هنديات يزاحمن الرجال في قيادة سيارات التاكسي

شانو بيغام تشعر بالتحرر عندما تقود السيارة بسرعة 120 كيلومترًا في الساعة

زمرد بارفين، رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون يتحدث إلى سائقات التاكسي خلال زيارته الأخيرة للهند
زمرد بارفين، رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون يتحدث إلى سائقات التاكسي خلال زيارته الأخيرة للهند
TT

هنديات يزاحمن الرجال في قيادة سيارات التاكسي

زمرد بارفين، رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون يتحدث إلى سائقات التاكسي خلال زيارته الأخيرة للهند
زمرد بارفين، رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون يتحدث إلى سائقات التاكسي خلال زيارته الأخيرة للهند

في الطريق المؤدي إلى العاصمة الهندية نيودلهي، تكمن الكثير من المعاني القوية مع رؤية الكثير من النساء وهن يقدن سيارات التاكسي، ويلتقطن الركاب من مكان لآخر بغض النظر عن جنسيتهم.
عندما قادت شانو بيغام التاكسي لأول مرة، لم يوافقها الكثيرون على فعلتها هذه. ولأنها أم من دون زوج، اضطرت للعمل بنفسها، وكانت ضمن أوائل النساء في دلهي اللاتي قدن التاكسي للإنفاق على ابنتين وابن.
ورأى بعض أقاربها المسلمين الذكور أنها كانت مخطئة، فهي امرأة متدينة ولا يحق لها القيام بمثل هذا العمل.
وقالت شانو: «بما أنني لست متعلمة تعليمًا جيدًا، كانت خياراتي للعمل محدودة. وقد عملت طباخة وخادمة، لكن العائد المادي لم يكن مجديًا. وعندما أطلقت منظمة غير حكومية برنامج تدريب النساء على قيادة السيارات، سجلت اسمي هناك، وانظروا كيف أصبحت الآن».
تبدو شانو واثقة وجذابة في ردائها السترة والبنطلون ووشاح الرأس، مثلها مثل الكثير من النساء المسلمات في الهند عندما يخرجن من المنزل.
وتابعت شانو: «غالبًا ما يتم تجاهل النساء المسلمات.. لكن يسعى الكثير من الفتيات إلى الحصول على نصيحتي، وأنا دائمًا أشجعهن على أن يصبحن سائقات».
وبينما هي تكافح ضد مجتمعها الذكوري، أدلت شانو باعتراف: «أحب القيادة على الطريق السريع. فأنا أشعر بالتحرر عندما تكون سرعة السيارة ما بين مائة إلى 120 كيلومترًا في الساعة».
أما الفتاة المراهقة زمرد بارفين التي انتقلت إلى دلهي من قرية في ولاية أوتار براديش، فكانت خائفة من مسافات المدينة الشاسعة. والآن، يمكنها التنقل عبر طرق المدينة كسائق أجرة متمرس.
وقالت زمرد، وهي تشعر بالابتهاج: «تعلمت القيادة بعد أن شاهدت والدتي إعلان عن إعطاء دروس في القيادة بالمجان. وخلال التدريب، عُرض على أن أكون سائقة تاكسي، فوافقت. وأنا متحمسة لهذا العمل». ولفتت زمرد إلى أنها تكمل دراستها من خلال برامج التعلم عن بعد، التي تطالبها بالذهاب إلى الكلية في نهاية الأسبوع.
وذكرت زمرد، المحجبة أيضًا: «أنا أحب الحجاب. وعندما أخبرت أصدقائي في الجامعة عن وظيفتي كسائقة تاكسي، لم يصدقونني، بسبب ارتدائي النقاب وأنا في الجامعة». وأضافت، وهي مبتسمة: «لم يصدقونني إلا بعدما أن أظهرت لهم بطاقة الزيارة الخاصة بي. لكنهم كانوا مسرورين حقًا. فهذا العمل مريح للغاية. وإذا كان لدى بعض الأعمال الخاصة، أترك القيادة حتى أنهي عملي، ومن ثم أعود إليها من جديد».
اعتادت زمرد على بدء العمل في تمام الساعة السابعة صباحًا، وتأخذ راحة في فترة بين الظهر والساعة الرابعة مساء، وتتوقف عن العمل في نحو الساعة السابعة أو الثامنة مساء. هذا الروتين، كما أوضحت زمرد، «يسمح لنا بتأدية الصلاة خمس مرات في اليوم، بالإضافة إلى قضاء بعض الوقت مع العائلة».
تنتمي زمرد لعائلة محافظة، ولا تلقى قبول أقاربها في قريتها الأصلية لعملها. وتابعت: «عندما بدأت القيادة، تعرضت لكثير من الانتقاد. وقال الناس إن هذا العمل لا يجلب للأنثى زوجًا جيدًا، لكن هذا كله لا يعنيني. يمنح هذا الدخل لعائلة حياة أفضل، لأن والدي الذي يعمل عامل بناء كان المصدر الوحيد للدخل للعائلة».
قادت زمرد قبل ذلك التاكسي في وقت متأخر من الليل، ومع ذلك، لا يخشى والداها على سلامتها، فهي دائمًا ما تتسم بالشجاعة والعقلانية، بحسب والدها الفخور بها.
