نيودلهي محطة للعبور لحياة أفضل في أوروبا

فصل جديد من مأساة أطفال اللاجئين في الهند

لاجئة تحمل ابنتها وتصرخ طلبًا للمساعدة عقب وصولها إلى جزيرة ليسبوس عقب رحلة محفوفة بالمخاطر من الشاطئ التركي أمس (أ.ب)
لاجئة تحمل ابنتها وتصرخ طلبًا للمساعدة عقب وصولها إلى جزيرة ليسبوس عقب رحلة محفوفة بالمخاطر من الشاطئ التركي أمس (أ.ب)
TT

نيودلهي محطة للعبور لحياة أفضل في أوروبا

لاجئة تحمل ابنتها وتصرخ طلبًا للمساعدة عقب وصولها إلى جزيرة ليسبوس عقب رحلة محفوفة بالمخاطر من الشاطئ التركي أمس (أ.ب)
لاجئة تحمل ابنتها وتصرخ طلبًا للمساعدة عقب وصولها إلى جزيرة ليسبوس عقب رحلة محفوفة بالمخاطر من الشاطئ التركي أمس (أ.ب)

تعكس مأساة الطفلة ليلى التي لم يتعدَّ عمرها عامًا واحدًا والمولودة في الهند لأم سورية تدعى ميس صبيح، وأب عراقي يدعى أحمد علي، التراجيديا المتفاقمة لأطفال اللاجئين من دول غرب آسيا الذين جاءوا للحياة في المنفى.
وكان والدا ليلى قد حضرا للهند بغرض الدراسة قبل اندلاع الحرب الأهلية في بلديهما ووقعا في الحب وتزوّجا.
غير أن ليلى لا تدرك أن أبويها يناضلان من أجل الحصول على أوراق هوية رسمية لها في ظل عجز بلديهما اللذين تمزّقا بسبب الحرب عن منحها تلك المستندات، وكذلك عدم سماح القوانين الهندية بمنحها حق المواطنة تلقائيًا، إذ إن عليها البقاء بالبلاد لعامين كاملين حتى تحصل على حق المواطنة الهندية. كذلك الرضيع كمال الذي يعتبر أحد ضحايا أزمة الجنسية، فعمره لم يتعدَّ سبعة أشهر وولد في الهند بعد أن فرّ والداه من سوريا ليصبحا لاجئين هناك. وتعيش أسرة كمال في شقة صغيرة مع أمه السورية ميساء المبيد، وأبيه عبد الله حمودة، وأختيه. في الوقت الذي تكابد فيه أوروبا لاستيعاب طالبي اللجوء من السوريين، تستضيف الهند عددًا من اللاجئين من سوريا، والعراق، وفلسطين ممن يتحاشون الإقامة في المخيمات المزدحمة في الدول المجاورة للحدود السورية ويرفضون المغامرة بحياتهم في الرحلات البحرية التي يخوضها أغلب المهاجرين للوصول إلى أوروبا.
وحسب يوسف الذي اختار اسمًا مستعارًا خوفًا من انتقام «داعش» من أهله في سوريا: «في الماضي كان الجميع يتوجه للبنان، أو تركيا، أو الأردن، إلا أن المخيمات هناك أصبحت مكتظة باللاجئين». وتوجّه يوسف للهند بتأشيرة دخول سياحية قبل التقدم لمنظمة «الأمم المتحدة للاجئين» للحصول على حق اللجوء. وأضاف يوسف: «الهند هي من الدول القليلة التي ما زالت سوريا تحتفظ بسفارة فيها، ولذلك حصلت على تأشيرة الدخول وعدت إلى هنا مرة أخرى العام الماضي».
غير أنه بالنسبة للكثير من هؤلاء اللاجئين من دول غرب آسيا التي مزّقتها الحرب، تعتبر نيودلهي غرفة انتظار لا يستطيعون مجرد تخيّل الإقامة فيها بشكل دائم، فهي فقط محطة للعبور لحياة أفضل في أوروبا.
وبالنسبة لحالة ليلى، يتطلع والداها إلى الهجرة لأوروبا، ولكن نظرًا لعدم تسوية أمر جنسيتها، فلن يستطيعا السير في إجراءات استخراج جواز سفر لها. وكانت صباح وزوجها أحمد على قد تقدما بطلب للسفارة العراقية في نيودلهي، غير أن الرد جاء بأن ليلى من حقها استخراج جواز السفر في حال تقدم أبواها بالطلب من مسقط رأس الأب بالعراق. ومن أجل أن تحصل ليلى على جواز السفر، عليها الحصول على حق المواطنة الهندية أولاً وهو إجراء يتطلب الكثير من الوقت.
