المعارضة السورية تتقدم في الجنوب مستفيدة من انشغال النظام بمعركة الشمال

استفادت من أولويته لمعركة ريف حماه وإدلب وسحبه قطعات عسكرية من محيط العاصمة

دبابة حديثة تدعى «دبابة قيادة» اغتنمتها المعارضة أول من أمس خلال المعارك على جبهة مورك بريف حماه (صفحة الناشط الإعلامي هادي العبد الله)
دبابة حديثة تدعى «دبابة قيادة» اغتنمتها المعارضة أول من أمس خلال المعارك على جبهة مورك بريف حماه (صفحة الناشط الإعلامي هادي العبد الله)
TT

المعارضة السورية تتقدم في الجنوب مستفيدة من انشغال النظام بمعركة الشمال

دبابة حديثة تدعى «دبابة قيادة» اغتنمتها المعارضة أول من أمس خلال المعارك على جبهة مورك بريف حماه (صفحة الناشط الإعلامي هادي العبد الله)
دبابة حديثة تدعى «دبابة قيادة» اغتنمتها المعارضة أول من أمس خلال المعارك على جبهة مورك بريف حماه (صفحة الناشط الإعلامي هادي العبد الله)

لم تخفف المعارك الضارية التي تخوضها المعارضة السورية المسلّحة في الشمال السوري في مواجهة القوات النظامية البرية مدعومة بغطاء جوي روسي، من حدّة المواجهات على الجبهات الأخرى خصوصًا في العاصمة دمشق والغوطتين الشرقية والغربية وفي الجنوب، حيث تسجّل الفصائل المسلّحة تقدمًا ميدانيًا مستفيدة من عاملين أساسيين، الأول إعطاء النظام الأولوية لمعركة ريف حماه وإدلب وسهل الغاب، والثاني سحب قطعات عسكرية نظامية من محيط العاصمة والدفع بها إلى الجبهة الشمالية.
ولا تبدي المعارضة أي خوف من تكرار سيناريو معركة الشمال في الغوطتين وفي الجبهة الجنوبية، وهو ما أشار إليه عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، الذي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «فصائل المعارضة تخوض معركة اللاعودة في الغوطة الشرقية وخصوصًا في ضاحية الأسد، بعدما باتت في موقع متقدم بعد سيطرتها على الأوتوستراد الدولي الفاصل بين دوما وضاحية الأسد»، مشددا على «استحالة استعادة النظام للمناطق المحررة، خصوصًا بعد إحكام السيطرة على التلال المشرفة على ضاحية الأسد والجزيرة الرابعة التي أخليت من ضباط النظام وعائلاتهم لأنها باتت تحت مرمى نيران الثوار».
واعتبر الداراني أن «المعركة محسومة ميدانيًا بفعل اعتماد المعارضة تكتيكًا قتاليًا ناجحًا، يستند على عامل الهجوم المدروس والقضم البطيء، ومستفيدة في القوت نفسه من تراجع قدرة النظام القتالية بعدما لجأ إلى سحب قطعات كبيرة من الجنود والعتاد من جنوب وشرق دمشق، ودفع بها إلى الجبهة الشمالية لتعزيز قواته».
وأشار قيادي عسكري في الجيش الحرّ إلى أن «المعارضة لا تتخوّف من تكرار سيناريو معركة ريف حماه وإدلب في محيط دمشق والجنوب». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «المعلومات تفيد بأن الأولوية بالنسبة للمعركة التي يخوضها الروس في سوريا، هي حماية قواعدهم العسكرية في الساحل». وقال «إن الثوار يتبعون قاعدة قتالية تقول (عندما يفتح عليك العدو جبهة ضخمة، عليك أن تفتح عدة جبهات في أماكن أخرى لإرباكه)، وهذا ما بدأنا تطبيقه في الجنوب، من خلال فتح معركة (وبشّر الصابرين) في القنيطرة، التي نتج عنها تحرير عدة حواجز، وقصف الفوج 137 هناك. وإذ اعترف بأن هذه المعركة لم تحقق كل أهدافها في أيام قليلة، أكد أنها لم تنته بعد».
ميدانيا، تجدد أمس القصف العنيف لطيران النظام الحربي على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حي جوبر داخل العاصمة دمشق، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة خاضتها فصائل المعارضة لا سيما «جبهة النصرة»، مع القوات النظامية ومقاتلي «حزب الله» اللبناني، أدت إلى إعطاب دبابة لقوات النظام. وانسحب هذا المشهد على ضاحية الأسد قرب مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين الفصائل المقاتلة والقوات النظامية، ترافقت مع غارات نفذتها طائرات حربية على مناطق المواجهات وبلدة المرج في الغوطة الشرقية.
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «اشتباكات دارت بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة من جهة أخرى في أطراف مدينة زملكا بالغوطة الشرقية، ترافق مع سقوط صاروخين أرض - أرض على مناطق الاشتباك، في حين قصفت مدفعية النظام مناطق عدّة في المدينة». وأشار المرصد إلى أن «الطيران المروحي قصف بالبراميل المتفجرة مخيم خان الشيح ومدينة داريا في الغوطة الغربية، كذلك نفذ الطيران الحربي غارات على محيط الأوتوستراد الدولي الذي يربط دمشق بحمص».
وكان ريف القنيطرة الشمالي أمس مسرحًا للمعارك بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وأبرزها «جبهة النصرة» من جهة أخرى، أسفرت عن مقتل ضابط برتبة عقيد من قوات النظام وأحد مقاتلي فصائل المعارضة.
وأفاد «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن القوات السورية النظامية اعتقلت أمس عددًا من أهالي مدينة الزبداني من أماكن نزوحهم في منطقة المعمورة على أطراف الزبداني الشرقية وفي بلدة بلودان بريف دمشق. ونقل المكتب عن الناشط الإعلامي المعارض محمد الغوطاني، أن «مجموعة من اللجان الشعبية في بلودان التابعة للقوات النظامية داهمت منازل سكنية للنازحين في البلدة وفي منطقة المعمورة القريبة منها، واعتقلت عددا من المدنيين النازحين من الزبداني وبينهم عائلات بأكملها». ولفت الغوطاني إلى أنّ «أسباب المداهمة والاعتقال ما زالت مجهولة، وكذلك الجهة التي اقتيد إليها المعتقلون».
وتعتبر هذه المرة الأولى التي تعتقل فيها القوات النظامية نازحين من الزبداني في المناطق الخاضعة لسيطرتها منذ بدء الحملة العسكرية لاقتحام المدينة، التي استمرت ثلاثة أشهر وتوقفت إثر اتفاق هدنة بين الطرفين بدأ منذ 20 يوما، حسب ما بين المصدر.
وفي سياق متصل، أكد الغوطاني أن «عناصر من حزب الله اللبناني يعملون على تفتيش العابرين عند حاجز المعمل على أطراف بلدة مضايا بشكل دقيق يصل إلى إجبار الشبان منهم على خلع ملابسهم أحيانًا».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.