لافروف: الجيش الحر «هيكلية وهمية» و«الحر» يرد: لا نثق بالروس

فصائل سورية تدعو دول المنطقة إلى تشكيل تحالف ضد موسكو وطهران

سكان مدينة الباب بريف حلب شمال سوريا يتفقدون الأضرار التي طالت مدينتهم بعد استهداف الطيران الروسي لها أمس (أ.ب)
سكان مدينة الباب بريف حلب شمال سوريا يتفقدون الأضرار التي طالت مدينتهم بعد استهداف الطيران الروسي لها أمس (أ.ب)
TT

لافروف: الجيش الحر «هيكلية وهمية» و«الحر» يرد: لا نثق بالروس

سكان مدينة الباب بريف حلب شمال سوريا يتفقدون الأضرار التي طالت مدينتهم بعد استهداف الطيران الروسي لها أمس (أ.ب)
سكان مدينة الباب بريف حلب شمال سوريا يتفقدون الأضرار التي طالت مدينتهم بعد استهداف الطيران الروسي لها أمس (أ.ب)

أعرب سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية في ختام مباحثاته مع نظيره اللاوسي أمس في موسكو عن شكوكه في وجود «الجيش السوري الحر»، وإن أكد في الوقت نفسه استعداد بلاده لإقامة علاقات معه شريطة أن يكون موجودًا بالفعل على الأرض وكان جماعة مسلحة من المعارضة الوطنية». هذا في الوقت الذي لم يلق إعلانه، قبولاً لدى الجيش السوري الحر، الذي أكد عدم ثقته بالقيادات الروسية، ولم يجد في هذا الموقف إلا «محاولة لامتصاص النقمة الدولية ضدّ موسكو، ومسعى للتخفيف من الارتدادات السلبية للتدخل الروسي في سوريا».
وقال لافروف أمس: «أن أحدًا لم يرد علينا ولم يمدنا بأي تفاصيل عن هذا الجيش أو أي وحدات أخرى لما يسمونها بالمعارضة المعتدلة». وكانت وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية أشارت إلى أن لافروف أعلن في وقت سابق، أن «روسيا لا تعتبر (الجيش السوري الحر) تنظيما إرهابيًا، بل تدعوه إلى المشاركة في العملية السياسية». ونقلت عنه تصريحاته التي أكد فيها أن «موسكو أعلنت مرارًا وتكرارًا أننا ندعم أي جهة تتخذ خطوات فعلية لمحاربة الإرهابيين من تنظيم داعش».
كما نقلت «سبوتنيك» أمس أيضًا عن شروان درويش المتحدث الرسمي باسم «لواء بركان الفرات»، وهو تحالف بين مقاتلين أكراد وعرب ساهم في طرد (داعش) من كوباني (عين عرب) شمال سوريا، يدخل ضمن مجموعات «الجيش السوري الحر»، ما أشار إليه حول أن «قواته تدعم العمليات الجوية الروسية في سوريا، وأنها على استعداد لمشاركة روسيا في محاربة تنظيم داعش». وأضاف درويش: «نؤيد عملية محاربة الإرهاب الروسية ضد تنظيم داعش، ونعتبرها خطوة مهمة للغاية للقضاء على التنظيم». إلى جانب طلبه مساعدة موسكو في توفير الأسلحة، في معرض حديثه عن القتال الذي تخوضه «قوات حماية الشعب الكردية»، ولواء «بركان الفرات» ضد الإرهابيين.
وانتقد لافروف التصريحات التي قال إنها تزعم بأن الجيش السوري لا يكافح تنظيم داعش الإرهابي، مؤكدا أن «الجيش السوري هو فصيل واضح تمامًا، إن لم يكن وحيدًا، يستطيع القيام بمهمة مكافحة الإرهاب في الأراضي السورية». وأعاد إلى الأذهان أن «الأميركيين أنفسهم حذروا الحكومة السورية سابقا من استخدام نتائج ضربات التحالف لمواقع الإرهابيين وفرض سيطرة دمشق على مناطق كان من المفترض أن يتركها الإرهابيون»، فيما أشار إلى {أن القيادة الأميركية نفسها تعتبر نتائج ضرباتها في سوريا متواضعة للغاية، ناهيك بفشل تدريب ما يُسمى المعارضة المعتدلة». وأضاف لافروف: «إن جماعات إرهابية ومتطرفة أخرى قد تستفيد من ضربات التحالف في حال عدم السماح للقوات السورية بالتقدم على الأرض في المناطق التي تتعرض لقصف التحالف». وعاد لافروف إلى تأكيد اهتمام بلاده بالتعاون مع الجميع في توحيد الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب، وأن الجانب الروسي أجرى اتصالات بهذا الشأن مع قيادات تركيا ومصر وإسرائيل وإيران والعراق ودول الخليج.
