حزب بارزاني يفض شراكته الحكومية مع حركة التغيير بإعفاء وزرائها ورئيس البرلمان

حكومة كردستان تؤكد أن القرار جاء لاحتواء الأزمة التي تشهدها بعض مناطق الإقليم

شرطة مكافحة الشغب في مواجهة متظاهرين ضد الحكومة في السليمانية بإقليم كردستان أمس (رويترز)
شرطة مكافحة الشغب في مواجهة متظاهرين ضد الحكومة في السليمانية بإقليم كردستان أمس (رويترز)
TT

حزب بارزاني يفض شراكته الحكومية مع حركة التغيير بإعفاء وزرائها ورئيس البرلمان

شرطة مكافحة الشغب في مواجهة متظاهرين ضد الحكومة في السليمانية بإقليم كردستان أمس (رويترز)
شرطة مكافحة الشغب في مواجهة متظاهرين ضد الحكومة في السليمانية بإقليم كردستان أمس (رويترز)

أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أمس، فضّ الشراكة السياسية بينه وبين حركة التغيير على خلفية الأحداث والاحتجاجات التي اندلعت منذ خمسة أيام في بعض المناطق التابعة لمحافظتي السليمانية وحلبجة، وأدت إلى مقتل وإصابة عدد من أعضاء الحزب وحرق عدد من مقراته.
وشكل الديمقراطي الكردستاني، العام الماضي، حكومة ائتلافية موحدة مع الحركة وثلاثة أحزاب أخرى (الاتحاد الوطني الكردستاني، والاتحاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية) وحازت حركة التغيير بموجب التوافق السياسي على رئاسة البرلمان وأربع وزارات، من بينها المالية والبيشمركة وعدد من الهيئات العليا في الحكومة.
وأبلغ رئيس الحكومة الائتلافية، نيجيرفان بارزاني، أول من أمس، خلال استقباله لوزيري المالية والبيشمركة ورئيس هيئة الاستثمار من حركة التغيير بقرار فض الشراكة مع الحركة، وأخبرهم بأن قرار عزلهم من حقائبهم الوزارية لم يأتِ ضدهم كأشخاص، بل كحركة التغيير التي لم تلتزم بموجبات الشراكة والائتلاف السياسي.
كما أعلن القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني صاحب الكتلة البرلمانية الأكبر في برلمان الإقليم (38 مقعدًا من مجموع 111 مقعدًا)، هيمن هورامي أن «رئيس البرلمان لم يعد رئيسًا له لأنه أصبح رئيسا بموجب اتفاق سياسي تم إنهاؤه بناء على مواقف حركة التغيير وسياساتها المضادة للشراكة السياسية»، حسب وكالة الأنباء الألمانية. وحول عدم السماح ليوسف محمد رئيس البرلمان بدخول أربيل، أضاف: «لا أحد باستطاعته منع يوسف محمد من دخول أربيل أو قبة البرلمان كعضو للبرلمان، لكن عليه أن يعرف بأنه لم يعد رئيسًا للبرلمان لأنه قد تقلد هذا المنصب بناء على اتفاق سياسي مع حزبه، وهذا الاتفاق تم نسفه من قبل حزبه ولم يعد موجودًا».
إلى ذلك، أكدت حكومة إقليم كردستان أمس أن قرارها بعزل وزراء حركة التغيير جاء لاحتواء الأزمة التي تشهدها بعض مناطق الإقليم، مبينة أن وزراء في الحكومة الحالية سيشغلون المناصب الوزارية الشاغرة بصورة مؤقتة، بينما أكد الاتحاد الوطني الكردستاني أنه لن تسلم أي وزارة تابعة لحركة التغيير في الحكومة.
وقال المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزيي، لـ«الشرق الأوسط»: «قرر رئيس الوزراء نيجيرفان بارزاني أن ينسحب وزراء كتلة التغيير من حكومة إقليم كردستان، وذلك لاحتواء الأزمة التي يشهدها الإقليم والحيلولة دون انتشارها إلى مناطق أخرى، ولوجود ضغوط كبيرة على الحكومة والطرف الرئيسي المؤلف للحكومة والمتمثل بالحزب الديمقراطي الكردستاني».
وأضاف دزيي أن القرار «جاء بهدف تهدئة الوضع، وهذا الموضوع ليس شخصيا بل هو موضوع سياسي، إذ اجتمع رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني مع وزراء حركة التغيير وأوضح لهم الأمر».
