التحالف الدولي والاتحاد الأوروبي يطالبان موسكو بالكف عن استهداف المدنيين في سوريا

الطيران الروسي يستهدف «داعش» في الرقة.. ومصدر دبلوماسي يرى «من المبكر الحديث عن خطوات عملية أميركية»

رجلان وأطفال يمشون أمس في أحد شوارع قرية اللطامنة في ريف حماه التي استهدفتها الغارات الجوية الروسية الأربعاء الماضي (رويترز)
رجلان وأطفال يمشون أمس في أحد شوارع قرية اللطامنة في ريف حماه التي استهدفتها الغارات الجوية الروسية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

التحالف الدولي والاتحاد الأوروبي يطالبان موسكو بالكف عن استهداف المدنيين في سوريا

رجلان وأطفال يمشون أمس في أحد شوارع قرية اللطامنة في ريف حماه التي استهدفتها الغارات الجوية الروسية الأربعاء الماضي (رويترز)
رجلان وأطفال يمشون أمس في أحد شوارع قرية اللطامنة في ريف حماه التي استهدفتها الغارات الجوية الروسية الأربعاء الماضي (رويترز)

حذّرت دول من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة من أنّ الغارات الجوية الروسية في سوريا ستؤدي إلى تصعيد النزاع، داعية موسكو إلى التوقف عن استهداف مقاتلي المعارضة السورية. كذلك شدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة أن تستهدف الغارات الجوية في سوريا تنظيم داعش دون سواه، داعيا إلى تجنب سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، في حين اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو روسيا باستهداف المعارضة المعتدلة بهدف دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي وقت كانت قد تركزت معظم ضربات روسيا على فصائل معارضة مدعومة من قبل واشنطن، اعتبر مصدر دبلوماسي غربي أنّه «من المبكر اليوم الحديث عن خطوات عملية من قبل أميركا التي تراقب وترصد أهداف الضربات الروسية»، وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «موسكو تدّعي محاربتها (داعش) بينما سلوكها على الأرض لا يزال مثيرا للشكوك». وتابع الدبلوماسي: «أميركا تشعر بالقلق من التدخل العسكري الروسي في سوريا، وترفض أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد شريكًا في الحرب ضدّ (داعش) كما في أي حل سياسي بسوريا، وهو الذي تسبب بمقتل وتهجير الآلاف». وأكد أن «الخلافات بين واشنطن وموسكو لا تزال كما هي، والمحادثات اليوم بين الدولتين لا تعدو كونها تنسيقًا تقنيًا وليس استراتيجيًا مع التأكيد على استمرار عمل طيران التحالف الدولي ضدّ (داعش)».
ميدانيًا، واصلت روسيا أمس في تعزيز مواقع قواتها العسكرية وتوسيع دائرة استهدافاتها الجوية في سوريا، إذ أعلنت عن قصفها مساء الخميس للمرّة الأولى مواقع لـ«داعش» في الرقة إضافة إلى مواقع في محافظتي حماه وإدلب، بينما أكدت مواقع معارضة أنّ الضربات استهدفت مناطق مدنية في إدلب وريف حماه وأدت إلى سقوط قتلى وجرحى. وبعدما كانت معلومات قد أشارت إلى إرسال إيران وحزب الله مئات العناصر للمشاركة في هجوم بري في سوريا، قال رامي الدالاتي، رئيس المكتب السياسي في جيش التوحيد (أحد فصائل المعارضة)، أنّه لغاية الآن لا يظهر أي وجود جديد لعناصر غير سورية على الأرض، مشيرًا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك تحركات لافتة لآليات وفصائل تابعة لقوات النظام، لا سيما، من طرطوس والقلمون الشرقي باتجاه مدينة حمص وريفها. وفي المقابل، كشف المتحدث باسم القوات الجوية الروسية عن وصول عشر طائرات صهريج إلى سوريا في إطار توفير الظروف اللازمة لإنجاح مهمة القوات الجوية الروسية هناك. وقال العقيد إيغور كليموف، المتحدث باسم القوات الجوية الروسية، أمس بأنه توجد عشر طائرات صهريج روسية في قاعدة حميميم الجوية في الساحل السوري، وأوضح أن روسيا أرسلتها لتزويد الطائرات العسكرية الروسية التي تنفذ العملية الجوية ضد «المجموعات الإرهابية هناك بالوقود»، وأضاف: «تمت تهيئة كل الظروف اللازمة لإنجاح مهمة العسكريين الروس في سوريا» بحسب وكالة «سبوتنيك الروسية».
من جهة أخرى، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف، أن ممثلي وزارتي الدفاع الروسية والأميركية عقدوا اجتماعا تشاوريًا عبر الفيديو بناء على مبادرة من قبل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مشيرًا إلى أنهم ناقشوا «استخدام الطيران فوق أراضي سوريا بشكل آمن».
