مكافحة الإرهاب في أوروبا.. والتحديات الصعبة

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: أبرزها حماية البيانات الشخصية ومكافحة تهريب الأسلحة والتصدي للقرصنة الإلكترونية

ضابطان من الشرطة الفرنسية خارج قطار تاليس الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل شاب مغربي متشدد أغسطس الماضي ({الشرق الأوسط})
ضابطان من الشرطة الفرنسية خارج قطار تاليس الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل شاب مغربي متشدد أغسطس الماضي ({الشرق الأوسط})
TT

مكافحة الإرهاب في أوروبا.. والتحديات الصعبة

ضابطان من الشرطة الفرنسية خارج قطار تاليس الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل شاب مغربي متشدد أغسطس الماضي ({الشرق الأوسط})
ضابطان من الشرطة الفرنسية خارج قطار تاليس الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل شاب مغربي متشدد أغسطس الماضي ({الشرق الأوسط})

أصبح وجود نظام أوروبي حاسم لمكافحة الإرهاب أقرب إلى الواقع أكثر من قبل، وذلك بعد أن صوت أعضاء لجنة الحريات المدنية في البرلمان الأوروبي قبل أسابيع قليلة لصالح مقترحات أعدها البرلماني البريطاني تيموثي كيرخوبي، وتتعلق باستخدام سجلات المسافرين في الاتحاد الأوروبي.
هذا على الصعيد الأوروبي، أما في ما يتعلق بتبادل البيانات الشخصية للمواطنين الأوروبيين مع أطراف خارجية ومنها الولايات المتحدة الأميركية في إطار مكافحة الإرهاب، فيبدو أن الأمر مختلف من وجهة نظر كثير من الخبراء في بروكسل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أكدوا فيها على أن الأمر يواجه عراقيل لعل آخرها الحكم الذي صدر من المحكمة الأوروبية للعدل وتتيح للدول الأعضاء في الاتحاد الحق في تعليق نقل البيانات إلى الطرف الأميركي.
يقول فردريك بلاتو الخبير البلجيكي لـ«الشرق الأوسط»: «بصرف النظر عن وجود هذا الاختلاف بين الأمرين، تواجه عملية مكافحة الإرهاب عراقيل أخرى تتمثل في التجارة غير الشرعية للأسلحة النارية، وأيضًا عمليات القرصنة على الإنترنت واختراق مواقع حكومية قد تتضمن معلومات هامة أمنية أو دفاعية أو غيرها».
وفي ما يتعلق بالسماح أوروبيا باستخدام سجلات سفر المواطنين الأوروبيين، قالت مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين في البرلمان الأوروبي إن الاقتراح الأصلي سبق أن رفضه أعضاء البرلمان في 2013، وطالبوا بمواصلة العمل للتوصل إلى اتفاق حول هذا الصدد، وخصوصا في أعقاب التهديد الذي شكله ما أطلق عليهم «المقاتلون الأجانب»، ومخاوف من عودتهم إلى أوروبا من سوريا والعراق.
وقال بيان للكتلة البرلمانية للإصلاحيين والمحافظين الأوروبيين إن نظام سجلات الركاب يسمح بتخزين المعلومات من قبل السلطات، وخصوصا في ما يتعلق بأنماط السلوك، التي تشير إلى وجود سلوك إرهابي أو إجرامي مما يسمح لسلطات إنفاذ القانون بالاعتماد على مثل هذه المعلومات، لمساعدتها في مواجهة التهديدات. ويسمح النظام الجديد بالاحتفاظ بجزء من بيانات الركاب لفترات تصل إلى خمس سنوات في قضايا ذات صلة بالإرهاب وتصل إلى أربع سنوات في الجرائم الخطيرة، مع ضمانات بأن يتم حذف البيانات الحساسة في غضون 30 يوما، هذا إلى جانب ضمانات إضافية لحماية البيانات الشخصية. وجرى تعزيز ذلك من خلال مفاوضات مع المجموعات السياسية داخل البرلمان الأوروبي، كما جرى التوصل إلى اتفاق لحذف الرحلات الداخلية من الاقتراح.