كما تعتبر هينا خان الطموحة والحيوية، جزءًا من الجيل الجديد من الهنديات المسلمات.
تمرست الكثير من النساء على القيادة بواسطة منظمة «أزاد» غير الحكومية، بهدف توفير سبل للعيش ثبت أنها أكثر ربحًا من المصادر الأخرى التقليدية. وتقدم المنظمة، التي تديرها مينو فاديرا الحاصلة على درجة الماجستير في التنمية الاجتماعية والسياسة العامة من كلية لندن للاقتصاد، التدريب للكثير من سائقات التاكسي، وكذلك تعرض خدمة سائق خاص «صديق».
وتنفق هينا من خلال قيادة التاكسي على عائلة مكونة من عشرة أفراد، وذلك بعد أن أصيب والدها سائق التاكسي بالإعاقة إثر حادثة على الطريق. دخلت هينا إلى مجال القيادة عبر صديق والدها ويدعى محمد، رغم أن هذه الفكرة أزعجت بعض السائقين المسلمين الآخرين.
ويقول محمد إن هينا أحبت هذا العمل بجد. ويضيف محمد، الذي يعمل سائق تاكسي في دلهي منذ أكثر من عقدين من الزمن: «قلت لها فكري جيدًا في الأمر، فهذه ليست وظيفة سهلة».
وقالت هينا، وهي تعدل وشاح الرأس: «معظم الركاب الذكور يبقون هادئين وصامتين. لا أعتقد أن لديهم شيئًا ليقولونه. إنهم بالتأكيد يقولون إن هذه هي المرة الأولى التي يرون فيها سائقة تاكسي مسلمة. فأنا أحب سماع ذلك».
وفي مقهى على جانب الطريق، كانت امرأة محجبة تدعى تشاند بيغوم تحتسي القهوة، وفي غضون دقائق، جاء أحد العملاء وهو شاب يطالبها بتوصيله إلى محطة سكة حديد دلهي.
تنتمي تشاند لعائلة مسلمة محافظة، وكانت متزوجة لسائق شاحنة في سن مبكرة، ولديها أربعة أطفال، وبدافع رغبتها في التمتع بحياة أسرية، لم تخرج أبدًا من منزلها، لكن عندما توفي زوجها في حادثة سير على الطريق، اضطرت لتدبير أمور نفسها هي وأطفالها بنفسها، وبعد قيامها ببعض الوظائف الوضيعة، بدأت في أخذ دروس في القيادة، وأصبحت الآن سائقة تاكسي ماهرة، ولم تكن رحلتها أيضًا لتكون سائقة تاكسي سهلة.
قالت تشاند: «كنت في ضائقة مالية، وأخذني قريب إلى مدرسة التدريب المجاني على القيادة. ولمدة ثلاثة أشهر، كنت أخرج من المنزل بالبرقع، وأغيره أثناء دروس القيادة، ثم أرتدي البرقع مرة أخرى وأعود إلى المنزل». وفي النهاية، عندما أخبرت أقارب زوجي بأنني أرغب في قيادة تاكسي لكسب العيش، أمسكوا بالسيوف، ووصفوا سلوكها بأنه غير إسلامي، وطالبوها بشغل وظيفة أخرى وضيعة كخادمة. وبعدها، استشار شقيقي شاه علم، وهو باحث إسلامي ورجل دين يحظى باحترام الجميع، فقال له إن كان العمل آمنًا، ويساعدها في الحصول على المال، ولا يعرضها لخطر الوقوع ضحية جنسية، فلا بأس به».
وتعي تشاند جيدًا عقيدتها وتقاليدها، ولا تزال ترتدي الحجاب والملابس التي تغطي ذراعيها وساقيها في الأماكن العامة، كما أنها تتدبر أمور المنزل في الأوقات المخصصة للصلاة.
وهناك سلمى التي تشع الثقة منها، وهي بعيدة كل البعد عن البرقع الذي كانت ترتديه قبل ذلك. وقالت: «لا يمكنني أن أصدق أن لدي هويتي الخاصة، بعدما كنت معروفة باسم زوجة شخص ما، أصبحت معروفة بسلمى، السائقة». وبدأت قصتها كسائقة تاكسي عندما هجرها زوجها هي وطفليها للزواج بأخرى.
ذكرت سلمى: «القيادة هي سر بهجتي، فهي أفضل بكثير لحياتي وأمن طفليّ».
ومع ذلك، بالنسبة لهؤلاء النساء السائقات، يتمتع الكثير من الركاب بالود والسخاء. وفي الواقع، يتفاجأ كثير من الركاب، خصوصا النساء، ببهجة عندما يرون سائقة تاكسي.
وقالت سامينا، 29 عامًا، التي أصبحت أعلى سائقة أجرة في المدينة مؤخرًا: «تشعر النساء بالأمان عندما أقلهم من المطار إلى محل الإقامة أو من مكان إلى آخر». وذكرت: «يعرب الركاب عن دهشتهم عندما يرونني. وهذا يعطي الركاب النساء الشعور بالأمان، ولا سيما في الساعات المتأخرة من الليل».
ومع ذلك، تفيد هؤلاء السائقات بأنه عندما يرونهم السائقون الرجال، فإنهم يحاولون تخطيهن، وإعاقة طريقهن، ويطلقون أصوات صفير، ويحملقون فيهن. إنها ثقافة الذكور التي تجد هؤلاء النساء تهديدًا لهم. كما تقول السائقات إنهن يتعرضن أيضًا للمضايقات وللتحرش في مواقف السيارات.
ولا شك في أن هذا العمل الناجح لهؤلاء النساء الباسلات يستحق التشجيع والفخر به.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».