وشأن الكثير من اللاجئين الذين يعبرون البحر للوصول لشواطئ الدول الأجنبية ويناضلون للحصول على حق المواطنة لأطفالهم المولودين في الدولة المضيفة، يتعين على الأب، أو أي فرد آخر في الأسرة، المغامرة بالعودة للبلد الأم الموصدة أبوابها بسبب الحرب المستعرة هناك، من أجل الحصول على الوثائق المطلوبة، غير أنه في بعض الحالات لا يحاول الأب العودة لبلاده. بالنسبة لوالد ليلى، فقد سافر مؤخرًا للعراق للحصول على وثائق سفر لها.
وقال اللاجئ السوري عبد الله، أبو الرضيع كمال: «أتمنى فقط أن يحصل ابني المولود في الهند وبنتي المولودة في سوريا على جنسية أي دولة». وكان والدا عبد الله شرّدا عند بداية تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، وأصبحا لاجئين في سوريا بشكل رسمي.
ودفعت الحرب الأهلية في سوريا عبد الله إلى السفر للهند رغم عدم ميله لها كخيار، غير أنه تلقّى وعدًا بالحصول على وظيفة، ويعمل الآن في أحد فنادق المدينة.
وقال حمودة: «ليس لنا مستقبل هنا، فنحن نعيش في جحيم. آمل أن نسافر لبلد يجد أطفالي فيه مستقبلاً أفضل وأستطيع أن أجد فيها عملاً جيدًا. تواصلت كثيرًا مع منظمة الأمم المتحدة للاجئين، غير أنهم يطلبون منا الانتظار في كل مرة أتوجه إليهم، صمتهم وتجاهلهم أصبح أمرًا لا يطاق، نحن نتعذب».
وفي ظل تشتّت العائلات في لبنان، ومصر، وتركيا، ومختلف دول أوروبا والولايات المتحدة، يأمل أغلب اللاجئين هنا أن تساعدهم منظمة «الأمم المتحدة للاجئين» في الاستقرار في الغرب.
وينظم قانون الأجانب الصادر عام 1946 وقانون المواطنة الصادر عام 1955 الوضع القانوني للاجئين في الهند، ولا تفرق تلك القوانين بين اللاجئين الهاربين من الاضطهاد وغيرهم من اللاجئين، حيث تطبق تلك القوانين على جميع الأجانب من دون تمييز. ولأن الهند ليست عضوًا في اتفاقية عام 1951 للاجئين ولا في بروتوكول عام 1967، فغالبًا ما تتباين القوانين الخاصة باللاجئين بالنسبة للفئات المختلفة من المهاجرين، وتنظمها القرارات السياسية والاقتصادية، وليس بنود القوانين المرقمة. وفي هذه الحالة تصبح منظمة الأمم المتحدة للاجئين هي الأمل الوحيد.
يحق لكل اللاجئين المسجلين لدى منظمة «الأمم المتحدة للاجئين» التقدم بطلب تأشيرة طويلة الأمد «إل تي في» التي يحق لهم بمقتضاها تقنين أوضاعهم مع مرور الوقت. وتسمح «إل تي في» للاجئين بالتمتع بحقوق وخدمات إضافية، بما في ذلك التوظيف الرسمي والتعليم داخل البلاد.
حضر مهاب زيدان للهند للحصول على درجة الماجستير من جامعة ميليا الإسلامية بنيودلهي، وكان أبواه من الجيل الأول للاجئين الذين رحلوا عن سوريا متوجهًا إلى السويد في زمن النكبة عام 1948. بالنسبة لمهاب، فقد ظل عالقًا في الهند، حيث يتشبث بأمل الحصول على تأشيرة دخول لدولة أخرى. وحسب زيدان، فإنه يأمل في مغادرة الهند للحاق بوالديه، مضيفًا: «أُصلي لله كل يوم للحصول على تأشيرة الدخول في أسرع وقت، إذ إن عملي في الترجمة الذي أتحصل منه على بعض المال ليس متاحًا في كل الأوقات».