وترجمة لموقف المعارضة السورية الموحد من المستجدات الأخيرة، حثّت فصائل سوريا معارضة، وبينها «أحرار الشام» المنضوي تحت مظلّة الجيش الحرّ، في بيان لها أمس، دول المنطقة إلى «تشكيل تحالف ضد روسيا وإيران في سوريا». وقالت الجماعات المعارضة: «إن التعاون لازم لمواجهة التحالف الروسي الإيراني الذي يحتل سوريا». ووقّع البيان 41 فصيلاً ليس بينها «جبهة النصرة»، علما بأنه لم يحدد الدول التي يجب أن تشارك في هذا التحالف.
ورأى عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحر أبو أحمد العاصمي، أن هناك «سببين رئيسيين لدعوة لافروف؛ الأول: امتصاص الإدانة العالمية للتدخل العسكري الروسي في سوريا، والبحث عن غطاء شرعي بعدما شعر الروس بخطئهم الفادح نتيجة ضرب مواقع الجيش الحر، أما السبب الثاني، فتوجيه رسالة للدول التي تدعم الثورة في سوريا، والقول لها: نحن لا نريد أن نضرب حلفاءكم، بل تنظيم (داعش)».
وقال العاصمي لـ«الشرق الأوسط»: «لا نثق بهذه التصريحات، لأننا لا نثق بالروس أصلاً ولا بالإيرانيين، هؤلاء شركاء في قتل أكثر من 300 ألف سوري». وأضاف: «كل الاتصالات السابقة التي أجرتها المعارضة السورية مع لافروف والقيادة الروسية أثبتت أن الروس غير مقنعين، وقد سمعنا كلامًا معسولاً في كثير من اللقاءات، لكن لم نصل معهم إلى نتيجة ما داموا لم يغادروا حلقة دعم بقاء بشار الأسد في السلطة». ورأى أن «موسكو استشعرت اليوم الارتدادات السلبية لعدوانها على الشعب السوري، بالعديد من المحطات، ووجدوا أن عدوانهم أدى أولاً إلى ما يسمى (وحدة الأعداء) ضدهم، إذ بدأت عمليات التنسيق بين الفصائل المسلحة، ومراجعة كل أخطاء المرحلة السابقة، ولمسوا أن تدخلهم بدأ يأخذ شكل الحرب الدينية بعد وصف الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا العدوان الروسي على سوريا بـ(الحرب المقدسة)، تمامًا كما قال وزير الخارجية الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد إن الاحتلال الأميركي للعراق (عام 2003) هو حرب مقدسة».
وأوضح العاصمي أن «الكلام المنمّق الذي يريد من خلاله لافروف امتصاص النقمة الدولية ضد بلاده، لن يغيّب حقيقة الحرب التي يشنّها على السوريين». وسأل: هل من الصدفة أو الخطأ أن تبدأ الغارات الروسية في اختيار مواقع الجيش الحر واستهداف وضرب تجمعات للمدنيين؟. وأشار إلى أن «الخطأ في الإحداثيات العسكرية وارد، وقد يحصل في مكان واحد أو اثنين، لكن ما معنى أن يفتتح الطيران الروسي حربه المزعومة على الإرهاب في سوريا بقصف تمركزات الجيش الحر في تلبيسة وحركة تحرير حمص في ريف حمص، ثم قصف تجمّع العزة في مدينة اللطامنة في ريف حماه والفرقة الساحلية في شمال الساحل السوري وموقع مشفى بيلول في جبل الزاوية؟».
«وكما للحرب سلبيات، فإن لها بعض الإيجابية»، بحسب عضو المجلس العسكري، بحيث أشار إلى التفاف «فصائل الجيش الحر الفاعلة على الأرض، التي تتراوح ما بين 40 و50 فصيلاً منتشرين على كل الأراضي السورية، وتلك القريبة منها حول بعضها بعضًا».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».