رغم فضيحة «فولكسفاغن».. أوروبا قد تستمر في تشبثها بالسيارات المستعملة للديزل

تمثل قرابة 3 % من الولايات المتحدة وتهيمن في القارة العجوز

رغم فضيحة «فولكسفاغن».. أوروبا قد تستمر في تشبثها بالسيارات المستعملة للديزل
TT

رغم فضيحة «فولكسفاغن».. أوروبا قد تستمر في تشبثها بالسيارات المستعملة للديزل

رغم فضيحة «فولكسفاغن».. أوروبا قد تستمر في تشبثها بالسيارات المستعملة للديزل

نظرًا لكونها من عملاء «فولكسفاغن» المخلصين طيلة سنوات، شعرت جين كيلي بـ«الصدمة»، حسبما قالت، بسبب الأنباء الأخيرة حول أن الشركة الألمانية مارست الغش في اختبارات قياس حجم الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري داخل الولايات المتحدة.
من بين السيارات التي اقتنتها كيلي مؤخرًا سيارات «باسات» بيضاء إنتاج عام 2013. بها محركين ديزل سعة 2 لتر. من جهتها، اعترفت الشركة بأن 11 مليونا من سياراتها - «فولكسفاغن» و«أودي» و«سكودا» و«سيات» مزودة بمحرك ديزل - مجهزة بـ«سوفت وير» مصمم لخداع أجهزة قياس حجم الانبعاثات من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ورغم توترها لدى علمها أن «فولكسفاغن» خدعت عملاءها، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن كيلي ترغب في اتخاذ أي إجراءات من جانب الشركة حيال الأمر، وتساءلت بقلق: «هل سيسحبون السيارات ويعبثون بمحركاتها؟».
مثلما الحال مع، على الأقل، بعض قائدي السيارات الديزل من الأوروبيين، فإن كيلي لا تبدي رغبة في التخلي عن سيارتها لمجرد أنها تطلق كمية من الانبعاثات الضارة تفوق ما سبق وأن اعتقدته. وأكدت كيلي أنه: «أشعر بأنها سيارة آمنة للغاية». كما أبدت إعجابها بمعدل التسارع بمحرك التربو الديزل الخاص بها، الذي أوعزت إليه الفضل في إنقاذها مؤخرًا من كارثة محققة.
وتعد كيلي واحدة من ملايين المعجبين بسيارات الديزل عبر أوروبا، حيث تؤدي أسعار الوقود والضرائب في جعل تكلفة تزويد السيارات بالوقود أعلى بكثير عما عليه الحال داخل الولايات المتحدة. ونظرًا لإعجابهم بتفوق محركات الديزل في ترشيد استهلاك الوقود عن نظيرتها المعتمدة على الغازولين وانخفاض أسعار وقود الديزل، أبدى المستهلكون الأوروبيون منذ أمد بعيد تفضيلهم لسيارات الديزل - عادة جماعية ربما يصبح من الصعب التخلي عنها، رغم ما تسببت فيه فضيحة «فولكسفاغن» في تسليط الضوء على الجانب المظلم لسيارات الديزل.
وبحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ففي الوقت الذي واجهت فيه سيارات الديزل مشقة داخل الولايات المتحدة للتغلب على سمعتها باعتبارها مصادر إضرار بالبيئة - تمثل هذه السيارات قرابة 3 في المائة من سوق السيارات الأميركية - فإنها هيمنت على الضفة الأخرى من الأطلسي. يذكر أن سيارات الديزل شكلت أكثر من نصف السيارات الجديدة المبيعة في أوروبا الغربية العام الماضي، مقارنة بـ14 في المائة عام 1990.
والملاحظ أن ميل الأوروبيين نحو سيارات الديزل شجع المصنعين على تحسين أداء محركات السيارات، علاوة على تحفيزه الحكومات، خاصة في ألمانيا وفرنسا، لدعم جهود شركات إنتاج السيارات بمجال السيارات الديزل. ورغم التحذيرات التي يطلقها المعنيون بالبيئة منذ سنوات، فإن القوى الداعمة لسيارات الديزل كانت قوية بدرجة بالغة ربما تفسر تغاضي السائقين ومصنعي السيارات والمشرعين أحيانًا عن ميل سيارات الديزل للتسبب في قدر أكبر من التلوث عما تسببه السيارات العاملة بالغازولين.
جدير بالذكر أنه في ردها مؤخرًا على اقتراح من أحد أعضاء حزب الخضر ببلادها لمنع سيارات الديزل، قالت سيغولين رويال، وزيرة البيئة والطاقة الفرنسية: «نحظر الديزل؟ هل أنت جاد في قولك. ليس بإمكاننا التعامل مع مشكلات بهذه الخطورة وهذا الحجم بالاعتماد على شعارات آيديولوجية على حساب المصالح الفرنسية»، مشيرة إلى أن أكثر من نصف السيارات على الطرق الفرنسية تعمل بالديزل.
في الواقع، تبلغ النسبة داخل فرنسا قرابة 64 في المائة، وتفوق حتى نظيرتها في ألمانيا، مع انضمام سيارات «رينو» و«بيجو» و«سيتروين» فرنسية الصنع إلى «فولكسفاغن» على الطريق. يذكر أنه لا يوجد مؤشر على أن صانعي السيارات الفرنسية غشوا بشأن اختبارات قياس انبعاثات الغازات الضارة بيئيًا.