وقال تيموثي كيرخوبي، وهو وزير داخلية بريطاني سابق: «إن نظام البيانات الشخصية ساهم في الفترة الماضية في اكتشاف كثير من الجرائم الخطيرة في الدول الأعضاء، ومنها على سبيل المثال كشف السلطات البلجيكية لـ95 في المائة من قضايا المخدرات، كما ساعد السلطات في السويد على الكشف عن 85 في المائة من جرائم خطيرة، ولكن كان لا بد من نظام لحماية البيانات الشخصية، ويسمح باستخدام التفاصيل الأقل حساسية، واستخدامها بطريقة منتظمة بناء على أنماط السلوك، ومع مرور الوقت يمكن تقليل استخدام البيانات التي تتعلق بالرحلات والركاب»، وأضاف أنه من دون هذا النظام ستعمل دول في الاتحاد الأوروبي بشكل منفرد، وتكون هناك أنظمة خاصة لكل دولة، مما يتسبب في ثغرات، «ولهذا كان لا بد من نظام واحد على المستوى الأوروبي، وإنشاء نهج مشترك لحماية البيانات، مع وجود معايير عالية لضمان حماية البيانات في جميع أنحاء أوروبا».
وأضاف البرلماني الأوروبي بأن التهديد الذي يشكله ما يعرف بملف المقاتلين الأجانب سوف يقل خطره مع استخدام النظام الجديد، لأنه سيجعل الأمر أكثر صعوبة للمقاتلين الأجانب في طريق العودة إلى أوروبا، على الأقل من خلال المطارات الأوروبية. واختتم البيان بالقول إن نظام استخدام البيانات الشخصية للمسافرين في الاتحاد الأوروبي لا يجب النظر إليه على أنه العصا السحرية، ولكن يمكن أن يكون سلاحا إلى جانب أمور أخرى. وسوف تنطلق محادثات مفتوحة الآن مع الحكومات الوطنية، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي قبل نهاية العام الحالي، حسب ما جرى الإعلان عنه في البرلمان الأوروبي.
وفي الأسبوع الماضي وافق المجلس الوزاري الأوروبي على إطلاق مفاوضات مع البرلمان الأوروبي، وتحت إشراف الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي، حول حماية البيانات الشخصية للمواطنين، التي تستخدم من قبل رجال الشرطة والقضاء في إطار عمل مشترك، لإجراء تحريات أو تقصٍّ أو ملاحقة، تهدف إلى تفادي أي مخاطر قد تهدد الأمن العام. وقال المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل، الذي يمثل الدول الأعضاء، إن هذا الاتفاق حول الخطوط الأساسية لنقاط التفاوض مع البرلمان يفتح الطريق أمام الرئاسة اللوكسمبورغية الحالية للاتحاد لفتح نقاش مع المؤسسة التشريعية الأوروبية حول هذا الجزء من حزمة حماية البيانات. أما في ما يتعلق بالجزء الخاص بتنظيم حماية البيانات فقد بدأت بالفعل المناقشات مع البرلمان الأوروبي بعد أن أقرها المجلس الوزاري الأوروبي في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، ولا تزال المناقشات جارية.
أما في ما يتعلق بالبيانات الشخصية للمواطنين الأوروبيين وتبادلها مع أطراف خارجية، فقبل أيام قليلة قال البرلمان الأوروبي إن نظام الملاذ الآمن الذي ينظم نقل البيانات الشخصية الأوروبية إلى الولايات المتحدة الأميركية يجب أن يتم تعليقه بشكل فوري. وجاء ذلك على لسان كلود مورايس رئيس لجنة الحريات المدنية والعدل في البرلمان الأوروبي، الذي أضاف بأن أعضاء البرلمان يريدون أيضًا وجود قواعد أوروبية جديدة لحماية البيانات، ولضمان حقوق وخصوصية المواطنين الأوروبيين.
ومن جانبها قالت كورنيليا إرنست مسؤولة ملف حماية البيانات الشخصية والشؤون الداخلية في تكتل أحزاب اليسار والخضر في البرلمان الأوروبي، عقب قرار حول هذا الصدد لمحكمة العدل الأوروبية، إنه يوم جيد للحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي، ويفتح آفاقا جديدة. وأضافت في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن قرار المحكمة يعتبر هزيمة للمفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد، وهي التي تفاوضت مع واشنطن حول الاتفاق الملغى.
وجاء ذلك بعد أن قضت محكمة العدل الأوروبية بأن الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد يمكن لها أن تقرر إذا ما كانت تريد تعليق نقل البيانات الشخصية إلى الشركات الأميركية، وعلاوة على ذلك فإن قواعد نظام الحماية أو ما يعرف باسم الملاذ الآمن، الذي توصلت المفوضية الأوروبية إلى اتفاق بشأنه مع الولايات المتحدة في عام 2000، هو نظام غير صالح. وهو الاتفاق الذي جاء في إطار العمل المشترك على طريق مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله. ورحب مورايس بقرار المحكمة، وعلق قائلا: «أخيرا هناك من استمع إلى دعوات البرلمان الأوروبي من أجل تعليق هذا النظام الذي لا يتفق مع القوانين الأوروبية التي تتعلق بحماية البيانات».
