أهالي حضرموت ينشئون قوة لحفظ الأمن بعد تسلمهم المرافق العامة من المتشددين

المسلحون يتجهون للتخلي عن القصر الجمهوري لـ «المجلس الأهلي» خلال أيام

الشيخ عبد الحكيم بن محفوظ
الشيخ عبد الحكيم بن محفوظ
TT

أهالي حضرموت ينشئون قوة لحفظ الأمن بعد تسلمهم المرافق العامة من المتشددين

الشيخ عبد الحكيم بن محفوظ
الشيخ عبد الحكيم بن محفوظ

أعلن المجلس الأهلي الحضرمي إنشاء قوة أمنية، وهي القوة التي أسندت إليها مهام حفظ الأمن والاستقرار وضبط عصابات الإجرام في حضرموت، بما يضمن تأمين أمن الميناء والمطار والإدارات الحكومية.
وتمكنت القوة الأمنية التي أنشأها المجلس الأهلي الحضرمي من فتح مراكز الأمن العام التابع للحكومة الشرعية، وإغلاق مبنى الأمن التابع لأنصار «القاعدة» الذين يسمون أنفسهم «أبناء حضرموت وأنصار الشريعة».
وكشف الشيخ عبد الحكيم بن محفوظ الأمين العام للمجلس الأهلي الحضرمي، لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه لم يتبق سوى أيام معدودات تفصل بين موعد المحدد من قبل تنظيم القاعدة لتسليم القصر الجمهوري للمجلس الأهلي، وفقًا للاتفاق الذي أبرمه المجلس في وقت سابق مع (القاعدة) والقاضي بتسليم مؤسسات الدولة.
وقال بن محفوظ: «إن (القاعدة) أوفت بالكثير من وعودها بتسليم المجلس مؤسسات الدولة في المكلا لتسيير حياة المواطنين، ومن تلك المؤسسات ميناء المكلا والبنك المركزي وبعض المرافق الحكومية ومطار المكلا الدولي ومبنى المحافظة».
وتابع: «إن أتباع (القاعدة) سلموا قبل أيام المؤسسة الاقتصادية التي كانوا يتخذونها مكانًا للقضاء والأمن، حيث أغلقوها»، مؤكدًا تسلم المجلس المراكز الأمنية الفارغة منذ أبريل (نيسان) الماضي.
وأكد تكليف قيادات أمنية من المكلا لإدارة المراكز الأمنية التي تم تسلمها، فضلاً عن أنه جرى تدريب الكثير من شباب حضرموت لتغطية الفراغ في تلك المراكز الأمنية من جنود متطوعين ومحققين وقضاة للنظر في شكاوى الناس وحلها.
وأقر بن محفوظ بأن أتباع «القاعدة» أبقوا على القصر الجمهوري في المكلا تحت سيطرتهم، ولم يُتسلم منهم وفق المتفق عليه مسبقًا، مشيرًا إلى أن مصير القصر الجمهوري سيظل معلقًا حتى نهاية شهر الحج الذي لم يتبق منه سوى أسبوع واحد ليحل الموعد النهائي لإخلائه.
وشدد على أن المجلس الأهلي سيعمل على تقييم مستوى استجابة (القاعدة) حتى نهاية ذي الحجة الحالي، على أن يحدد موقفه على ضوء التقييم المرتقب بعد ذلك.
وذهب بن محفوظ إلى أن المجلس كان واضحًا عندما أصدر بيانه الأخير قبيل عيد الأضحى وطالب فيه «القاعدة» بالإيفاء بما تبقى عليهم من التزامات واتفاقات سابقة ووعودهم بتسليم المجلس بقية المرافق المدنية والأمنية والعسكرية ومنها القصر الجمهوري ومعسكر اللواء 27 ميكا في الريان وميناء الضبة مع شكرهم على تفهم وضع المحافظة والعاصمة المكلا وتسليم المرافق السابقة.
