معصوم يعرض خطة مصالحة وطنية شاملة على العبادي والجبوري

موفق الربيعي لـ«الشرق الأوسط»: لا مباحثات حكومية مع معارضين

الرئيس فؤاد معصوم
الرئيس فؤاد معصوم
TT

معصوم يعرض خطة مصالحة وطنية شاملة على العبادي والجبوري

الرئيس فؤاد معصوم
الرئيس فؤاد معصوم

أعلن مستشار الرئيس العراقي لشؤون المصالحة الوطنية شروان الوائلي أن «الرئيس فؤاد معصوم بصدد الاتفاق بشكل نهائي على ورقة عمل تم إعدادها من قبل لجان متخصصة في رئاسة الجمهورية مع كل من رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري بهدف إطلاق مبادرة لعقد مؤتمر شامل بهذا الخصوص».
وقال الوائلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس الجمهورية معني بشكل مباشر وأساسي في قضية المصالحة الوطنية كونه حامي الدستور، بالإضافة إلى أن جهات دولية كثيرة طالبته بالبدء بخطوات عملية بهذا الاتجاه»، مشيرًا إلى أن «اللجنة المكلفة أنهت عملها وسيتم الاتفاق بين الرئاسات الثلاث خلال اجتماعها (أمس) الاثنين على إطلاق المبادرة الوطنية للمصالحة الوطنية بشكل متكامل وعملي هذه المرة».
وردًا على سؤال بشأن تعددية الجهات التي تعمل على المصالحة الوطنية قال الوائلي إن «المطلوب بالفعل تحديد الجهة المسؤولة عن هذا الملف، ونحن نرى أن مؤسسة الرئاسة هي المعنية بشكل مباشر بهذا الأمر على أن يكون هناك تنسيق مع كل الأطراف المعنية سواء في الحكومة أو البرلمان وأعتقد أنه ليس هناك تناقض بين كل هذه الأطراف لجهة أن الجميع بات يشعر بثقل المسؤولية مع تعاظم المشكلات والأزمات التي تمر بها البلاد».
في السياق نفسه، أكد حسين درويش العادلي المستشار بالمصالحة الوطنية في رئاسة الوزراء في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مشروع المصالحة الوطنية هو من الاختصاصات الحصرية لرئيس الوزراء من خلال لجنة تنفيذ ومتابعة شؤون المصالحة الوطنية، علمًا أن هذه اللجنة الوطنية ترحب بأي جهد أو مقترح أو رؤية أو مشروع من أي جهة أو طرف على صعيد إضافة مقترحات أو إيجاد حلول من أجل تنفيذ الإجراءات الخاصة بالمصالحة».
وبين العادلي أن «اللجنة الخاصة أعدت استراتيجية متكاملة بهذا الصدد من خلال مصالحة سياسية ومجتمعية وتتفرع عنها ميادين أخرى إعلامية وثقافية وغيرها، علمًا أن هناك تمثيلا متكاملا في اللجنة». وأوضح أن «اللجنة المعنية زارت رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورؤساء الكتل وأطلعتهم على استراتيجيتها الخاصة بهذا الشأن».
وأشار العادلي إلى أن «من بين أهم ما أنجزته اللجنة هو إعدادها خطة تسوية تاريخية متكاملة للمأزق العراقي، علما أن هذه الخطة تتكون من ست مراحل تم إنجاز أربع منها وبقيت مرحلتان يجري العمل عليهما في الوقت الحاضر»، مؤكدًا أن «عمل اللجنة يجري بالتعاون مع الأمم المتحدة من خلال بعثتها العاملة في العراق».
إلى ذلك وطبقًا لما أعلنته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية عن قيام الحكومة العراقية بإجراء مباحثات مع قيادات بعثية وفصائل مسلحة في عدد من الدول من بينها قطر وتنزانيا قال العادلي إن «الحكومة العراقية لم تجر مباحثات مع أحد على حد علمي لكن هناك جهات دولية معنية بالأزمات في العالم هي التي تتولى مثل هذه المسائل بهدف معرفة رؤية كل طرف والكيفية التي يمكنها من خلال المساعدة في إيجاد حلول للأزمات ومن بينها الوضع في العراق».
في السياق نفسه، نفى عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون موفق الربيعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود «مفاوضات مباشرة أو حتى غير مباشرة من قبل الحكومة العراقية بأي من الجهات المعارضة، حيث إنه لم يلتق أي وزير في الحكومة بمعارضين هنا أوهناك وتحت أي عنوان». وردًا على سؤال بشأن الإشكاليات الخاصة بالمصالحة الوطنية التي تشهد تعثرًا واضحًا منذ 12 عامًا قال الربيعي إن «الأوضاع اختلفت الآن في العراق، وبالتالي فإنه وبعيدًا عن المواقف هنا أو هناك فإن الموقف من (داعش) هو المعيار الحقيقي للمصالحة الوطنية، وبالتالي فإن القتال ضد (داعش) من أي طرف ومهما كانت درجة معارضته يجُب ما قبله».
إلى ذلك، قال بيان لمكتب سليم الجبوري إنه استقبل قيس الخزعلي في مكتبه ببغداد، وجرى خلال اللقاء بحث آخر المستجدات على الساحة العراقية، وضرورة المضي بمشروع المصالحة الوطنية، والذي أصبح مطلبا ملحا في بلد أثخنته الجراح، مع أهمية تعزيز اللحمة الداخلية للمجتمع العراقي».
وشدد رئيس البرلمان على أن «المصالحة لن تكون حقيقية ومؤثرة إذا لم يلمسها المواطن قولا وفعلا، خطابا وممارسة، ويستشعر عراقيتها». وأوضح أن «هذه اللقاءات هي جزء من جهد سياسي متواصل وتهدف إلى تقريب وجهات النظر، وجمع الطاقات لإيجاد الإرادة الوطنية التي تكون حاكمة على كل الإرادات».



