كيري يتهم روسيا بتعزيز مساعدتها للنظام السوري

واشنطن تستنكر اعتقال دمشق لأقارب وفد المعارضة في اجتماعات جنيف وتدعو لإطلاق سراحهم فورا

ارشيفية
ارشيفية
TT

كيري يتهم روسيا بتعزيز مساعدتها للنظام السوري

ارشيفية
ارشيفية

اتهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الأربعاء، روسيا بتعزيز مساعدتها للنظام السوري، مجددا تحفظات واشنطن تجاه التدخل المباشر في هذا النزاع المسلح لدعم مقاتلي المعارضة السورية.
وقال وزير الخارجية الأميركي لتلفزيون «إم إس إن بي سي»: «بصراحة، إن روسيا تعزز مساعدتها للأسد». وتابع «لا أرى أن ذلك بناء في سياق الجهود المبذولة لمحاولة حمله (الأسد) على تغيير رأيه والتوصل إلى قرار بأن عليه التفاوض بحسن نية».
وندد كيري (الذي عدلت إدارته في اللحظة الأخيرة الصيف الماضي عن تدخل عسكري في سوريا) بنظام الرئيس بشار الأسد، لأنه اندفع في «مسلسل قتل شعبه»، لكنه جدد التأكيد أيضا على تحفظ بلاده على الدخول في هذا النزاع المسلح لدعم المعارضة. وقال وزير الخارجية الأميركي «ما يفعله شائن، لا يتصوره عقل، غير مقبول، معيب، جبان، وشنيع. جميعنا نعرف ذلك، الجميع يعرف ذلك». وذكر بأن إدارة الرئيس باراك أوباما «منخرطة خصوصا في محاولة إحداث فرق بالطرق التي اخترناها، في إطار القانون، والتي نرى أنها مناسبة ومسموح بها».
وتفضل الولايات المتحدة الطريق الدبلوماسي في محاولة لوقف النزاع في سوريا، لكن المفاوضات بين دمشق والمعارضة في إطار عملية جنيف فشلت من دون الإعلان عن أي موعد جديد لاستئنافها.
وكان مؤتمر «جنيف 2» للسلام في سوريا بدأ في 22 يناير (كانون الثاني) الماضي في سويسرا، بمبادرة من الولايات المتحدة وروسيا، وبرعاية الأمم المتحدة. واستمرت المفاوضات بين دمشق والمعارضة حتى 15 فبراير (شباط) الحالي، لكنها لم تتمكن من تحقيق أي تقارب بين طرفي النزاع في سوريا، وانتهت دون التوصل إلى أي نتيجة، مما هدد جهود الوساطة الدولية الرامية إلى وضع حد للنزاع الدامي الجاري في سوريا منذ نحو ثلاث سنوات.
وقال كيري إن «الذين يقولون إن المفاوضات قد فشلت، أو إنها خسارة للوقت ولا معنى لها في التاريخ، أقول: كم سنة استمرت المحادثات حول فيتنام وحول البوسنة؟ هذه الأمور لا تتم خلال شهر».
وبعد فشل مؤتمر «جنيف 2»، اتهم كيري الذي تدعم بلاده مقاتلي المعارضة السورية، روسيا بأنها «تشجع مغالاة» الرئيس الأسد، وهو ما تنفيه موسكو. وأعرب وزير الخارجية الأميركي عن الأسف أيضا وقال «بصراحة، روسيا تعزز مساعدتها للأسد. لا أرى أن ذلك بناء بالنسبة إلى الجهود المبذولة لحمله على تغيير رأيه، ولأن يقرر أن عليه التفاوض بحسن نية». وأشار إلى أنه سيلتقي مجددا نظيره الروسي سيرغي لافروف في روما في السادس من مارس (آذار) المقبل على هامش مؤتمر دولي حول ليبيا. وسيكون اللقاء في روما أول لقاء بين الرجلين وجها لوجه منذ فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات في جنيف. وأكد مجددا أن باراك أوباما «يعيد باستمرار دراسة الخيارات المتوفرة». وقال إن «الرئيس لا يستبعد أي خيار». وقال «هناك حدود لقدرة كل أمة على أن تخرج فجأة على العالم وتستخدم القوة عندما تشاء».
