتجهوا إلى أوروبا هربًا من تنظيم «داعش» على وجه التحديد.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.