إلا أن بيانًا أصدرته سبع دول هي تركيا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وقطر، ونشر على موقع وزارة الخارجية الأميركية أن «هذه الأعمال العسكرية ستؤدي إلى تصعيد أكبر وستزيد من التطرف والأصولية». وأضاف البيان الذي نشر أيضا على موقع وزارتي الخارجية الألمانية والفرنسية: «ندعو روسيا إلى وقف هجماتها فورا على المعارضة والمدنيين في سوريا». وتابع أن روسيا «عليها أن تركز جهودها على محاربة تنظيم داعش». وأعرب البيان عن «القلق الشديد» إزاء الغارات الجوية الروسية التي «أوقعت ضحايا من المدنيين ولم تستهدف تنظيم داعش».
من جهته، اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو روسيا باستهداف مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة بغاراتها الجوية بهدف دعم نظام الأسد وسيستفيد منها «داعش».
وفي تصريحات للصحافيين الأتراك على متن الطائرة التي أقلته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، رفض داود أوغلو إصرار موسكو على أن عملياتها الجوية التي بدأتها هذا الأسبوع تستهدف «داعش»، مضيفًا: «العملية برمتها تستهدف مواقع الجيش السوري الحر». ونقلت الكثير من الصحف التركية وبينها «حرييت» و«ملييت» عن داود أوغلو قوله: «النتيجة مقلقة جدًا».
وقال داود أوغلو: «بينما إيران، الداعم الرئيسي الدولي الآخر للأسد، تقدم الدعم بالعناصر العسكرية على الأرض، تقوم روسيا بدعم النظام من الجو».
وأضاف أن الدعم العسكري الروسي لنظام الأسد ليس سرا، لافتا إلى سفن حربية روسية عبرت مضيق البوسفور أمام إسطنبول خلال الأسابيع الأخيرة. وتابع: «الجميع يعرف ما الذي تحمله ووجهتها».
وأمس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مقاتلاتها «نفذت خلال الـ24 ساعة الأخيرة 18 طلعة جوية ضد 12 موقعا للإرهابيين في كل من الرقة وحماه وإدلب وحلب بسوريا»، وأوضحت أن مقاتلات «سوخوي 34» دمرت مركز قيادة ومعسكر تدريب لـ«داعش» قرب الرقة، ومركز قيادة ومعسكرا له في حماه. ونشرت الوزارة مقطع فيديو قالت إنها للضربات الجوية التي نفذها الطيران الروسي خلال الساعات الماضية ضد مواقع لـ«داعش» في معرة النعمان. وأشار الجنرال إيجور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي لوزارة الدفاع الروسية، إلى أن طائرات «سو - 25» استهدفت أيضًا معسكرًا لمسلحي «داعش» في منطقة معرة النعمان بمحافظة إدلب ودمرت بالكامل مخابئ تحت الأرض وكذلك مخازن للأسلحة والوقود للإرهابيين. وأضاف أن الطيران الروسي دمر مركز قيادة لمسلحي «داعش» في محافظة حماه إضافة إلى عشرات الآليات العسكرية المزودة بأسلحة نارية من عيار كبير. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد ذكر أنّ الطيران الروسي شنّ لأول مرة مساء الخميس غارة على الأطراف الغربية لمدينة الرقة والمنطقة التي يقع فيها مطار الطبقة في محافظة الرقة، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 12 عنصرا نقلت جثثهم إلى أحد مستشفيات المحافظة، ويوم أمس أعلن عن قصف الطائرات الروسية لمدينة القريتين بريف حمص الشرقي الواقعة تحت سيطرة «داعش».
ومن جهته، أكد «مكتب أخبار سوريا» مقتل تسعة مدنيين وإصابة العشرات، ليل الخميس جراء استهداف الطيران الحربي الروسي مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في ريف محافظة إدلب الجنوبي. وأفادت مصادر محلية أنّ «الطيران الروسي استهدف بالصواريخ الموجهة وسط بلدة الهبيط بريف مدينة معرة النعمان، تسببت بمقتل أربعة مدنيين وإصابة ثمانية آخرين بجروح مختلفة، بينهم حالات (خطرة)، كما تسببت الغارات بدمار في منازل والممتلكات». وأشار المكتب إلى ارتفاع عدد قتلى قرية بليون بمنطقة جبل الزاوية، إلى خمسة مدنيين وإصابة ما لا يقل عن 11 آخرين، نتيجة استهداف الطيران الحربي للقرية الخميس، لافتا كذلك، إلى أن المقاتلات الجوية الروسية استهدفت بلدة كفرسجنا والطريق الواصلة بين بلدتي كنصفرة وكفرعويد بالصواريخ الموجهة، نتج عنها أضرار مادية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.