وأوضح كيري ردا على سؤال حول الضغوط التي يمارسها قسم من الكونغرس بهدف تدخل أميركي في سوريا «هناك قوانين يتعين احترامها، هناك إجراءات. هناك قيود أكبر لما يمكنكم فعله إذا لم توجه إليكم أمة دعوة للقيام به، أو إذا لم تفعلوه للدفاع عن أنفسكم، وإذا لم يكن لديكم قرار من الأمم المتحدة». وقال «أستطيع القول إنه لا أحد راض، لا الرئيس، ولا أنا، ولا أحد في الإدارة عما نحن عليه اليوم. نؤمن بأن علينا أن نفعل المزيد».
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية مساء الأربعاء عن «غضبها من التقارير التي تقول إن سوريا اعتقلت أقارب معارضين شاركوا في مؤتمر (جنيف 2) للسلام بسويسرا نهاية يناير الماضي. وقالت الخارجية الأميركية إن النظام السوري ادعى أن بعض الأعضاء الذين شاركوا في هذه المحادثات هم «إرهابيون» وتمت «مصادرة أملاكهم، واعتبرت تلك الإجراءات تجاهلا صارخا للمجتمع الدولي». ومن بين الذين تم اعتقالهم محمود صبرا شقيق المحامي محمد صبرا العضو في وفد المعارضة إلى جنيف.
وطالبت وزارة الخارجية الأميركية في بيان بأن «يطلق النظام السوري فورا ودون شروط كل الذين اعتقلهم ظلما»، واتهمت نظام الأسد باستخدام وسائل ترهيب للضغط على مفاوضي المعارضة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي «ندعو النظام إلى إطلاق سراح جميع الذين اعتقلوا بشكل تعسفي على الفور ودون شروط»، معربة عن «استنكار» واشنطن. وقالت «يجب السماح لوفد المعارضة بالعمل بشكل آمن من أجل عملية الانتقال السياسي». ورأت أنه من خلال تدابير كهذه فإن النظام السوري «لا يتحدى الأسرة الدولية فحسب، بل يسعى أيضا للقضاء على التطلعات المشروعة للشعب السوري». وأضافت بساكي معلقة على توقيف أقرباء لأعضاء في وفد المعارضة إلى المفاوضات «للأسف أن هذه الاعتقالات والمحاولات لإسكات المعارضين ليست سلوكا جديدا من جانب نظام الأسد». وأضافت أن «هذا النظام يواصل ممارساته الوحشية ضد الشعب السوري من خلال عمليات قصف جوي وغيرها من الهجمات العشوائية التي تؤدي إلى قتل وتشويه مدنيين بالآلاف». وقالت إن «الاعتقالات السياسية والتعسفية، والتعذيب المنهجي وقتل عشرات آلاف الأشخاص، ليست سوى بعض من انتهاكات النظام».
وقد رحب المجتمع الدولي بالمبادرة الدبلوماسية الأميركية الروسية التي تهدف إلى نقل وتدمير الترسانة الكيماوية السورية، بعد اتفاق البلدين العام الماضي على تسليم الأسد مخزونه من هذه الأسلحة ليتم تدميره تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وفي هذا السياق، نقلت شحنة رابعة من المواد الكيماوية، وهي شحنة من غاز الخردل، أول من أمس الأربعاء، من مرفأ اللاذقية السوري ليتم تدميرها بموجب الاتفاق المبرم مع نظام دمشق، بحسب ما أعلنت البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية. غير أن آلية تدمير الأسلحة الكيماوية السورية تسجل تأخيرا عن برنامجها المتفق عليه، في وقت تتواصل فيه المعارك وأعمال العنف في نزاع بات يدور بين عدة أطراف، ما بين مقاتلي المعارضة والمجموعات الإسلامية والقوات النظامية.
وبينما انضم جهاديون بأعداد متزايدة إلى مقاتلي المعارضة لمواجهة قوات دمشق، يحظى الجيش الموالي للأسد بدعم قوي من حزب الله الشيعي اللبناني المدعوم من إيران، مما يؤجج المخاوف من انتشار النزاع. وأثار وجود متطرفين إسلاميين على ارتباط بتنظيم القاعدة في صفوف قوات المعارضة المسلحة مخاوف في الغرب، غير أن واشنطن تلقي باللوم بشكل أساسي على الأسد لعدم إحراز تقدم في المفاوضات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.