الروس يستخدمون قنابل خارقة للتحصينات في سوريا.. و«أحرار الشام» يستهدف قاعدتهم العسكرية بريف اللاذقية

موسكو تُطمئن: جنودنا يعيشون في ظروف ملائمة ويأكلون سلطات طازجة

رجلان يستقلان دراجة نارية قرب موقع استهدفته غارة جوية روسية في بلدة بريف إدلب الليلة قبل الماضية (رويترز)
رجلان يستقلان دراجة نارية قرب موقع استهدفته غارة جوية روسية في بلدة بريف إدلب الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

الروس يستخدمون قنابل خارقة للتحصينات في سوريا.. و«أحرار الشام» يستهدف قاعدتهم العسكرية بريف اللاذقية

رجلان يستقلان دراجة نارية قرب موقع استهدفته غارة جوية روسية في بلدة بريف إدلب الليلة قبل الماضية (رويترز)
رجلان يستقلان دراجة نارية قرب موقع استهدفته غارة جوية روسية في بلدة بريف إدلب الليلة قبل الماضية (رويترز)

انعكست الضربات الروسية مباشرة داخل الرقة، معقل تنظيم داعش، إذ أفاد مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط» بـ«حركة نزوح لأهالي الرقة بعد استهداف الطائرات الحربية الروسية مواقع في المدينة، إلى مناطق باتجاه الريف، وكذلك إلى مناطق يسيطر عليها الجيش الحر وإلى تركيا». وأوضح المصدر أن «الغارات التي تنفذها الطائرات الروسية تختلف تمامًا عن تلك التي كان ينفذها النظام كونها تحمل عددًا أكبر من الصواريخ وتترك دمارًا هائلاً»، كاشفا عن «حالة من التململ في صفوف (داعش) وعن نية بعض العناصر الهرب للالتحاق بفصائل أخرى وأبرزها (النصرة)، خصوصا أن هؤلاء باتوا يعتبرون الروس عدوهم الأول وليس الأميركيين».
ووفق التقارير توزّعت الغارات الروسية يوم أمس السبت على أكثر من منطقة سورية، وتحدث «مكتب أخبار سوريا» عن استهداف الطيران الحربي الروسي، مساء الجمعة، مشفى ميدانيًا تابعًا لمديرية الصحة المعارضة في بلدة اللطامنة الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف حماه الشمالي، مما أدى إلى إصابة أفراد من الطاقم الطبي. وقال أحد العاملين في المشفى المعروف بالمشفى الميداني الثاني: «إن القصف أسفر عن إصابة خمسة ممرضين، وتلف بعض المعدات الطبية والأسرّة الخاصة بالمرضى، مما أدى إلى خروج المشفى بشكل جزئي عن العمل».
وفي هذه الأثناء، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن 39 مدنيًا على الأقل، بينهم ثمانية أطفال وثماني نساء، قتلوا في ضربات جوية روسية في سوريا خلال الأربعة أيام الماضية، لافتا إلى أن «طائرات حربية يعتقد أنها روسية نفذت عدة ضربات على مناطق في شمال الرقة وريفها الغربي»، موضحا أن «الروس قصفوا أيضًا، منتصف ليل الجمعة، مقرًا لفرقة مقاتلة في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي، مما أدى لسقوط جرحى».
كذلك نفذت طائرات حربية روسية عدة غارات على منطقة في الطريق الواصل بين بلدتي البارة واحسم بجبل الزاوية، مما أدى لإصابة 3 أطفال من عائلة واحدة بجراح، بحسب «المرصد».
وفي تطور لافت، أعلنت «حركة أحرار الشام» عن قصف مطار حميميم العسكري على الساحل السوري بعدد من صواريخ «غراد». وأفاد المكتب الإعلامي للحركة بأن مقاتليها «أطلقوا عددًا من صواريخ (غراد) على المطار الواقع على أطراف مدينة جبلة في ريف اللاذقية، حيث القاعدة العسكرية للروس، وحققوا إصابات مباشرة في مبنى القيادة في المطار، الذي يضم ضباطًا روسيين وسوريين». وكانت تقارير إعلامية أكدت أن روسيا عملت خلال الأيام الماضية على توسعة مطار حميميم، حيث بدأت العمل على إنشاء مدرج إقلاع جديد، ليتمكن من استقبال طائرات الشحن الروسية الكبيرة، وطائرات «ميغ» الحديثة من طرازي «ميغ - 29» و«ميغ - 31».
كذلك أقامت القوات الروسية في المطار محطة استطلاع استراتيجي، تتسم بأنها حديثة وذات قدرة كبيرة على الرصد واستقبال المعلومات، في حين وضعت عددًا من الدبابات من طراز «تي - 90»، كما نشرت قطعًا مدفعية، إضافة إلى مئات الجنود من قوات مشاة البحرية الروسية، حسب وكالة «رويترز».
الى ذلك, طمأن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، بأن الجنود الروس المتركزين في سوريا يعيشون في «ظروف ملائمة». ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن كوناشينكوف قوله إن هؤلاء الجنود «يقومون بأداء مهام محدودة في سوريا»، مضيفًا أن «من أجل أداء العسكريين الروس لمهامهم بشكل جيد في سوريا قد وفرنا لهم كل الظروف الملائمة». وتابع قائلاً: «بالقرب من القاعدة الجوية بنينا في وقت قصير ليس فقط البنية التحتية، ولكن أيضًا العشرات من المرافق الضرورية لحياة الطيارين وأفراد القاعدة. هناك مخبز خاص، ومكان لغسل الملابس، وحمامات»، مشيرًا أيضًا لوجود محطات وقود للطائرات، وإلى أن «العسكريين يعيشون في وحدات سكنية مكيفة»، كاشفًا أن «قائمة طعام الجنود المكلفين بالمهمات في سوريا هي سلطات طازجة وخضراوات وحساء وأطباق ساخنة من اللحم والأرز وغيرها». ونشرت مواقع روسية صورًا للجنود الروس وهم يتناولون الطعام ويقومون بأعمال يومية داخل إحدى القواعد العسكرية في سوريا.
في هذه الأثناء، قالت متحدثة باسم مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستافان دي ميستورا: «إن الأمم المتحدة اضطرت لتعليق العمليات الإنسانية المزمعة في سوريا في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، بسبب زيادة الأنشطة العسكرية». وللعلم، كان من المزمع القيام بعمليات إغاثة تشمل إجلاء مصابين في الزبداني من ريف دمشق ومن بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في محافظة إدلب (شمال غربي سوريا) ضمن إطار الاتفاق الذي معقد بمساعدة الأمم المتحدة ودعمته إيران وتركيا. وقال مكتب دي ميستورا في بيان: «تدعو الأمم المتحدة كل الأطراف المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في حماية المدنيين والتوصل إلى التفاهمات الضرورية من أجل تنفيذ هذا الاتفاق بأسرع ما يمكن».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.