أبو حمزة المصري من سجنه الأميركي : لا يقدرون أنني معاق

تلقت «الشرق الأوسط» أول من أمس رسالة من القيادي الأصولي أبو حمزة المصري المحتجز في سجن ميسوري الفيدرالي شديد الحراسة مدى الحياة بتهم الإرهاب، عبر عائلته في لندن، قال فيها إنه لم يتلق «حقوقه الإنسانية» الأساسية، في البداية، مثل حرمانه من الاتصال الهاتفي بعائلته، وإعطائه طعامًا معلبًا يصعب عليه فتحه (نظرا لفقدانه يديه)، وغيرها من أنماط القهر والظلم التي وقعت عليه.
وأبو حمزة المصري معتقل لدى الأميركيين منذ أكثر من عامين قبل الحكم عليه يناير (كانون الثاني) الماضي، بالسجن مدى الحياة بعد ثمانية أشهر من إدانته في اتهامات اتحادية بالإرهاب في نيويورك. وأدين أبو حمزة المصري في اتهامات بتوفير هاتف يعمل عبر الأقمار الصناعية وتقديم النصح والمشورة لمتشددين يمنيين خطفوا سائحين غربيين عام 1998
كما أدين بإرسال اثنين من أتباعه إلى أوريغون لإقامة معسكر تدريب للمتشددين وإرسال أحد أنصاره إلى أفغانستان لمساعدة «القاعدة» وطالبان ضد الولايات المتحدة. ونفى أبو حمزة، واسمه الحقيقي مصطفى كامل مصطفى، إرسال معاونين له إلى أوريغون وأفغانستان، وزعم أنه كان يقوم بدور الوساطة في واقعة خطف في اليمن للتوصل إلى حل سلمي. وأوضح أيضًا، ولأول مرة، أن يديه بترتا في حادث انفجار منذ 20 عامًا في باكستان، حين كان يعمل مهندسًا، نافيًا شائعات سابقة بأنه فقد يديه أثناء مقاتلة القوات السوفياتية في أفغانستان.
وقال أبو حمزة في رسالته إنه في الحبس الانفرادي منذ ترحيله من بريطانيا إلى الولايات المتحدة، فهو لم ير أي شخص، وغير مسموح له بالتحدث مع أي شخص أيا كان، وكذلك يستمرون في إعطاء الطعام المعلب له.
وأخيرا استطاع القيادي الأصولي الحصول على الإذن بالتحدث إلى عائلته مرة واحدة كل شهر لمدة 30 دقيقة.. ومُنِع مؤخرا من الاتصال بعائلته لأكثر من ثلاثة أشهر، وكان سبب العقاب «هو فشله في تقديم عينة بول لهم». وعلق أبو حمزة على هذا الأمر في رسالته بالقول: «قال لهم إنه كان سيفعل لو كان بمقدرته ذلك، وإن الأنبوب الذي أعطوه إياه كان صغيرًا للغاية لدرجة أنه لا يستطيع الإمساك به وهو بلا ذراعين».
وحسب الرسالة طلبوا منه تناول دواء لا يعرف ماهيته، وعندما سأل حارس السجن لم هذا الدواء، رد عليه بأنه لعلاج ضغط الدم، ولا يحتاج أبو حمزة لتناول الدواء، لأنه غير مصاب بضغط الدم، وبالتالي، رفض تناوله.. ونتيجة لهذا الرفض، مارس حارس السجن التعذيب النفسي عليه، بعدم السماح له بالنوم خلال الليل، فاستمروا في إزعاجه عن طريق الضرب طوال الليل على أنبوب يمر عبر زنزانته، وهو ما منعه من النوم.
ويقول أبو حمزة بعد عدة ليال من الحرمان من النوم، إنه اضطر لتناول الدواء الذي أعطوه إياه.. ويعلم الله ما الذي وضعوه له في الدواء. فعندما يتناول الدواء، يغيب عن صوابه ويفقد وعيه، ولا يكتفون بكل هذا السوء، بل إنهم يحضرون ممرضة تضع يديها على وجهه لـ«مساعدته» على استعادة الوعي.
