ملف نواب الرئيس العراقي يراوح مكانه.. ومعصوم يرفض ضغوطًا أميركية لتجاوز الدستور

خلافات داخل مجلس الوزراء حالت دون إرسال قانون إلغاء مناصبهم إلى البرلمان

حيدر العبادي، و فؤاد معصوم
حيدر العبادي، و فؤاد معصوم
TT

ملف نواب الرئيس العراقي يراوح مكانه.. ومعصوم يرفض ضغوطًا أميركية لتجاوز الدستور

حيدر العبادي، و فؤاد معصوم
حيدر العبادي، و فؤاد معصوم

بعد أكثر من شهرين على القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الحادي عشر من أغسطس (آب) الماضي بإلغاء منصب نواب رئيسي الجمهورية والوزراء، فإن هذا الملف لا يزال يراوح بين أروقة الحكومة، التي وجدت نفسها مضطرة بعد بروز ثغرات دستورية إلى تشريع قانون لإلغاء قانون منصب نواب الرئيس، وبين أروقة البرلمان الذي كان صادق على الحزمة الأولى من إصلاحات العبادي في 12 أغسطس شريطة توافقها مع الدستور والقانون.
الثغرات الدستورية في قرارات العبادي تمثلت في كون نواب رئيس الجمهورية الثلاثة (نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي) يشملهم قانون خاص بنواب الرئيس، الأمر الذي أثار ولا يزال يثير جدلا سياسيًا وقانونيًا. وفي وقت نفت فيه السلطة القضائية قيام أي من نواب الرئيس الثلاثة بتقديم طعن إلى المحكمة الاتحادية، فإنه وطبقًا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خالد شواني فإن الرئاسة «تنتظر الموقف النهائي للبرلمان لجهة التصويت على مشروع القانون الذي تم التصويت عليه داخل مجلس الوزراء بهذا الشأن». وأضاف شواني أن «نواب رئيس الجمهورية لم يعودوا يتسلمون رواتب منذ إلغاء مناصبهم وبالتالي لا توجد أعباء مالية على الرئاسة من هذه الناحية، لكن الأمر لا يزال يتعلق بالجوانب الدستورية والقانونية والتي لم تعد تتعلق بالرئاسة بل بما يصدر عن البرلمان بعد تشريع القانون الذي يلغي قانون نواب الرئيس».
من جهته، نفى المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى عبد الستار البيرقدار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون أي من نواب الرئيس الثلاثة «قد تقدم بطعن إلى المحكمة الاتحادية بشأن إلغاء المنصب حتى اليوم ولا نعلم إن كانوا يقدمون مستقبلاً طعنًا».
إلى ذلك كشف مصدر مطلع أن «الرئيس فؤاد معصوم كان قد رفض ضغوطًا أميركية بشأن تسوية ملف نوابه بما ينسجم مع ما تقرر عبر حزمة الإصلاحات». وقال المصدر المطلع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» طالبًا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته إن «السفير الأميركي في بغداد طلب من معصوم عدم الاعتراض على ما يتعلق بنوابه طالما قوبل بموافقة البرلمان»، مشيرًا إلى أن، الرئيس رفض في الوقت نفسه «ما عده تجاوزا للدستور والقانون». وأوضح المصدر أن «الحكومة التي كانت صوتت على مشروع قانون إلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية لم ترسله حتى الآن إلى البرلمان لتشريعه بسبب بروز خلافات حوله داخل مجلس الوزراء نفسه».
من جهته، رأى المستشار القانوني أحمد العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «نواب رئيس الجمهورية لا يملكون من الناحية العملية أية مناصب بما في ذلك قطع رواتبهم عنهم ولكن تشبث من هو لا يزال متشبثًا منهم بمنصبه إنما يعود لأسباب سياسية وفي محاولة لتغيير المعادلة بحيث تتحول لصالحه». وأضاف العبادي أن «الجدل الدائر حول مناصب نواب رئيس الجمهورية سياسي وليس قانونيا لأنه طالما ألغيت المناصب فلم تعد هناك حاجة لإصدار أو تشريع قوانين تلغي قوانين سابقة طالما أن الأصل وهو المنصب تم إلغاؤه»، مشيرًا إلى أن «هناك حالات مماثلة حصلت في مناصب ومهام مثل بعض الوزارات التي تم إلغاؤها أو دمجها وكذلك مكاتب المفتشين العموميين التي ألغيت كمناصب وبالتالي لم تعد الحاجة قائمة إلى تشريع قوانين جديدة بهدف إلغاء القوانين التي تشكلت على إثرها تلك المناصب أو المؤسسات».
وكان مكتب رئيس الوزراء أعلن الأسبوع الماضي أن ملف فساد مالي كبيرًا تم الكشف عنه على صعيد أفواج الحمايات التي تضم كبار المسؤولين ومنهم الأفواج الرئاسية. من جهتها أعلنت اللجنة المالية في البرلمان العراقي أن أكثر من ستة مليارات دينار عراقي سترد لميزانية الدولة في حال تمت إقالة نواب رئيسي الجمهورية والوزراء، مشيرًا إلى أن الرواتب الاسمية لهؤلاء النواب تصل إلى 250 مليون دينار عراقي شهريًا.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».