«وثيقة الإيمان في عالَم متغير» تؤكد مركزية الدين في ازدهار الحضارات

رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
TT

«وثيقة الإيمان في عالَم متغير» تؤكد مركزية الدين في ازدهار الحضارات

رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)
رابطة العالم الإسلامي تبنّت مبادرة بإنشاء مرصد دولي لمواجهة شبهات الإلحاد (الشرق الأوسط)

أكدت الوثيقة العالمية الصادرة عن أعضاء المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغيّر» مركزية الدين في قيام الحضارات وازدهارها، وأثره في صياغة أفكار المجتمعات وتقويمها، وقدرته على مواجهة المشكلات ومعالجتها، محذرين من أنَّ تهميش دوره في الاهتداء الروحي والإرشاد العقلي يفتح الباب واسعاً أمام مظاهر الفوضى الأخلاقية، والسلوكيات المنحرفة والإباحية المهينة، ويضع العالم أمام حالة غير مسبوقة من التردي الأخلاقي والانحلال القيمي.

واختتم المؤتمر أعماله، الأربعاء، في العاصمة المغربية الرباط، وسطَ مشاركة واسعة من شخصياتٍ دينيّةٍ وفكريّةٍ عالمية، بإصدار الوثيقة التي حملت اسمه، واسترشدت بـ«وثيقة مكة المكرمة»، وتضمَّنت الإعلان عن تأسيس «المرصد الدولي لدلائل الإيمان ومواجهة الشبهات» كهيئة إنسانية متخصصة، تهتم بترسيخ مبادئ الإيمان وتعزيز قيمها الأخلاقية، مع رصد الشبهات المثارة والأجندات المشبوهة للفوضى التحررية، والعدمية الإلحادية، والعبثية المجتمعية.

وثيقة المؤتمر أكدت أثر الدين في صياغة أفكار المجتمعات وتقويمها (الشرق الأوسط)

ويُتوقع أن يقوم المرصد بالمهام المسندة إليه عبر كتابات مستوعبة وندوات متخصصة، يُستكتب لها ذوو التميز والإجادة، وتوظّف لإنجاح أهدافها وإيصال رسالتها «الوسائل الرقمية والإعلامية الحديثة»، وينشر عن أعمالها ومنجزاتها تقرير سنوي باللغتين العربية والإنجليزية، لتكون مرجع اهتداء فكري ومعلم إرشاد إيماني، تساعد الإنسان على التعامل الأقوم مع المستجدات المتسارعة والمتغيرات الكبرى في وطنه وعالمه.

وشدّد المؤتمِرون على أنَّ القيم الأخلاقية تستند إلى الفطرة الإنسانية، وتتأكد بالرسالات الإلهية، وتبقى على الدوام أصلاً مشتركاً ومرتكزاً ثابتاً وإطاراً جامعاً تنبع منه الأفكار المستنيرة والأطروحات الرشيدة في مسيرة الحضارة والتقدم، لافتين إلى أنه بقدر رسوخ تلك القيم في الوجدان الإنساني يتحقق الأمن والوئام المجتمعي.

المشاركون أكدوا أن تهميش الدين يفتح الباب واسعاً أمام مظاهر الفوضى الأخلاقية والسلوكيات المنحرفة (الشرق الأوسط)

وأوضحوا أنَّ الإنسان هو محور الرسالات الإلهية، فضّله الله على سائر المخلوقات، وسخَّر له الأرض؛ ليؤدي مهمة الاستخلاف في إصلاحها وعمارتها، واستدامة بنائها ونمائها، والمحافظة على مواردها وثرواتها، ليَسعد الجميع بحياة طيبة كريمة، ويتمكنوا من عبادة خالقهم، داعين إلى حِفظ كرامة الإنسان وصيانة حقوقه وحرياته المشروعة، والاعتراف به وجوداً وحضارة، أياً كانت هويته الدينية والوطنية والإثنية، واعتباره أخاً مشاركاً في بناء المجتمع وتنميته.

وأكد المؤتمرون في الوثيقة على مسؤولية القيادات الدينية والفكرية والمجتمعية حول العالم في استثمار الإرث الإنساني المشترك، للحفاظ على المكتسبات الحضارية المتراكمة عبر التاريخ والتصدي للظواهر السلبية التي أفرزتها العولمة، واحتواء الآثار المدمرة التي سبّبتها الجوائح والأوبئة والحروب.