وقال الأمين العام للمجلس الأهلي الحضرمي، إنه بعد مرور ستة أشهر بالتمام والكمال على سقوط مدينة المكلا ودخولها في فراغ أمني وسلطوي لا شك أن المواطن في ساحل ووادي حضرموت كان المتضرر الأول من الأزمة التي دخلت فيها المحافظة منذ الثاني من أبريل الماضي، على الرغم من أن الوضع في ساحل حضرموت كان الأفضل بالمقارنة مع ما تعرضت له محافظات مجاورة من حرب وصراع وخراب وقتل وتشريد ونزوح وغيره، فهو أمر لا ينكره أي متابع للوضع حتى اليوم.
وركز بن محفوظ على أن الجميع يعلم أن المجلس الأهلي الحضرمي تصدر بعد الاتفاق بين العلماء و«القاعدة»، المشهد في مدينة المكلا لتسيير حياة الناس بما يستطيع، وبما يملك من قدرات وإمكانات في ظل غياب الدولة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
وأشار بن محفوظ إلى أن آلية تكوين المجلس الأهلي جاءت في ظروف استثنائية يعرفها الجميع انهارت فيها مؤسسات الدولة والمعسكرات والجيش والأمن واختفى كثير ممن كنا نتوقع أن يتقدموا لعدم السماح بدمار وتخريب حضرموت وتعريضها للدمار وسفك دماء الأبرياء، وكان الرأي المتفق عليه أن حضرموت لا ينبغي أن يدخلها الحوثيون ويتوجب أن يشارك الجميع في الدفاع.
وقال بن محفوظ: «تواصلنا مع رؤساء الأحزاب والحراك وطلبنا منهم المشاركة في المجلس الأهلي، حيث تقدم العلماء وبعض الشخصيات المعروفة وحاوروا أتباع تنظيم القاعدة وأخبروهم بأن إمساكهم بزمام السلطة في حضرموت يعني في المحصلة دمار وتعريض حضرموت لخطر مؤكد، ليجري الانتهاء إلى الاتفاق مع (القاعدة) على تسليم المرافق والإدارات والأمن إلى مجلس أهلي يشكل من علماء وشخصيات ومقادمة، وغيرهم»، مضيفًا أن المجلس الأهلي لا ينكر أن الشباب (أبناء حضرموت) الذين سيطروا على المكلا لم يرفعوا راية «القاعدة» حفاظًا على المكلا من الدمار.
وشدد الأمين العام للمجلس الأهلي الحضرمي على أن الأيام مضت وتسلم المجلس الأهلي المطار ثم الميناء وبدأت الحياة تدب من جديد في المكلا بعد أن كانت مدينة أشباح في الأيام الأولى لدخول «القاعدة» والبنك المركزي خالي البنية التحتية للأمن والخدمات غير موجودة.
ودعا من نسي أن يعود بالذاكرة لتلك الأيام لأنه يستغرب ظهور بعض الأصوات والرؤوس التي أطلت بعد مرور خمسة أشهر من الأزمة لتشكيك بالمنجزات، مع التأكيد أن المجلس لن يقصي أحدًا، وأن عقيدته ترحب بكل الأطياف والمكونات تحت مظلة حضرموت دون حزبية أو مناطقية، مشددًا على أن المجلس رفض شخصيات لها ثقلها السياسي لأنها لم تنفذ شرط الابتعاد عن الحزبية والمناطقية.
ودافع بن محفوظ عن المجلس الأهلي الذي اتهمه البعض بأنه احتكر السلطة قائلا، إن «هذا أمر غير صحيح والمجلس يرحب بالجميع، فحضرموت بلد الجميع وينبغي أن تتضافر جهود الجميع لخدمتها وإشراك كل من يرغب صادقًا في خدمة حضرموت».
