واشنطن ترفض التعاون العسكري مع موسكو.. وتؤكد: «استراتيجيتها معيبة بشكل مأساوي»

أربع سفن حربية روسية في بحر قزوين أطلقت 26 صاروخا على سوريا

واشنطن ترفض التعاون العسكري مع موسكو.. وتؤكد: «استراتيجيتها معيبة بشكل مأساوي»
TT

واشنطن ترفض التعاون العسكري مع موسكو.. وتؤكد: «استراتيجيتها معيبة بشكل مأساوي»

واشنطن ترفض التعاون العسكري مع موسكو.. وتؤكد: «استراتيجيتها معيبة بشكل مأساوي»

أبلغ سيرجي شويغو وزير الدفاع الروسي، الرئيس فلاديمير بوتين خلال اجتماع نقلته محطات التلفزة، اليوم (الاربعاء)، بأن أربع سفن حربية روسية في بحر قزوين أطلقت 26 صاروخًا على تنظيم "داعش" في سوريا.
ورد بوتين بأن من السابق لأوانه الحديث عن نتائج العمليات الروسية في سوريا، وأمر شويغو بمواصلة التعاون مع الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وايران والعراق بشأن سوريا. كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم، أنّ روسيا يمكن أن تأخذ باقتراحات أميركية تهدف إلى تنسيق ضرباتها الجوية في سوريا مع غارات الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة في هذا البلد.
وكان الجنرال ايغور كوناشنكوف المتحدث باسم الوزارة قد أفاد بأنّ "وزارة الدفاع الروسية استجابت لطلبات البنتاغون، ودرست عن كثب الاقتراحات الاميركية بشأن تنسيق العمليات في اطار مكافحة تنظيم "داعش" الارهابي على الاراضي السورية". مؤكّدًا في تصريحات نقلتها وكالات الانباء الروسية أنّ "هذه الاقتراحات يمكن تنفيذها بصورة اجمالية". لكنه أضاف، "نحاول فقط أن نوضح من جانبنا بعض التفاصيل التقنية التي ستُبحثُ اليوم بين خبراء وزارة الدفاع الروسية وخبراء البنتاغون".
وكان مسؤولون أميركيون وروس بحثوا الاسبوع الماضي بطلب من روسيا، سبل تفادي أي احتكاك يمكن أن يحصل في المجال الجوي السوري.
من جهته، رد وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر مزاعم روسيا بشأن تنسيق عملياتها الجوية قائلا إنّ الولايات المتحدة لن تتعاون عسكريا مع روسيا في سوريا، عازيا السبب بكون الاستراتيجية الروسية هناك "معيبة بشكل مأساوي". لكنه أوضح ان واشنطن مستعدة لإجراء مناقشات أساسية وفنية بشأن سلامة الطيارين. وأضاف خلال زيارة لروما "لسنا مستعدين للتعاون في استراتيجية معيبة كما أوضحنا... معيبة بشكل مأساوي من الجانب الروسي".
وكرر كارتر اتهامات أميركية بأن الضربات الروسية لا تركز على مقاتلي تنظيم "داعش".
وفي صعيد متصل، صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم بأنّ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، اقترح ضم قوات نظام الأسد إلى الجيش السوري الحر لقتال "داعش"، ولكن سرعان ما كذّبت مصادر فرنسية الخبر، وأوضحت أنّ هولاند أبلغ بوتين بضرورة مشاركة المعارضة السورية في المفاوضات.
وفي وقت يشن كل من البلدين غارات جوية في سوريا، كان الهدف من المحادثات تنسيق توقيت هذه الغارات لمنع حصول أي تصادم نتيجة وجود طائرات للبلدين في الجو في الوقت نفسه وفي الموقع نفسه، غير أنّها لم تفض إلى نتيجة حتى الآن.