محمد أحمد، كان حتى وقت قريب محاضرًا في إحدى الجامعات السورية، والآن يكسب قوت يومه من التدريس الخاص للغة الإنجليزية ومن ترجمة الرسائل العلمية في الهند. وقال: «سافرنا إلى الهند بعدما عشنا ظروف الحرب لعاملين في سوريا، إلا أنني لا أرى بارقة أمل هنا. لا أريد لعائلتي الاستقرار بالهند، نحن نعيش هنا بالكاد. فنحن لسنا فقط أعضاء نحمل بطاقات عضوية الأمم المتحدة للاجئين، نحن بشر أيضًا». وقال محمد أحمد الذي يعاني من صعوبات في الإبصار: «تحول الأمر إلى مشكلة نفسية بعدما شعرنا أن العالم كله قد تجاهلنا».
وحسب شوشيتا ميهاتا، مساعد مدير الاتصالات والمعلومات العامة بمنظمة «الأمم المتحدة للاجئين» بالهند.. «كل اللاجئين متساوون أمامنا، ونعمل بالتنسيق مع حكومات مختلف الولايات الهندية كي نضمن للاجئين لجوءًا آمنًا، ولكي ينتقلوا إلى مكان لا تتعرض فيه حياتهم للخطر. وفي سياق البحث عن حلول نهائية لأوضاع اللاجئين، تساعد المنظمة اللاجئين في العودة الطواعية لأوطانهم، ومن الممكن أن تتواصل مع الحكومات لتسهيل حصولهم على حق المواطنة أن كان ذلك ممكنًا. في ظروف معينة وفي بعض الحالات الاستثنائية التي تتطلب حماية، تساعد المنظمة اللاجئين على العيش في وطن ثالث». هناك الكثيرون ممن لا يفضلون إعطاء بياناتهم الحقيقة خوفًا من رد فعش تنظيم داعش تجاه أقربائهم ممن ما زالوا يعيشون في مناطق الاقتتال. وحسب رحيم، الذي اختار اسمًا مستعارًا.. «إن اكتشفوا أنني في الهند وتحدثت للإعلام فسوف يقتلون أقربائي هناك». وحضر رحيم للهند كطالب منذ عدة سنوات ولم يكن لديه أمل في العودة إلى سوريا، وقام مؤخرًا بتسلم بطاقة لاجئ مسجل لدى منظمة «الأمم المتحدة للاجئين». وقال: «فقط أريد أن أخرج من الهند، وأتمنى أن يستطيع أخي المقيم في كندا مساعدتي».
رفض لاجئ آخر، أشرنا إليه بالاسم المستعار ظفار، الحديث، وظفار ينتمي للأقلية الدرزية في سوريا. بيد أنه أخيرًا تحدث قائلاً: «أشعر بالخوف، فقد حضرت للدراسة في الهند ثم العودة، لكن كان عليّ الفرار من سوريا كي لا أُجبر على الانضمام للجيش أو لـ(داعش)، فقد وقف غالبية الدروز على الحياد في الحرب الدائرة هناك. ولأن تأشيرة الطالب في الهند كانت لا تزال صالحة في جواز سفري، حضرت للهند وعملت كممثل ثانوي (كومبارس) في الأفلام»، غير أن صلاحية جواز سفره انتهت مؤخرًا.
وقال ظفار: «غادرت سوريا بتأشيرة مغادرة مزورة، ولذلك فاسمي ليس مدرجًا في سجلات المغادرة بسوريا، وربما كان هذا السبب وراء التأخير في تجديد جواز سفري، ومؤخرًا توجهت لمنظمة الأمم المتحدة للاجئين، فقد احتجت للحماية لكي لا يتم ترحيلي». وبالفعل حصل ظفار على بطاقة لاجئ من «الأمم المتحدة للاجئين»، وكذلك على تأشيرة الإقامة.
يشعر كل من لديه أطفال بالقلق البالغ على مستقبلهم. وقال لاجئ آخر يدعى فيصل: «لا يذهب أبنائي إلى المدرسة»، رغم أن بطاقة لاجئ تمنحهم حق التعليم في المدارس الحكومية الهندية حتى سن الثالثة عشرة، إلا أنهم لا يتحدثون الإنجليزية أو الهندية.
يشعر الكثيرين من اللاجئين بالخوف الشديد من تنظيم داعش ولا يثقون في الناس، وتعتبر تلك المشاعر طبيعية نظرًا للظروف التي مروا بها. حمل هؤلاء اللاجئون اختلافاتهم معهم إلى الهند، إذ إن بعضهم سوريون، بينما آخرون سوريون من أصول فلسطينية، غير أن ما يجمعهم جميعًا هنا هو معاناتهم الحياتية اليومية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».