روسيا تستغل عمليتها في سوريا للتخلص من الذخائر القديمة

تستخدم القنابل عالية الدقة بشكل محدود بهدف إتلاف القديمة بأقل تكلفة

روسيا تستغل عمليتها في سوريا للتخلص من الذخائر القديمة
TT

روسيا تستغل عمليتها في سوريا للتخلص من الذخائر القديمة

روسيا تستغل عمليتها في سوريا للتخلص من الذخائر القديمة

لم يعد خافيًا على أحد، أن السفن الروسية التي أخذت تدخل الموانئ السورية بكثافة خلال الأشهر الماضية، شكلت الوسيلة الرئيسية التي تم اعتمادها لنقل العتاد والذخيرة وأفراد الجيش إلى سوريا، بما في ذلك العربات المدرعة والدبابات الحديثة، ومنظومات الدفاع الجوي الحديثة، فضلا عن الذخائر التي تستخدمها الطائرات الروسية حاليا في ضرباتها لما تزعم أنها مواقع «داعش». لكن هل من مهام أخرى يمكن أن تقوم بها سفن الأسطول الروسي، وما هي حقيقة الذخائر المستخدمة في روسيا؟ لعل أفضل من يمكنه إلقاء بعض الضوء على هذه الجوانب هم الروس أنفسهم.
بالنسبة لقطع الأسطول الروسي قبالة الساحل السوري وفي عرض المتوسط بشكل عام، يرجح الأدميرال فلاديمير كومويديف، القائد السابق لأسطول البحر الأسود، عدم مشاركة هذه السفن بالعملية العسكرية الروسية بشكل مباشر، معربًا عن اعتقاده بأن يقتصر دورها في المرحلة الحالية على إغلاق الساحل السوري ومراقبة حركة السفن إن اضطر الأمر، فضلا عن قصف مدفعي تشارك فيه في مرحلة لاحقة، حيث تمتلك هذه السفن القدرات والمواصفات العسكرية الضرورية للقصف المدفعي والصاروخي. إلا أن الأدميرال الروسي يرى أنه «لا حاجة حاليا لهذا القصف من جانب السفن الروسية»، لأن «الإرهابيين ينتشرون في عمق الأراضي السورية، خارج مدى المدفعية». وأكد الأدميرال كومويديف لوسائل إعلام روسية أن مجموعة السفن الروسية المنتشرة حاليا في المتوسط كافية لتنفيذ المهام الملحة.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه الحديث عن احتمال إرسال روسيا قوات برية إلى سوريا، يشير خبراء عسكريون إلى أن قطع الأسطول البحري يمكن أن تلعب دورًا محوريًا قي هذا الشأن، كما وفي مجمل العملية العسكرية الروسية منذ بداية التحضيرات لها. ذلك أن بعض هذه السفن هي سفن إنزال، أي تتمتع بقدرة على نقل أعداد كبيرة من الأفراد والعتاد على متنها. من جانب آخر فإن مرابضتها في عرض البحر قبالة الساحل السوري، ستمنحها قدرة على تأمين غطاء بالقصف المدفعي والصاروخي لانسحاب القوات الروسية، الجوية والبرية من المنطقة الساحلية، أو حتى من مناطق في عمق سوريا. باختصار تشكل مجموعة السفن الروسية في المتوسط ما يُسمى بلغة العسكريين «خطوط خلفية»، تعمل على دعم وتأمين انسحاب وتقدم القوات على الخطوط الأمامية.
في موضوع الذخائر، التي تؤكد وزارة الدفاع الروسية أنها «عالية الدقة»، نشرت صحيفة روسيا بحثًا ركزت فيه على التكلفة المادية للعملية العسكرية الروسية في سوريا. وعرضت تصريحات كبار المسؤولين الروس، مثل رئيس الوزراء ديميتري مدفيديف، الذي أكد أن نفقات العملية في سوريا مدرجة ضمن فقرة الإنفاق العسكري في الميزانية الروسية، وأن هذه العملية لن تتطلب أي إنفاق إضافي. وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى أن الذخائر التي تستخدمها الطائرات الروسية في قصف أهداف على الأراضي السورية ليست جديدة، وبعضها مثل القنبلة (فاب 250 ت س) و(فاب 500 ت س) خضعت للتحديث آخر مرة في السبعينات من القرن الماضي. وعليه يمكن الاستنتاج ببساطة أن مهلة صلاحية هذه القنابل ستنتهي قريبًا، مما يعني أنه سيتوجب على القوات الروسية إتلاف هذه القنابل.
إلا أن عملية إتلاف القنابل التي تستخدم في القصف الجوي عملية معقدة للغاية وباهظة التكلفة، لأنها تعني عمليا إنتاجًا عكسيًا، يتم خلاله تفكيك المكونات الرئيسية للقنابل، لتفجيرها بعد ذلك. لكن عادة تكون عملية الإتلاف بهذه الطريقة غير مستحبة لأنها تترك أثارا سلبية على البيئة في موقع التفجير. وتبقى الوسيلة الأفضل لإتلاف القنابل الجوية التي تجاوزت فترة الصلاحية، بأن يتم استخدمها في العمليات القتالية، أي استخدامها في القصف الجوي وهي المهمة التي صُنعت من أجلها.
وتلفت الصحيفة الروسية إلى أن النوع المذكور من القنابل مخصص لتدمير التحصينات البيتونية. وبالنسبة للقنابل عالية الدقة فإن الطائرات التي تقصف مواقع في سوريا تستخدم لكن بشكل محدود القنبلة (كاب 500).
إذن وبناء على ما تقوله صحف روسيا، فإن الطائرات الروسية تستخدم في عملياتها في سوريا قنابل تشارف فترة صلاحيتها على الانتهاء ومخصصة لتدمير التحصينات البيتونية، بينما تُستخدم القنابل عالية الدقة بشكل محدود، والهدف استغلال الوضع لإتلاف الذخائر القديمة بأقل تكلفة ممكنة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.