من جهته، يشن الائتلاف الدولي بقيادة أميركية غارات جوية تستهدف منذ سبتمبر (أيلول) 2014، مواقع لتنظيم "داعش" في سوريا. وقدمت دول تعارض نظام الاسد صواريخ موجهة مضادة للدبابات للمجموعة. وكان لهذه الصواريخ تأثير كبير في الميدان.
ميدانيًا، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، بأنّ غارات جوية روسية مكثفة نفذت في محافظة حماة اليوم، ومناطق قريبة في محافظة ادلب المجاورة.
وكانت روسيا حليفة الاسد قد بدأت في تنفيذ ضربات جوية على سوريا الاسبوع الماضي، وهي تؤكد أنّ ضرباتها الجوية تستهدف منذ الاربعاء المجموعات "الارهابية" في سوريا. ولكن على غرار النظام السوري، يصنف الكرملين كل فصيل يقاتل نظام الاسد بـ"الارهابي" بخلاف دول الغرب التي تواصل انتقاد روسيا لشنها ضربات ضد مواقع فصائل مقاتلة تصنفها بالـ"معتدلة". كما يؤكد مقاتلون على الارض أنّ الحملة الروسية تركز بشكل رئيس على جماعات معارضة أخرى وتهدف تعزيز دعم الأسد بدلًا من محاربة التنظيم المتشدد.
وذكر المرصد أن الضربات صاحبها هجوم بري على أربعة مواقع على الاقل تابعة لمقاتلي المعارضة. وأضاف أن "قوات النظام"، تنفذ الهجمات البرية؛ وهي عبارة تستخدم على نطاق واسع للاشارة إلى الجيش السوري والجماعات المسلحة المحلية والاجنبية الحليفة له.
واستهدفت الضربات الروسية بلدات كفر زيتا وكفر نبودة والصياد وبلدة اللطامنة في محافظة حماة وبلدتي خان شيخون والهبيط في ادلب.
ويسيطر تحالف من الجماعات المقاتلة يضم "جبهة النصرة" جناح تنظيم القاعدة في سوريا وجماعات اسلامية أخرى، على معظم محافظة ادلب، ما جعل الجيش السوري يتعرض لضغوط.
وتابع المرصد بالقول إن هناك أيضا قصفا كثيفا بصورايخ أرض - أرض.
من جانبه، قال قائد فصيل سوري معارض تدربه الولايات المتحدة، اليوم، إنّ الضربات الجوية الروسية دمرت مستودعات الاسلحة الرئيسة لمجموعته، في الوقت الذي توسع روسيا هجماتها على مقاتلين يدعمهم خصوم أجانب للرئيس السوري بشار الاسد.
وجرى استهداف لواء صقور الجبل - الذي شارك مقاتلوه في تدريبات عسكرية نظمتها المخابرات المركزية الاميركية - الاسبوع الماضي أيضا بضربات روسية، فيما بدأت موسكو حملتها الجوية دعما لدمشق.
وقال حسن حاج علي الذي يقود المجموعة لوكالة رويترز للأنباء عبر الانترنت، إنّ الضربات الجديدة استهدفت مستودعات الاسلحة الرئيسة في محافظة حلب الغربية ودمرتها بالكامل في وقت متأخر من يوم أمس (الثلاثاء). كما أفاد في تسجيل صوتي جرى الحصول عليه بشكل منفصل، بأنّ هذه تعتبر المستودعات الرئيسة للواء.
وينشط لواء صقور الجبل في مناطق بغرب وشمال سوريا، حيث تتركز الكثير من الضربات الجوية الروسية وحيث لا يوجد لتنظيم "داعش" - الهدف المعلن للغارات الروسية - أي وجود يذكر.
والمجموعة هي واحدة من عدد من جماعات معارضة تعتبرها الولايات المتحدة معتدلة، وتلقت تدريبًا في اطار برنامج شديد السرية للمخابرات المركزية الاميركية. وهذا البرنامج لا علاقة له ببرنامج آخر وضعته وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)، لتدريب مقاتلين سوريين ومدهم بالسلاح لمحاربة "داعش".



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.