المشاركون أكدوا مسؤولية القيادات الدينية والفكرية في استثمار الإرث الإنساني المشترك للحفاظ على المكتسبات الحضارية (الشرق الأوسط)

ونوّهوا إلى أنَّ التعاون والتكامل بين المكونات الدينية المختلفة واستثمار مشتركاتها المتعددة هو المسار الأنجح لصياغة الأطُر الفكرية الرشيدة للتحصين من مخاطر السلوك المتطرف، وتحييد خطاب الكراهية، وتفكيك نظريات الصدام والصراع.

وحثّ المشاركون في المؤتمر على الرقي بالعمل الإنساني والسموّ به على جميع مظاهر التحيّز والتعصب والتسييس، ليكون عملاً صالحاً ينفع الناس بلا تمييز أو تفريق، مع العمل على إرساء الأخوة الإنسانية بإقامة المشاريع الإغاثية والتنموية حول العالم، والتمسك بها وتطويرها، ضمن أبعاد عالمية وشراكات استراتيجية مثمرة تخدم الإنسانية، وترسي دعائم الوئام والسلام، وتحقق للبشرية الرخاء والاستقرار.

وشدَّدوا في الوثيقة على التزام المنهجية العلمية الرصينة في تفسير النصوص، وفهم الحقائق الدينية، وتوضيح المصطلحات والمفاهيم الفكرية وتنزيلها على المستجدات العصرية، بما يحقق مقاصد الدين في حفظ الضروريات، وتحقيق التوازن والاعتدال.

وأكد المؤتمرون أنَّ تعزيز العلاقة بين الدين والعلم أمرٌ جوهري؛ يتجلى به التكامل بين الإيمان والحياة وبين المعرفة والفلسفة، لمواجهة انحرافات الإلحاد العدمي والفكر المادي الذي يُقصي الروحانيات والقيم عن دورها المركزي، وصولاً إلى رؤية تبرز مكانة الإنسان ودوره في الكون، وتضع الطبيعة في سياقها الصحي، وتجسد أهمية الإيمان في التوصل إلى معاني وجودنا على هذا الكوكب وأهدافه.

المؤتمرون عدّوا تعزيز العلاقة بين الدين والعلم أمراً جوهريّاً لمواجهة انحرافات الإلحاد العدمي (الشرق الأوسط)

وأشاروا إلى أنَّ الحوار بين الأديان والثقافات قيمة عليا؛ تساهم في بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتفتح أبواب التعارف وتداول المعارف وتوسيع المفاهيم والاحترام المتبادل، ما يرسخ العلاقات الإنسانية على أسس من التعاون والتسامح ويعزز من قدرة المجتمعات على مواجهة تحديات العصر بروح منفتحة ومقتنعة.

وأوضح المشاركون أنَّ التكنولوجيا والتقدم العلمي والذكاء الاصطناعي وسائل رئيسة في تشكيل الفكر والوعي والرقي بسلوك المجتمعات، وتتصدر لرسم معظم ملامح المستقبل المادي والمعرفي للأجيال القادمة، مشدّدين على أهمية المسارعة إلى استغلالها، والمبادرة إلى الاهتمام بتطوير وسائل التربية الدينية وتجديد طُرقها لتتلاءم مع العصر الرقمي والتطورات المتسارعة، وتنجح في بناء جيل قادر على فهم العالم المحيط به من منظور إيماني راسخ ومتجدد.

وأكدوا على أنَّ التضامن بين الشعوب هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات العالمية الكبرى؛ كالتغير المناخي وهدر الموارد وشحّها وحماية البيئة والمحافظة على الثروات الطبيعية، وهو واجب ديني وأخلاقي لا يتحقق إلا بتعاون الجميع في تعزيز الوعي البيئي وتهذيب السلوكيات المستدامة واستشعار المسؤولية.

المؤتمرون عدّوا التضامن بين الشعوب السبيل الأمثل لمواجهة التحديات العالمية الكبرى (الشرق الأوسط)

كما أكدوا على أنَّ المرأة في إطارها الإيماني مصدر نور وإشعاع حضاري لها الحظ الأكبر في غرس ثوابت الدين ومكارم الخلق الحميد، منبّهين إلى أنه من الواجب حراسة دورها الرئيس في الأسرة ورعايتها وتربية الناشئة والعناية بها، وترسيخ التآلف والانسجام بينها، وتحصين الأجيال الصاعدة من فوضى المشاعر واضطراب الأفكار.

وتعهّد المؤتمرون بالاحتفاء بمضامين الوثيقة، والاهتمام بتعزيزها في صروحهم العلمية ومنابرهم الإعلامية ومجتمعاتهم الوطنية، بما يتماشى مع الأنظمة السارية والقوانين الدولية، داعين جميع الجهات العلمية والشخصيات المجتمعية والمؤسسات الوطنية لدعمها وتأييدها، ومشددين على أن «معنى الإيمان بالله يختلف باختلاف الأديان والأفكار، والحوار فيه له مقام آخر»، وينصبّ هذا المؤتمر على مواجهة الأفكار العدمية الإلحادية.