وعن كيفية ملء الوزارات الشاغرة، قال المتحدث: «مثلما كلف في الماضي رئيس الحكومة الكتل المختلفة لتشكيل الحكومة، هو أيضًا يستطيع إعادة النظر في القرار أو العقد السياسي بينه أو بين حزبه وبين هذه الأطراف، لكن حسب التعليمات والنظام الداخلي لمجلس وزراء الإقليم سيكلف وزراء حاليون في الحكومة بشغل المناصب الوزارية الشاغرة».
وأضاف دزيي أن «المنطقة بأكملها تمر بظروف غير طبيعية وليس كردستان فقط، وهذه الأحداث المتمثلة بالأوضاع في سوريا، والتحالف الرباعي الجديد بين روسيا وإيران والعراق وسوريا لها تأثيرات على الأوضاع، سواء شئنا أم أبينا، فشرارة النار ستمسنا، فها نحن نخوض الحرب ضد (داعش)، لكن رغم هذه الأزمات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة استطاع إقليم كردستان حتى الآن حماية أمنه واستقراره، وأن يظهر للعالم وجهه المزدهر، ونأسف لما شهده الإقليم أخيرا من أحداث، التي من الممكن أن تكون لها تأثيرات سلبية إلى حد ما خاصة من وجهة نظر أصدقائنا، ويجب أن نحافظ على سمعة قوات البيشمركة». وتابع: «يقع واجب كبير على عاتق الأطراف السياسية التي يجب أن تعيد النظر في نفسها، وتحاول حل المشكلات، لكي لا تتشوه سمعة الإقليم». وأكد أن الممثليات والقنصليات الأجنبية في الإقليم «ستستمر في عملها، وهذا القنصليات تتابع الوضع بشكل يومي، وقد عقدت دائرة العلاقات الخارجية في الحكومة اجتماعا مع هذه القنصليات وطمأنتها إلى أنه لن تكون هناك أي معوقات من ناحية الأمن والاستقرار في الإقليم»، مضيفا: «نطمئن كل المواطنين والأجانب الموجودين في الإقليم أو الذين ينوون المجيء إليه بأنه لا توجد أي خطورة أمنية على حياتهم وممتلكاتهم».
وبالتزامن مع تصريحات المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان، تمخض الاجتماع الثلاثي الذي ضم الاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية في أربيل، أمس، عن إصدار بيان من ست نقاط، أعلنتها هذه الأطراف في مؤتمر صحافي، وتمثلت في ضرورة حل كل المشكلات في الإقليم حتى نهاية الدورة البرلمانية الحالية في عام 2017، ودعم المظاهرات المدنية والمطالبات المشروعة والوقوف ضد أعمال الشغب والعنف، وضرورة لجوء إعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير إلى التهدئة، واعتبرت إبعاد رئيس البرلمان ووزراء حركة التغيير مخالفا للقانون، كما أكدت الأحزاب الثلاثة وقوفها ضد نظام الإدارتين وشجب أي تدخلات خارجية في شؤون الإقليم.
وردا على سؤال حول نظرة الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، لحكومة الإقليم، دون حركة التغيير، أكد ملا بختيار، رئيس الهيئة العاملة للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، أنه «عندما شكلت الحكومة، شغلت كتلة التغيير بعض الوزارات التي كانت من حق الاتحاد الوطني، لكن الاتحاد الوطني غير مستعد الآن لشغل أي وزارة من وزارات التغيير»، مبينا أن الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني كانا سيجتمعان مساء أمس، وأن الاتحاد سيقدم النقاط الست التي اتفق عليها مع الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية للحزب الديمقراطي الكردستاني خلال الاجتماع. وبحسب مصادر مطلعة، فإن نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، كان سيترأس وفد الحزب خلال الاجتماع مساء اليوم (أمس)، فيما يترأس كوسرت رسول علي نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني وفد الاتحاد.
وكان من المقرر أن يعرض الديمقراطي الكردستاني على الاتحاد طلب استمرار حكومة الإقليم الحالية من دون حركة التغيير.



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».