نساء «انتفاضة المُدى» رديف جماهيري في مواجهة «قوة النار» الإسرائيلية

حضورهن اليوم يعيد إلى الأذهان وجودهن أثناء الانتفاضة الأولى

شابتان فلسطينيتان تمدان شابا بحجارة خلال المواجهات في شوارع نابلس أمس (إ.ب.أ)
شابتان فلسطينيتان تمدان شابا بحجارة خلال المواجهات في شوارع نابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

نساء «انتفاضة المُدى» رديف جماهيري في مواجهة «قوة النار» الإسرائيلية

شابتان فلسطينيتان تمدان شابا بحجارة خلال المواجهات في شوارع نابلس أمس (إ.ب.أ)
شابتان فلسطينيتان تمدان شابا بحجارة خلال المواجهات في شوارع نابلس أمس (إ.ب.أ)

تهاجم فتيات فلسطينيات من مختلف الأعمار، جنود الجيش الإسرائيلي عند معظم نقاط التماس في الضفة الغربية، في مشهد غاب كثيرا عن الفلسطينيين خلال السنوات القليلة الماضية.
ورغم أن فلسطينيات شاركن في عمليات محددة في انتفاضة الأقصى الثانية، فإن المشاركة النسائية الجماهيرية لم تكن حاضرة، أمام «قوة النار» التي استخدمها الفلسطينيون والإسرائيليون في المواجهة.
لكن هذه المرة عادت «الجميلات» كما يحلو لكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تسميتهن، للانتفاض والانغماس مع الشبان في المواجهة المفتوحة يوما بعد يوم.
وأظهرت الكثير من الصور ومقاطع الفيديو حضورا مكثفا للفتيات بلباس المدارس والجامعات، وهن يلقين الحجارة والزجاجات الحارقة تجاه قوات الاحتلال، وأحيانا يتبادلن الحجارة مع الشبان المتقدمين أو يقمن بأعمال أخرى مساندة.
وقالت إحدى الفتيات المشاركات التي فضلت عدم الكشف عن اسمها بسبب «الاعتقالات» الإسرائيلية: «هذا واجبنا. نحن لا ننظر للأمر وكأننا نثبت شيئا، لا فرق بين شاب وفتاة في المواجهة».
وأضافت: «طالما كانت المرأة حاضرة بقوة في الثورات والانتفاضات السابقة، قدن عمليات واستشهدن وجرحن واعتقلن وكان لهن أثر بالغ في دفع الانتفاضة الأولى».
وردا على منتقدي مشاركتهن عقبت بالقول: «إنهم مجموعة من المرضى الذين لا يقدمون شيئا للوطن. ولا نأبه بهم».
وكان ناشطون انتقدوا مشاركة الفتيات إلى جانب الشبان في المواجهات الدائرة في الضفة الغربية لأسباب بعضها عقائدي وآخر أخلاقي وأيضا أمني من وجهة نظر أصحابها، لكن كثيرين ردوا على هذه الانتقادات بالدفاع عن المرأة ودورها وضرورة حضورها. بل ذهب البعض إلى اعتبار هذا الحضور قوة إضافية للمواجهات الحالية.
وقال الشاعر غسان زقطان «ثلاث إشارات قوية تمنح المواجهة قدرة التواصل والإنجاز: عودة المرأة بقوة إلى دورها الذي غيبت عنه طويلا، انحسار حضور التقسيم الفصائلي والمحاصصة الساذجة في مواقع المواجهات، التواصل مع مناطق الـ48».
وتثبت مناطق المواجهات قرب جامعة بير زيت في رام الله والقدس في أبو ديس إن غالبية الفتيات اللواتي يرتدين كل أنواع الملابس، عصرية ومحتشمة للغاية، يخرجن من الجامعات.
وقالت إحداهن لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية «من الجيد أن الفتيات قد دخلن لهذه الدائرة، أنا سعيدة للغاية، لقد انتهت أيام جلوس النساء في المنزل ووقوفهن في المطبخ».
ولم يقتصر الدور النسوي على ضرب الحجارة وحسب، بل اتهمت إسرائيل أكثر من فتاة في القدس ومناطق الضفة بمحاولة تنفيذ عمليات طعن ضد جنود إسرائيليين.
كما أن أمهات شبان قضوا في المواجهات وقفن بكل قوة أمام الكاميرات وشجعن آخرين على استمرار المواجهة.
ودخول الفتيات على خط المواجهة الذي يعطيها قوة معنوية، ليس جديدا، ويحتفظ الفلسطينيون بسجل طويل من أسماء النساء اللاتي شاركن بفاعلية كبيرة في الثورة الفلسطينية المعاصرة ومن بينهن دلال المغربي التي قادت عملية الساحل الشهيرة في 1978 ضد قوات الاحتلال، وقتل فيها 38 إسرائيليا ومجموعة من المنفذين بينهم دلال نفسها، وليلى خالد، التي ما زالت على قيد الحياة وقادت عمليات اختطاف طائرات في حقبة السبعينات، وأخريات كثيرات.
هذا الحضور ظل حاضرا وقويا في الانتفاضة الأولى، ونالت المرأة نصيبها من القتل والاعتقال أو الضرب أو الجرح في ساحات المواجهة.
لكن هذا الحضور «الشعبي» غاب في الانتفاضة الثانية بسبب اعتمادها بشكل أكبر على المواجهات العسكرية وليس الشعبية. وحتى هذا لم يمنع المرأة من المشاركة إذ سجلت عشرات العمليات التفجيرية باسم فتيات خرجن ونفذن عمليات في قلب إسرائيل.
ولم يكن هذا النوع من العمليات حكرا على فصيل وحسب، بل أشركت جميع الفصائل نساءهن في عمليات من هذا النوع بما في ذلك حركة حماس.
ويوجد الآن في السجون الإسرائيلية ما بين 26 إلى 30 أسيرة اعتقل بعضهن في الأسابيع القليلة الماضية، كما يرقد في مستشفيات الضفة مصابات برصاص عناصر الأمن الإسرائيليين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.