تاجر يخاطر بحياته لإنقاذ الإيزيديات المختطفات لدى «داعش»

«أبو شجاع» يروي لـ {الشرق الأوسط} كيف يتسلل إلى مناطق التنظيم في سوريا والعراق›

أقارب إيزيديين قتلهم «داعش» يعاينون نعوشهم قبل دفنهم في جبل سنجار شمال العراق (رويترز)
أقارب إيزيديين قتلهم «داعش» يعاينون نعوشهم قبل دفنهم في جبل سنجار شمال العراق (رويترز)
TT

تاجر يخاطر بحياته لإنقاذ الإيزيديات المختطفات لدى «داعش»

أقارب إيزيديين قتلهم «داعش» يعاينون نعوشهم قبل دفنهم في جبل سنجار شمال العراق (رويترز)
أقارب إيزيديين قتلهم «داعش» يعاينون نعوشهم قبل دفنهم في جبل سنجار شمال العراق (رويترز)

نجح تاجر إيزيدي يسمى «أبو شجاع» في اختراق النظام الأمني لتنظيم داعش والتسلل إلى أخطر المناطق في سوريا والعراق على مدى السنة الماضية، محررا المئات من الفتيات والنساء الإيزيديات المحتجزات لدى التنظيم المتطرف لكنه لم يستطع حتى الآن الوصول إلى الأطفال الإيزيديين الذين أدخلهم التنظيم في معسكرات تدريب خاصة في سوريا والعراق.
بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة سنجار في أغسطس (آب) من العام الماضي وقتله الآلاف من الرجال الإيزيديين وسبي نسائهم وفتياتهم وأطفالهم، ترك أبو شجاع (40 سنة) مهنة التجارة، وبدأ بمهنة أخرى وهي إنقاذ الإيزيديات وإعادتهن إلى ذويهن، مستفيدا من علاقاته في سوريا حيث شكل شبكة واسعة من المتعاونين.
روى أبو شجاع لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل رحلاته المستمرة والمحفوفة بالمخاطر إلى المناطق الخاضعة لـ«داعش» في سوريا والعراق، خاصة إلى محافظة الرقة عاصمة التنظيم في سوريا التي عاد منها قبل أسبوع وكذلك إلى تلعفر والموصل في العراق كيفية تحرير الإيزيديات، ومشاهداته في المناطق الخاضعة للتنظيم.
ويقول التاجر السابق: «بدأت بتحرير الإيزيديات المختطفات لدى (داعش) منذ سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، إذ دخلت إلى الأراضي السورية لهذا الغرض، واتصلت بأصدقاء فيها وشكلت عدة خلايا ضمن شبكة واحدة لتحريرهن، وبدأنا عملنا بجمع المعلومات عن أماكن وجود المختطفات، وأول عملية لنا كانت تحرير سبع فتيات إيزيديات كن محتجزات في منزل أحد مسلحي (داعش) الأستراليين في الرقة، وبعد التخطيط والإعداد للعملية تمكنا من تحريرهن بعد ثلاثة أيام، وأعدناهن إلى ذويهن في إقليم كردستان عبر الأراضي التركية. كذلك دخلت قبل نحو سبعة أشهر إلى تلعفر والموصل وأنقذت عددا آخر من الإيزيديات المحتجزات في هاتين المدينتين».
وتتألف شبكة أبو شجاع من مواطنين سوريين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» وتربطهم به علاقات متينة تعود إلى سنوات ما قبل سيطرة التنظيم على مساحات واسعة من الأراضي السورية، التي كان يعمل فيها تاجرا بين العراق وسوريا حيث كان يزور الأراضي السورية باستمرار، فساعدته هذه العلاقات في تولي إدارة الشبكة والتخطيط لعملياتها.
ويتابع أبو شجاع قائلا: «مهمتنا خطيرة جدا، فنحن وضعنا قلوبنا في راحات أيدينا، وأي خطأ بسيط يعرضنا إلى القتل. وقعنا خلال عام من عملنا في الكثير من المكامن التي ينصبها التنظيم لنا في الطرق وداخل المدن، و خسرنا حتى الآن 13 فردا من أفراد شبكتنا، وقطع التنظيم رؤوس 12 منهم، وعلق أجسادهم وسط المدن لأيام لترهيب الناس ومنعهم من التعامل معنا، وقتل عنصرا آخر منا في قصف لطيران التحالف الدولي أثناء محاولته تهريب إحدى الفتيات إلى الأراضي التركية وصادف وجوده بالقرب من رتل من سيارات (داعش)».
وشدد أبو شجاع: «نحن لا نتعامل مع مسلحي (داعش)، ولا نستطيع شراء المختطفات منهم، لأن عملية بيع وشراء المختطفات تجري من خلال أسواق النخاسة التي فتحها التنظيم في المناطق الخاضعة له، وهي تجري بين مسلحي التنظيم فقط، ولا يمكن لأي مسلح بيع المختطفة لشخص غير تابع للتنظيم، وإن فعل هذا فسيقطع رأسه، وأسواق النخاسة عبارة عن قاعات مغلقة يجمع فيها التنظيم السبايا لعرضهن على مسلحيه الذين يشتروهن بأسعار تعتمد على عمر السبية وجمالها وعدد أطفالها، وقبل مدة باع التنظيم فتاة إيزيدية تبلغ من العمر 14 عاما بعشرين ألف دولار». ويضيف «حررت حتى الآن 380 فتاة وطفلا إيزيديا».
ويمضي أبو شجاع إلى القول: «نحن ننتظر خروج الداعشي من منزله وحينها ندخل إلى المنزل ونأخذ الفتيات المحتجزات فيه، ونسلك عدة طرق للوصول إلى المناطق الآمنة تفاديا لكمائن التنظيم المنتشرة في كل مكان، فنحن نرصد الطريق ونمشطه من خلال خلايانا قبل أن نسلكه، وقد تستغرق عملية تحرير مختطفة واحدة أكثر من عشرة أيام». وعن تمويل عمليات شبكته، يقول: «في بداية عملنا كنا نصرف على العمليات من مصاريفنا الخاصة، لكن منذ نحو عشرة أشهر تكفلت رئاسة مجلس وزراء الإقليم بكل المصاريف لكن نقص السيولة في أغلب الأحيان يؤدي إلى خسارة عدد من العمليات».
وحسب أبو شجاع فإن التنظيم «وزع الإيزيديات على كل المناطق الخاضعة لسيطرته في ريف حلب وريف حمص وحماه ودير الزور والشدادية والرقة والطبقة وميادين وجرابلس (سوريا) والموصل والشرقاط والقيارة والرمادي وهيت والقائم والفلوجة (العراق) ويبلغ عدد الإيزيديات المحتجزات في سوريا نحو 2800 مختطفة، أما في العراق فهناك نحو 800 مختطفة، قسم منهن في السجون والقسم الآخر يتاجر التنظيم بهن وهن موزعات على بيوت مسلحي التنظيم وقادته. أما عدد الفتيات المسيحيات المختطفات فيبلغ 260 فتاة وامرأة مسيحية اختطفن من قرى الحسكة ومحتجزات في تدمر ودير الزور».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.