وتتطرق الرسالة إلى أن وزارة الخارجية البريطانية تلقت من عائلته مبلغ ألف جنيه إسترليني من عائلة أبو حمزة، بعد أن وعدتهم بإعطاء المال للرجل في السجن الأميركي. ويقع المال الآن في أيدي الأميركيين، الذين رفضوا إعطاءه المال بذريعة أنه «إرهابي» وغير مسموح له بالحصول على المال، ويظل المال في أيديهم منذ فترة إلى الآن، وحاولت العائلة التواصل مع وزارة الخارجية البريطانية لحثها على فعل شيء حيال الأمر، إلا أن هذا الجهد ذهب سدى. فلم تقدم الوزارة أية مساعدة للعائلة بأي شكل من الأشكال، وتريد العائلة إعطاء المال لأبو حمزة كمعونة شهرية يمكنه استخدامها للاتصال بعائلته أو شراء ما يلزمه، أو ينبغي إعادة المال لأصحابه الشرعيين؛ وهم عائلة أبو حمزة.
وأمضى أبو حمزة 8 سنوات بالسجن في بريطانيا، بتهمة التحريض على العنف، قبل أن تسلمه لندن إلى الولايات المتحدة عام 2012، لمحاكمته بتهمة الإرهاب. واكتسب أبو حمزة (56 عاما) سمعة سيئة بسبب خطبه النارية العدائية في لندن ولاستخدامه خطافًا مكان يده اليمنى المبتورة.
من جهته، قال د. هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات في لندن لـ«الشرق الأوسط» إنه لا فرق بين سجن بيل مارش اللندني وميسوري الأميركي، فكلاهما سيئ السمعة، إلا أن حراس السجن الأميركي ربما لا يقدرون إعاقة النزلاء الموجودين به مثل عمر عبد الرحمن «الشيخ الضرير» الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية المصرية المحتجز بتهمة التورط في تفجيرات نيويورك عام 1993، وكذلك أبو حمزة المسجون مدى الحياة بتهمة الإرهاب.
وأضاف السباعي، الذي يتذكر تسعة أشهر قضاها في سجن بيل مارش البريطاني قبل إطلاق سراحه دون اتهام في عملية «التحدي»، التي وجهتها شرطة اسكوتلنديارد ضد إسلاميين في بريطانيا عام 1998 أنه هو الآخر لم يكن أخف وطأة، بل تحول السجن إلى «غابة إلكترونية» شديدة التعقيد من جهة مراقبة السجناء على مدار الساعة.
ويتساءل أبو حمزة في رسالته: «أهذه هي الحرية وحقوق الإنسان التي يتحدثون عنها؟ لكن الحرية لمن؟ وحقوق الإنسان لمن؟ إنها بالتأكيد ليست للمسلمين الذين لا يصيبون حتى الذبابة بأذى، وليست لأي شخص يقول ربي الله وديني الإسلام.. الله المستعان».
يقول أبو حمزة مازحًا إنه بخير، لكن الشيء الوحيد الذي يستطيع فعله الآن هو إحصاء عدد أضلاعه. وهذا يعني أنه فقد الكثير من الوزن لدرجة أن أضلاعه برزت لدرجه تمكنه من إحصائها، ويضيف الأصولي المصري الإمام السابق لمسجد فنسبري بارك بشمال لندن، والذي أثار ضجة إعلامية كبيرة لاتهامه «بتعبئة المسلمين على الكراهية لغير المسلمين»، وفق حكم القضاء البريطاني الذي حكم عليه بالسجن لمدة 7 أعوام في 7 فبراير (شباط) عام 2006 قبل ترحيله إلى أميركا لمحاكمته هناك.
ويزعم أبو حمزة أن الأميركيين «يحاولون قتله ببطء»، وينسى هؤلاء الناس أن الله قادر على كل شيء، وأنه سيأتي اليوم (بلا شك) الذي سيحاسبون فيه على أفعالهم، هذا هو اليوم الذي يستطيع فيه أبو حمزة الحصول على محاكمة عادلة؛ من ملك الملوك، العدل، الله (سبحانه وتعالى).
ورغم الحبس الانفرادي والسجن مدى الحياة، ما زال أبو حمزة يتمتع بروح معنوية عالية؛ فلا يزال صامدًا، ويقول في رسالته إنه قوي وإن الله معه. ويدرك أن هذه هي الدنيا، وأن كل شيء في هذا العالم محال». وأيا كانت المشقة التي يعاني منها في الوقت الراهن، فإنها ستزول إن شاء الله، والجنة تنتظره هو وأمثاله، ويشير في ختام رسالته: «إني صابر، سأتحمل أكثر قليلا، فلم يبق إلا القليل».