جائزة نوبل هذا العام.. إعادة تعريف للأدب في القرن الـ21

جائزة نوبل هذا العام.. إعادة تعريف للأدب في القرن الـ21
TT

جائزة نوبل هذا العام.. إعادة تعريف للأدب في القرن الـ21

جائزة نوبل هذا العام.. إعادة تعريف للأدب في القرن الـ21

ربما سيؤدي اختيار لجنة جائزة نوبل لهذا العام إلى إعادة النظر في تعريفنا للأدب، وفي الكثير من مفاهيمنا النقدية والنظرية المكرسة منذ سنين طويلة في التاريخ الأدبي، ويعيد طرح السؤال القديم - الجديد: ما هو الأدب؟
حسب بيان الأكاديمية السويدية، استحقت الصحافية البيلاروسية سفيتلانا أليكسييفيتش، وليست الروائية، جائزة نوبل للآداب هذا العام، لأنها «ابتكرت نوعا أدبيا جديدا». وهذا النوع، بالمعنى الذي تقصده الأكاديمية، قائم على مزج الصحافة بالأدب. أما أليكسييفيتش نفسها فتعترف بأنها تأثرت بمواطنها الكاتب آليس آداموفيتش، الذي طور جنسا سماه اسما غريبا جديدا على المصطلح النقدي، وهو «الرواية الجماعية» (C0llective Novel)، أو «الرواية - الدليل» (Novel Evidence)، حيث الناس يتحدثون عن أنفسهم أو «الكورس الملحمي» (Epic Chorus).
تجتمع هنا الأصوات البشرية والاعترافات، وأدلة الشهود والوثائق. بكلمة أخرى، تجتمع كل حقائق الحياة الواقعية، تتحول إلى كورس من أصوات الأفراد، وكولاج من تفاصيل الحياة اليومية. ومن هنا، تستطيع أن تكون ألكسييفيتش في الوقت نفسه «كاتبة، وصحافية، وباحثة اجتماعية ونفسية، ومبشّرة أيضًا». إذن كل شيء هناك، ولكن بلا حبكة، لا بداية ولا نهاية، ولا بناء روائيا، ولا رؤية أو رؤيا، ولا رسم شخصيات، ولا أحداث تنمو، ولا صور ولا خيال فنيا، يبدو أن عصرنا قد تجاوزه بلامعقوليته وغرابته.
كتاب سفيتلانا أليكسييفيتش «أصوات من تشيرنوبل»، الذي نوهت به الأكاديمية في قرارها، ليس سوى مقابلات شخصية مع ناجين من كارثة مفاعل تشيرنوبل، حيث قامت الكاتبة على مدار عشر سنوات بزيارات إلى المنطقة أجرت خلالها أكثر من 500 مقابلة. وكتابها الآخر «الوجه غير النسائي للحرب» (1988)، الذي ربما يكون أشهر كتبها، هو أيضا عبارة عن مقابلات شخصية مع مئات النساء ممن شاركن في الحرب العالمية الثانية.
هل إننا حقا أمام نوع أدبي جديد؟ ليس تماما.
في الثلاثينات والأربعينات، حار النقاد الفرنسيون، في عصر كان يحب التصنيف، حول نوع كتابات جان بول سارتر غير الفلسفية، وخصوصا عمله «الغثيان»، الصادر عام 1938.. هل هو رواية أم لا، أم مجرد عرض أدبي سردي لأفكار سارتر الفلسفية، وذلك لخروج هذا العمل عن الشكل الروائي المألوف، وعناصر البنية الروائية؟ وانتهى الأمر ببعض النقاد إلى تسمية هذا النوع من الكتابة بـ«الرواية - المأساة»، ولجأ آخرون إلى اختراع مصطلح مهلهل لا يعرف أحد ماذا يعني بالضبط، ويمكن أن ينطبق على أي شيء وهو «اللارواية».
ومن الأمثلة المعاصرة، نجد أن بعض كتابات جوزيه ساراماغو، حائز نوبل للآداب عام 1998 وكان صحافيا أيضًا، مثل عمله «الانبعاث من الأرض»، (1980)، يحتشد بكمية كبيرة من الوقائع الحياتية، والمعلومات التاريخية والسياسية، وكذلك عمله «قصة حصار لشبونة»، 1989 بحيث من الصعب أن تطلق عليهما اسم رواية بالمعنى المألوف. وهذا ينطبق أيضا، وربما بشكل أكبر على قسم من أعمال أمين معلوف، الذي كان صحافيا كذلك، مثل «الحروب الصليبية كما رآها العرب»، 1983، و«ليون الأفريقي»، 1984، حيث يتداخل الأدب والتاريخ والوثيقة، بحيث لا تعود تميز بينها. وهناك كتابات عربية كثيرة، قديما وحديثا، نجد فيها هذا التداخل.
ولا ننسى هنا، أن لجنة نوبل كانت قد منحت جائزتها للآداب لونستون تشرشل عن مذكراته عام 1953 وسط ذهول العالم الأدبي آنذاك.
لكن كيف يمكن أن يرتفع التقرير الصحافي أو المادة التاريخية إلى مستوى الأدب؟ أم إن التقرير الصحافي، كما في كثير من الصحف الأوروبية والأميركية، أصبح نوعًا أدبيًا بحد ذاته؟
يرى البعض ذلك، ويرون أن لجنة جائزة نوبل قد اعترفت أخيرا أن «الكتابة النثرية المبنية على وقائع وأشخاص حقيقيين، سواء أكانت هذه الكتابة سيرة ذاتية أو تاريخية هي جزء من الأدب»، وأن جائزة نوبل فعلت ذلك من قبل حين منحت جائزتها للمؤرخ ثيودور مومسون عام 1902، أي بعد عام من تأسيسها، ثم إلى المؤرخ والفيلسوف البريطاني برتراند راسل عام 1950، بالإضافة إلى ونستون تشرشل.
إذن، كتاب الأعمال غير الخيالية (Non - fiction) لم يعودوا مواطنين من الدرجة الثانية في جمهورية الأدب.
أسئلة كثيرة سيطرحها النقاد في ضوء اختيار لجنة نوبل الأخير، وسيختلفون حولها كثيرا، كما اختلفوا منذ أكثر من نصف قرن في الأقل.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.