الفصائل تتوافق على تجنب السلاح في المواجهات

طالبت بالحفاظ على الطبيعة الشعبية على عكس الانتفاضة الفلسطينية الثانية

ملثمون فلسطينيون يرجمون قوات الاحتلال في مدينة الخليل أمس (رويترز)
ملثمون فلسطينيون يرجمون قوات الاحتلال في مدينة الخليل أمس (رويترز)
TT

الفصائل تتوافق على تجنب السلاح في المواجهات

ملثمون فلسطينيون يرجمون قوات الاحتلال في مدينة الخليل أمس (رويترز)
ملثمون فلسطينيون يرجمون قوات الاحتلال في مدينة الخليل أمس (رويترز)

على عكس الانتفاضة الفلسطينية الثانية، يتجنب الفلسطينيون استخدام السلاح الناري في مواجهة الجيش الإسرائيلي في المواجهات المندلعة منذ أكثر من أسبوع. وقال مسؤول أمني فلسطيني: «إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تراقب المواجهات الدائرة، وتحرص على منع أي استخدام للأسلحة النارية فيها».
اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000، بمسيرات وتظاهرات شعبية وإلقاء الحجارة، على غرار ما يجري اليوم، غير أن المواجهة حينها تحولت بعد أسابيع إلى مواجهة عسكرية قام خلالها الجيش الإسرائيلي بعمليات اجتياح واسعة دمر خلالها غالبية المقار الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.
واجتمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع قادة الأجهزة الأمنية، قبل أيام، وطلب منهم «اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع التصعيد». وقال عباس: «نحن لا نريد التصعيد».
من جهته، أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد في كلمة بثها المكتب الإعلامي، خلال ترؤسه لجلسة طارئة «إن الحكومة مع الهبة الشعبية الفلسطينية»، مؤكدًا على المقاومة الشعبية.
وقال المتحدث باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك قرار من المستوى السياسي الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، بعدم استخدام السلاح في المواجهات بين الناس وقوات الاحتلال».
وأضاف: «هذا يعني أن هناك استراتيجية فلسطينية واضحة بالاستناد على المقاومة الشعبية ضد وجود الاحتلال وضد ما يتعرض له الأقصى، والمؤسسة الأمنية تنفذ قرار المستوى السياسي بالحفاظ على شعبية المقاومة الفلسطينية».
وقال الضميري إن الجانب الإسرائيلي «يتمنى أن يستخدم الجانب الفلسطيني السلاح في هذه التظاهرات، لأن ذلك يعني إعطاءه المبرر لاجتياح الأراضي الفلسطينية مثلما فعل في عام 2000».
أطلقت إسرائيل تسمية «السور الواقي» على عملياتها في الضفة الغربية في عام 2000 والتي نتج عنها مقتل مئات الفلسطينيين إضافة إلى تدمير المقار الأمنية ومحاصرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حتى وفاته في عام 2004.
واستخدمت إسرائيل في تلك الانتفاضة طائرات مروحية، وأيضًا طائرات حربية من طراز «إف 16» لضرب المقار وضرب ناشطين مسلحين.
ووقعت اشتباكات دامية بين قوات من الأمن الفلسطيني والجيش الإسرائيلي، وسط المدن الفلسطينية.
وقال الضميري إن الأجهزة الأمنية «تلتقي باستمرار مع فعاليات شعبية وهذه الفعاليات هي من تؤكد على ضرورة تجنب استخدام السلاح، والابتعاد عن عسكرة الانتفاضة مثلما جرى في عام 2000». وأضاف: «لذلك نحن حريصون على متابعة وملاحقة ومنع أي محاولة لاستخدام السلاح في هذا الحراك الشعبي».
وأشار الضميري إلى «محاولات» من جهات فلسطينية لم يسمها، «من الممكن أن تحاول جر الأمور نحو التصعيد».
وتجتمع فصائل فلسطينية وطنية وإسلامية، بشكل أسبوعي في مدينتي رام الله والبيرة، حيث تبحث هذه الفصائل سير الأوضاع السياسية في المنطقة.
وقال منسق هذه القوى عصام بكر لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه القوى «أجمعت على تجنب استخدام السلاح في هذه الهبة الشعبية، على قاعدة استخلاص العبر من الانتفاضة الثانية التي جرت في عام 2000».
وأضاف بكر: «نعم هناك رفض تام لاستخدام السلاح وعسكرة الانتفاضة، لأن أي استخدام للسلاح سيؤدي إلى تقليل عدد المشاركين المدنيين في هذه التظاهرات الآخذة في التوسع، ويعطي قوات الاحتلال المبرر لاستخدام دباباتها ونيرانها ضد الفلسطينيين».
ومنذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) نفذ فلسطينيون 14 عملية طعن في الضفة الغربية والقدس وإسرائيل أسفرت عن مقتل إسرائيليين اثنين وإصابة نحو 20 إسرائيليا بجروح في حين قتلت الشرطة الإسرائيلية سبعة من منفذيها واعتقل الباقون وأصيب بعضهم بجروح.
وفي قطاع غزة خرج شبان أول من أمس وقاموا بإلقاء الحجارة باتجاه الجيش الإسرائيلي على الحدود الشرقية للقطاع، ورد الجيش الإسرائيلي بالذخيرة الحية مما أدى إلى مقتل سبعة فلسطينيين وإصابة أكثر من مائة بجروح.
وقال بكر: «هناك اتصالات يومية مع الفصائل في غزة، وهناك أيضًا توافق فصائلي عام بتجنب استخدام السلاح في هذه التظاهرات والحفاظ على طبيعتها الشعبية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.