الفصائل الأكثر تشددًا الرابح الأكبر من التدخل الروسي في سوريا

فشل رهان موسكو ستدفع ثمنه دمشق

تصاعد الدخان في مبان استهدفتها الغارات الروسية في مدينة إدلب السورية (رويترز)
تصاعد الدخان في مبان استهدفتها الغارات الروسية في مدينة إدلب السورية (رويترز)
TT

الفصائل الأكثر تشددًا الرابح الأكبر من التدخل الروسي في سوريا

تصاعد الدخان في مبان استهدفتها الغارات الروسية في مدينة إدلب السورية (رويترز)
تصاعد الدخان في مبان استهدفتها الغارات الروسية في مدينة إدلب السورية (رويترز)

يتوخّى دخول روسيا الاستعراضي في الحرب السورية إحداث تغيير في ميزان القوى على الساحة السورية التي أنهكتها الحرب في عامها الخامس. فنشر الجيش الروسي في سوريا يهدف أساسًا إلى تحقيق أهداف عدة، منها استرجاع بعض من سلطة رئيس النظام بشار الأسد التي كانت قد تراجعت في الأراضي الخاضعة لسيطرته بسبب تقدم فصائل المعارضة، وتحديدًا في الشمال، ومن ثم تعزيز موقع روسيا، وكذلك النظام السوري في مفاوضات التي قد تجري مستقبلا.
هذه اعتبارات برزت من خلال استهداف سلاح الجو الروسي لمواقع المعارضة المعتدلة وبعض الفصائل الإسلامية في أماكن مثل إدلب وحمص ومناطق حماه في أول أيام العمليات الجوية بدلاً من استهداف تنظيم داعش. هذه الاستراتيجية التي قد تصب ربما في مصلحة النظام على المدى القصير، ستأتي لا شك بنتائج معاكسة على المدى البعيد في حال فشل رهان روسيا على دفع اللاعبين المحليين إلى طاولة التفاوض.
لاحظت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أن أولى الضربات الجوية الروسية في سوريا استهدفت مقرّات «تجمع العزة» في محافظة حماه السورية، وأشارت إلى أن هذه المجموعة يرجّح أنها مدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ«سي آي إيه»، كما استهدفت جزءًا من تحالف الثوار الذين يقاتلون ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وتعليقا على الضربات برَّر أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي، الهجوم ضد المتمردين المعتدلين بتغريدة على موقع «تويتر»، معتبرًا أن «المعارضة المعتدلة هي إلى حد كبير أسطورة اخترعتها الولايات المتحدة، فعناصرها لا يقاتلون (داعش)، بل يلتحقون بتنظيم القاعدة ويطلقون النار على السفارة الروسية. فهل هذا هو الاعتدال؟ وبعبارات أخرى، إن المجموعات الوحيدة التي تحارب ضد نظام الأسد في سوريا هي الجماعات الإرهابية، وليس هناك سوى طريقة واحدة للتعامل مع الإرهابيين»، وفقًا لبوشكوف.
في هذا الصدد صرح أحد عناصر مجموعة «صقور الجبل» المعتدلة في حديث إلى «الشرق الأوسط»، شرط إغفال اسمه، «بأن كثيرا من المواقع التي استهدفتها الضربات الروسية هي تابعة لمجموعات صديقة وسط صمت ولامبالاة غربية وعربية». وفي حين أن اثنتين على الأقل من الضربات الروسية استهدفت مناطق في محافظة حمص، بالقرب من المواقع التي يحاول تنظيم داعش التوسع فيها غربًا نحو باقي المحافظة، وركّز باقي الضربات على جيوب المعارضة المسلحة المناهضة للحكومة شمال مدينة حمص وشمال غربيها وعلى مواقع في غرب محافظة حماه على الخطوط الأمامية العسكرية الرئيسة، ففي هذه المواقع يحاول المسلحون، بمن فيهم تحالف الإسلاميين في «جيش الفتح»، توسيع نفوذهم والتقدم من محافظة إدلب تحديدًا نحو منطقة سهل الغاب، التي تقع على مقربة من المعقل الساحلي للطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد.