وقال مورايس إن نظام الملاذ الآمن لم يوفر الحماية والضمانات الكافية، ولمح إلى أن القوانين الأوروبية توفر وبشكل أكبر نظام الحماية للبيانات الشخصية، كما أدان مورايس استخدام البيانات الشخصية من جانب أجهزة الاستخبارات. وقال نواب البرلمان الأوروبي: «ينبغي الآن التحرك من جانب المفوضية الأوروبية نحو إطار بديل لنظام الملاذ الآمن بحيث يتم التأكد من الحماية من عمليات نقل البيانات الشخصية إلى الشركات الأميركية وفقا لقوانين الاتحاد الأوروبي». وأضاف بأن المفوضية الأوروبية كانت قد أجرت مفاوضات لمدة عام مع واشنطن حول مسألة تعديل نظام حماية البيانات الشخصية، ولكن تجمد الأمر ولم يتم الإعلان عن تحقيق أي تقدم في هذا الصدد.
أما في ما يتعلق بمكافحة تهريب الأسلحة النارية فقد اتفق مجلس وزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي على زيادة التعاون، وتعزيز استخدام وسائل مواجهة تهريب الأسلحة النارية لمكافحة «الإرهاب». وأشاروا في بيان صدر في ختام الاجتماعات الجمعة الماضي في لوكسمبورغ إلى أن الهجمات الإرهابية في كل من باريس وبروكسل وكوبنهاغن في وقت سابق من هذا العام، وكذا الهجوم الأخير على قطار تاليس الذي تم إحباطه في 21 أغسطس (آب) 2015، قد أظهرت الحاجة إلى مواصلة تعزيز استخدام وسائل مكافحة تهريب الأسلحة النارية.
ومن جهته قال وزير الداخلية والدفاع في لوكسمبورغ اتيان شنايدر في مؤتمر صحافي: «جرى تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء وفي وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) والشرطة الدولية (إنتربول) وتم الاتفاق على تعزيز التعاون». وأضاف أن «الوكالات تبحث في قابلية التشغيل البيني للأنظمة المختلفة وعلى وجه الخصوص في قواعد بيانات اليوروبول والإنتربول.. وسنركز أيضًا أكثر على التدابير اللازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع في الأسلحة النارية في شبكة الإنترنت».
وفي ما يتعلق بالقرصنة على الإنترنت واختراق مواقع حكومية في دول الاتحاد الأوروبي وأيضًا مواقع إعلامية، والخطير في الأمر هو إعلان أشخاص من أنصار تنظيم داعش مسؤوليتهم عن عمليات القرصنة والاختراق، فقد قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل إنه عقب هجوم الإنترنت الذي تم شنه على الحاسوب المركزي لشبكة «تي في 5 موند» التلفزيونية الفرنسية، والذي تبناه مساندون لتنظيم داعش، يتحقق الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي حاليا مما إذا كان قد تمت مهاجمة شبكة أخرى في أوروبا أم لا، وفقا لتصريحات نشرتها صحيفة ألمانية على لسان غونتر أوتينغر مفوض الأجندة الرقمية.
يأتي ذلك بينما اعتبر الخبير البلجيكي في أمن المعلومات جان جاك كيسكواتر أن عملية القرصنة التي تعرضت لها محطة التلفزيون الفرنسي (تي في 5) تعد مؤشرًا لعمليات أخرى قادمة أكثر خطورة، حسب تصريحاته لإذاعة محلية. وقبلها عبرت المفوضية الأوروبية عن تصميمها الاستمرار في العمل من أجل الدفاع عن وسائل الإعلام وحرية التعبير ومحاربة كل أشكال الجريمة والإرهاب، خصوصا على شبكة الإنترنت. وقالت: «ليس لدينا تعليق خاص، سوى أننا سنستمر في محاربة كل أشكال القرصنة والجريمة عبر الإنترنت»، وفق كلام المتحدثة باسم الجهاز التنفيذي الأوروبي ناتاشا برتود. وأوضحت المتحدثة أن المفوضية تقدمت باقتراحات لتعزيز إجراءات الأمن المعلوماتي، مشيرة إلى المداولات الجارية في هذا الشأن بين البرلمان والدول الأعضاء.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».