أوباما يعتذر لضرب مستشفى أفغانستان.. لكنه يرفض تحقيقًا دوليًا

قال إن البنتاغون بصدد التحقيق في العملية

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث عن اعتذاره الرسمي لمديرة منظمة أطباء بلا حدود بسبب ضرب طائرة أميركية لمستشفى تابع للمنظمة في قندوز الأسبوع الماضي (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث عن اعتذاره الرسمي لمديرة منظمة أطباء بلا حدود بسبب ضرب طائرة أميركية لمستشفى تابع للمنظمة في قندوز الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

أوباما يعتذر لضرب مستشفى أفغانستان.. لكنه يرفض تحقيقًا دوليًا

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث عن اعتذاره الرسمي لمديرة منظمة أطباء بلا حدود بسبب ضرب طائرة أميركية لمستشفى تابع للمنظمة في قندوز الأسبوع الماضي (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث عن اعتذاره الرسمي لمديرة منظمة أطباء بلا حدود بسبب ضرب طائرة أميركية لمستشفى تابع للمنظمة في قندوز الأسبوع الماضي (أ.ب)

رغم أن الرئيس باراك أوباما أصدر اعتذارا رسميا، وصف بأنه نادر، في اتصال تلفوني مع جوان ليو، مديرة منظمة أطباء بلا حدود، بسبب ضرب طائرة أميركية لمستشفى تابع للمنظمة في أفغانستان في الأسبوع الماضي، لكنه عارض إجراء تحقيق دولي، وقال إن البنتاغون يحقق في الموضوع، وإنه في انتظار نتائج التحقيق.
وقال السكرتير الصحافي للبيت الأبيض، جوش ارنست، إن أوباما تحدث تلفونيا مع ليو.
وأضاف ارنست: «عندما نرتكب خطأ، نكون صادقين، ونعترف بما حدث، ونعتذر. تظل وزارة الدفاع تبذل جهودا كبيرة دون سقوط ضحايا مدنيين خلال عملياتها العسكرية. لكن، في هذه الحالة، حدث خطأ. وهو خطأ تعترف به الولايات المتحدة».
وقال ارنست إن أوباما وعد ليو بإجراء «تحقيق شامل». وإنه «إذا لزم الأمر، سيأمر بتنفيذ تغييرات تقلل من مثل هذه المآسي في المستقبل». ورفض دعم طلب ليو بإجراء تحقيق دولي مستقل في الحادث. لكن، أعلن دعم تحقيق البنتاغون الحالي، وأيضا تحقيقات منفصلة بمشاركة حلف الناتو وحكومة أفغانستان.
وقال جون بلينغر، مستشار قانوني سابق في الخارجية الأميركية: «نحن نشترك في بعض المحاكم الدولية، وبعض منظمات التحقيق الدولية. ونحن وقعنا على كثير من المعاهدات. لكن، عندما يتعلق الأمر بالتحقيقات في عملياتنا العسكرية، نحن نحقق فيها بأنفسنا».
ويوم الاثنين، في مؤتمر صحافي في البنتاغون، اعترف الجنرال جون كامبل، قائد القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان، بأن طائرة أميركية ضربت، يوم السبت، مستشفى قندوز في أفغانستان. لكنه قال إن الضربة جاءت «بناء على طلب» القوات الأفغانية التي كانت تعرضت لنيران تنظيم طالبان. وقال إن الضربة تسببت في قتل 12 شخصا في المستشفى التابع لمنظمة «أطباء بلا حدود».
ووعد كامبل بمواصلة التحقيق في الضربة الأميركية. وقال: «إذا ارتكبت أخطاء، سنعترف بها. وتجب محاسبة المسؤولين (عن الضربة). وسنتخذ تدابير لتجنب تكرارها».
لكن رفض كامبل تحديد هوية الجهة التي أجازت ضربة الطائرة. ورفض أيضا شرح سبب استهداف المستشفى رغم أن منظمة «أطباء بلا حدود» كانت أبلغت المسؤولين الأفغان والأميركيين بالحذر. ورفض أيضا شرح سبب عدم إيقاف الضرب بعد البلاغات الأولية من المنظمة. واكتفى كامبل بالقول: «سيرد التحقيق على كل هذه الأسئلة».
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، أكدت تصريحات كامبل «استمرار الخلاف حول ما حدث بالتحديد، وزادت الجدل الدائر حول الموضوع». وبينما سعى مسؤولون أميركيون لشرح أسباب وكيفية ضرب طائرة أميركية لمستشفى تديره منظمة «أطباء بلا حدود»، قالت المنظمة إن الولايات المتحدة «مسؤولة مسؤولية مباشرة».
ونقلت الصحيفة على لسان كريستوفر ستوكس، مدير في المنظمة، قوله: «الحقيقة هي أن الولايات المتحدة هي التي أسقطت تلك القنابل، ومع مثل التناقضات المستمرة في تفسيرات المسؤولين في الولايات المتحدة وفي أفغانستان حول ما حدث، توجد حاجة إلى إجراء تحقيق مستقل، وشفاف، وكامل».
وقالت الصحيفة إن «هذه الغارة الجوية الكارثية تعزز الشكوك حول مدى فعالية قوات أميركية محدودة في أفغانستان وهي تعمل مع القوات الأفغانية لصد طالبان».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.