فابريس بلانش، الخبير الفرنسي في الشؤون السورية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، رأى في تقرير صدر أخيرًا أن الوضع في مدينة اللاذقية، كبرى مدن الساحل، قد أصبح هشًا للغاية ما يفسّر التدخل الروسي. كما يعتقد بلانش أن التركيبة السكانية في تلك المنطقة تحوّلت ببطء لصالح الطائفة السنّيّة التي تتحدّر منها غالبية الثوار السوريين. ونقلاً عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يقول بلانش إن مدينة اللاذقية «تستضيف الآن 200 ألف من السكان النازحين بالإضافة إلى ما يزيد على 100 ألف غيرهم ينتشرون في أماكن أخرى في المحافظة، وهم أيضًا بمعظمهم مسلمون سنّة من محافظتي إدلب وحلب، ما يزيد إلى حد كبير الوجود السنّي منذ عام 2011 على طول خط اللاذقية – الحفة - سلمى»، الأمر الذي قد ينبئ – حسب بلانش – بإمكانية وقوع انتفاضة سنّية في قلب المعقل العلوي الأساسي للأسد.
ويكمل الخبير الفرنسي أن هجوم الثوار في الربيع بالقرب من إدلب حمل معه تحذيرًا بأن براثن الحرب الأهلية سوف تصل إلى اللاذقية. وبالتالي كان لا بد «من تدخّل روسي لحماية المدينة إزاء ضعف القوات السورية»، وفقا لبلانش.
من ناحية ثانية، قال الباحث اللبناني كريم إميل بيطار من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية «ايريس» في باريس خلال حديث إلى «الشرق الأوسط» إن «التوغل الروسي في سوريا لا يهدف إلى توسيع الرقعة الخاضعة لسيطرة النظام، بل إلى ترسيخ وجود الأسد في المنطقة التي تعتبر هي (سوريا المفيدة) -الساحل والمدن الأساسية»، كما يهدف الانتشار الروسي إلى فرض وقائع جديدة على الأرض لتحسين موقع النظام التفاوضي في أي مفاوضات مستقبلية. وأضاف بيطار: «... وهناك احتمال بأن يصل الروس والأميركيون إلى اتفاق في المستقبل».
لكن في حين يمكن تؤتي الخطة الروسية بنتائج لمصلحة الأسد على المدى القصير فإن عواقبها على المدى البعيد قد ترتد سلبًا، بما أن الغارات الجوية الروسية بدأت منذ الآن تغذّي المشاعر المعادية لروسيا وتؤجج أكثر فأكثر النعرات الطائفية في سوريا. وهذا الامتعاض بدا واضحًا في حديث أحد عناصر «صقور الجبل» الذي قال: «أين كانوا يتوقعون منا أن تذهب؟ وإلامَ يدفعوننا؟». ومن جهة أخرى، أورد أبو عبيدة الشامي في تغريدة على «تويتر» أن «700 مجاهد من الشيشان يتجهون نحو سهل الغاب لقتال قوات النظام المدعوم من الطيران الروسي»، ناشرًا صورًا مروعة للأطفال الذين يُزعم أنهم قتلوا في الغارات الجوية.
وفي الاتجاه نفسه، قال ماثيو هينمان، رئيس مركز «آي إتش إس جاين» لمكافحة الإرهاب والتمرد: «إن مثل هذه الضربات كفيلة بزيادة نفور ما يسمى العناصر المعتدلة أو القومية المتبقية من القوات المناهضة للحكومة السورية، وقد يدفعهم نحو مزيد من التشدّد والالتحاق بالجماعات الإسلامية مثل «جبهة النصرة» أو حركة «أحرار الشام» الإسلامية أو جماعة «جيش الإسلام». إن التدخل الروسي العلني لصالح حكومة الأسد قد يدفع بالعناصر الداعمة حاليًا للدولة إلى التقرب أكثر فأكثر من الجماعات المسلحة المتشدّدة، ما سيزيد من حدة الصراع ويجهض أي تسوية سياسية تفاوضية».
أضف إلى أن موقف الكنيسة الروسية يصب الزيت على النار، إذ اعتبر فسيفولد شابلين، وهو مصدر رفيع المستوى في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، يوم 30 سبتمبر (أيلول) المنقضي، أن قرار الغرفة العليا في البرلمان (المجلس الفيدرالي) الروسي القاضي بالسماح بالضربات الجوية في سوريا «يتماشى مع القانون الدولي ومع فكر شعبنا ومع الدور الذي لطالما لعبته روسيا في الشرق الأوسط... والصراع ضد الإرهاب هو حرب مقدسة».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».