وبشأن الأصوات التي تتحدث عن عدم اعتراف الدولة بالمجلس، قال الأمين العام للمجلس الأهلي: «أكدنا مرارًا على زيارات وفود المجلس إلى الرياض ولقاءاتهم مع الرئيس ونائبه رئيس الوزراء والمحافظ وتثمين وتقدير الرئيس لدور المجلس الأهلي في حفظ أمن واستقرار حضرموت».
وبشأن مسألة الدعم للمجلس، قال بن محفوظ، إن «الحكومة تعاني من حالة عجز تجعلها غير قادرة على الدعم وتوفير المتطلبات الخدماتية التي تحتاج إليها حضرموت، وليس أدل على ذلك من وضع وادي حضرموت وهو بيد الدولة ومستوى الخدمات فيه سيئ للغاية في مجال الكهرباء والغاز وغيره، وكذلك بقية المدن ولا تزال حتى عدن المحررة من الحوثيين تعاني من ضعف الخدمات».
وفيما يخص مزاعم إخفاقات المجلس الأهلي وعدم تمكنه من توفير الضروريات، قال إن «الجواب عليها من وجوه عدة، أولها أن المجلس الأهلي وضع نصب عينيه منذ قيامه هدفين رئيسيين؛ الأول هو تسلم وتأمين المنشآت العامة والمؤسسات التي يجري تسلمها من (القاعدة)، وأيضًا إيجاد قوة أمنية تستطيع حفظ الأمن والاستقرار وضبط عصابات الإجرام، وعلى هذا جرى تسلّم الميناء والمطار والإدارات ووضعت لها حراسات تابعة للمجلس وكذلك إنشاء قوة أمنية استطاعت فتح مراكز الأمن العام».
وأضاف الشيخ بن محفوظ: «جرى إغلاق مبنى الأمن التابع لأبناء حضرموت القاعدة الموجود في المؤسسة الاقتصادية، وكان المؤمل أن تقوم الحكومة بدعم هذا الجانب بشكل خاص لحاجته الماسة لإمكانات كبيرة وسنذكر سبب عدم الدعم حسب ظننا».
وأبان أن «الهدف الثاني يتمثل في تقديم الخدمات الضرورية للناس بحسب الاستطاعة وبالأخص النظافة والصحة والكهرباء والمياه، ولم يكن الوضع قبل دخول (القاعدة) مثاليًا والخدمات في أحسن أحوالها مع وجود الحكومة وقبل نشوب الحرب التي أشعلها الحوثي فهل يتوقع في ظرف استثنائي والبلاد في حالة حرب والمدن تدمر صنعاء وتعز وعدن وغيرها ولم يكن هناك أحد يسأل عن الخدمات بقدر ما يطالبون بإيقاف الصواريخ والقذائف التي كانت تنهمر عليهم».
وقال بن محفوظ، إنه «في تلك الأثناء عاشت وما زالت حضرموت بقدر من الخدمات أفضل من أي محافظة أخرى، بل أفضل من وادي حضرموت الذي بقيت الدولة فيه وعانى ولا يزال من نقص في الخدمات أعظم بكثير من وضع الساحل».
وأقر أمين المجلس الأهلي بوجود صعوبات وعقبات تواجهها حضرموت، كاشفًا عن «مفاوضات شاقة تجري حاليًا مع (القاعدة) لتسليم المكلا وتجنيبها أي صراعات أو مواجهات عسكرية، على اعتبار أن المدينة لا تحتمل أي توترات أمنية».
وتعهد بن محفوظ بأن المجلس الأهلي ستكون كلمته نهاية شهر ذي الحجة الحالي بموجب البيان الذي أصدره المجلس بضرورة أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها بعد أن وصلت إلى عدن وأن تنظر لحال حضرموت كما أن المجلس ينتظر أن يكمل أبناء حضرموت التزاماتهم بتسليم ما تبقى والوفاء بوعد خروجهم من المكلا لتعيش هذه المدينة الهادئة بسلام وأمان.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».