يذكر أنه حتى الآن لم توضح «فولكسفاغن» كيف تنوي التعامل مع مشكلة الـ«سوفتوير» الخادع، رغم أن الحكومة الألمانية حددت السابع من أكتوبر (تشرين الأول) موعدًا نهائيًا لاقتراح الشركة حلاً. وعلى خلاف الحال داخل الولايات المتحدة، حيث يعكف محامون بالفعل لتشجيع مالكي سيارات على أمل التقدم بدعوى جماعية ضد الشركة، فإن أوروبا تفتقر إلى تقليد مشابه يشجع المستهلكين على المطالبة بصورة جماعية بتعويض مادي.
من جهتها، أعلنت «فولكسفاغن»،، أنها ستعد خطة لتحسين مستوى انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من السيارات المتضررة. ومن المقرر إخطار أصحاب السيارات خلال الأسابيع والشهور التالية بها بعد موافقة السلطات عليها، حسبما أضافت الشركة.
من جهته، قال توني نوفاك، المحرر المتقاعد من «بي بي سي» ويعيش حاليًا في ريدينغ بإنجلترا: «لو حدثت إعادة جمع للسيارات، سأكون سعيدًا بألا يشمل ذلك سيارتي». يذكر أنه في بريطانيا، ينتمي ما يزيد على النصف قليلاً من السيارات الجديدة المبيعة إلى سيارات الديزل.
وأضاف نوفاك: «كان أداء سيارات الديزل في العادة بشعًا - كانت قذرة وبطيئة. الآن أصبحت رائعة».
من الواضح أن فكرة أن «فولكسفاغن» ربما تكون حققت هذا الأداء عن طريق الغش - من غير الواضح بعد ما إذا كانت الشركة كانت بحاجة إلى الـ«سوفتوير» الخادع لاجتياز اختبارات قياس حجم الانبعاثات الأوروبية، التي تتسم بصرامة أقل عن نظيرتها الأميركية - ليست الأولوية الكبرى لنوفاك، الذي قال: «ما يقلقني أنهم حال تلاعبهم في الحاسب الآلي، سيتردى الأداء».
جدير بالذكر أن قرابة خمسة ملايين من السيارات المتضررة تنتمي لطرازي «غولف» و«باسات»، بجانب طرز أخرى من «فولكسفاغن»، بينما مليونا سيارة أخرى من «أودي»، والباقي «سكودا» و«سيات»، أو سيارات تجارية خفيفة.
وقد أخبر ماتياس مولر، الذي جرى تعيينه رئيسًا تنفيذيًا لـ«فولكسفاغن»، الأسبوع الماضي، كبار المديرين بالشركة، الاثنين الماضي، أن الـ«سوفتوير» المخادع جرى تفعيله في نسبة فقط من الـ11 مليون سيارة التي تملك ما يدعى محركات ديزل «إي إيه 189». إلا أن الشركة لم تشرح كيف جرى تصميم الكثير من السيارات لخداع اختبارات قياس حجم الانبعاثات.
من جانبهم، قال خبراء معنيون بصناعة السيارات إن فضيحة «فولكسفاغن» قد تصبح نقطة تحول في مستقبل محركات الديزل، إذا ما أصبحت أصوات البيئيين مسموعة بدرجة أكبر داخل أوروبا بفضل المعايير الأوروبية الجديدة للانبعاثات الضارة بالبيئة يذكر أن فكرة «الديزل النظيف» التي روجت لها «فولكسفاغن» تعتمد في جزء منها على فكرة أن محركات الديزل تصدر قدر أقل من ثاني أكسيد الكربون عن محركات الغازولين. إلا أن محركات الديزل تنتج كميات أكبر من غازات أخرى ضارة بيئيًا - أكسيد النيتروجين.
تبعًا للوكالة البيئية الأوروبية، الذي يراقب مستوى جودة الهواء، فإن ما بين 20 في المائة و30 في المائة من سكان الحضر داخل أوروبا يتعرضون لمستوى جزيئات دقيقة ضارة في الهواء - الصادرة بصورة أساسية من محركات الديزل - تفوق المعدلات التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي آمنة، بينما يتعرض نحو 10 في المائة لمستويات غير آمنة من أكسيد النيتروجين.
وتعد لندن وباريس من بين أكثر المدن تلوثًا بأكسيد النيتروجين. وبلغ الضباب في شوارع باريس في مارس الماضي والذي سبقه لدرجة دفعت السلطات للحد مؤقتًا من أعداد السيارات المسموح لها بالسير على الطرق يوميًا.
وتعد آن إدالغو، عمدة باريس، التي تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ في نوفمبر (تشرين الثاني)، من بين من اقترحوا فرض حظر تام على سيارات الديزل داخل المدينة.
في المقابل، ينوي عمدة لندن، بوريس جونسون، إقرار منطقة انبعاثات شديدة الانخفاض داخل لندن بحلول عام 2020 لا يسمح بمرور سيارات الديزل الأقدم بها. بيد أن الجهود البيئية يجب أن تتوافق مع مشهد اقتصادي يميل بشدة تجاه الديزل، ذلك أن وقود السيارات تبلغ تكلفته أضعاف نظيره داخل الولايات المتحدة، الأمر الذي يعود بصورة أساسية للضرائب الأعلى. يذكر أن متوسط سعر الغازولين في لندن في أغسطس (آب)، مثلاً، كان 521 بنسًا، أو نحو 7.92 دولار، للغاالون. وداخل غالبية دول أوروبا، يباع الديزل بسعر أقل عن الغازولين بنسبة 15 في المائة تقريبًا.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.