رئيس جامعة القاهرة: منع المتنقبات من التدريس لا علاقة له بـ«الإخوان»

جامعة الأزهر رفضت تطبيق الإجراء.. وقيادي بها: لنا طبيعة خاصة

الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة
الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة
TT

رئيس جامعة القاهرة: منع المتنقبات من التدريس لا علاقة له بـ«الإخوان»

الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة
الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة

رفضت جامعة الأزهر في مصر أمس اتخاذ إجراء مماثل للقرار الذي اتخذته جامعة القاهرة بمنع المتنقبات من أعضاء هيئات التدريس والهيئة المعاونة من إلقاء المحاضرات أو الدروس النظرية أو التدريب بالمعامل. وقال قيادي مسؤول في جامعة الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «جامعتنا لها طبيعة دينية خاصة».
ورفض الدكتور عبد الحي عزب رئيس جامعة الأزهر الحديث في الأمر، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لا يجب أن نخوض في هذا الكلام على الإطلاق».
وكانت جامعة القاهرة قد اتخذت قرارا رسميا بحظر تدريس المتنقبات بها. وأكد الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة في تصريحات مع «الشرق الأوسط» أمس، أن «الجامعة لم تتلق أي اعتراض من المتنقبات على القرار والجميع امتثل له حتى الآن»، نافيا تطبيقه على الطالبات والموظفات المتنقبات بالجامعة.
وما زالت أصداء قرار جامعة القاهرة، أعرق الجامعات المصرية، يثير الجدل بين مؤيد له، لتنحية الأمور الدينية عن الحرم الجامعي، ومعارض له باعتباره يكرس للتمييز.
ولا توجد إحصائية مؤكدة لعدد المتنقبات من عضوات هيئة التدريس بجامعة القاهرة. وحول وجود نية لتعميم القرار على الطالبات بجامعة القاهرة، أكد نصار أن هذا الأمر غير مطروح على الإطلاق، فقرار منع المتنقبات من التدريس صدر لعلة محددة وهي انعدام التواصل بين الطلاب والمنتقبة، وهناك حالات من الناحية العلمية لا يمكن للمنتقبة أن تتواصل مع الطلاب فيها.. وهذا القرار ليس منعا مطلقا لارتداء النقاب فهو أمر محسوم دستوريا، فهو تنظيم وليس تقييدا.. ولا يمكن أن نمدد هذا الأمر إلى الفئات الأخرى مثل الموظفات والعاملات، لافتا إلى أن «نطاق المنع فقط داخل المكان وهي قاعات المحاضرات، ومحدد بوقت معين وهو زمن المحاضرة».
وتخول لائحة جامعة القاهرة لرئيسها اتخاذ كل ما يراه مناسبا من قرارات لتيسير العملية التعليمية، وقال نصار إن «قراراه لصالح العملية التعليمية، لأن منع المتنقبات من التدريس بالنقاب هو احترام وتقدير لهن، لأن عدم تواصل الطلاب معهن يطعن في كفاءتهن ويقلل من إتقان العملية التعليمية».
وعن الضجة التي أثارها القرار الذي صدر أول من أمس، قال رئيس جامعة القاهرة: «هذه الضجة لا حقيقة ولا عدل فيها.. وهناك من اعتادوا عدم التدقيق في الأمور». وأصدرت جامعة القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010 قرارا بمنع دخول المتنقبات لحرم الجامعة وقاعات المحاضرات أو الإقامة بالمدن الجامعية، ورفعت العشرات من المتنقبات دعاوى أمام محكمة القضاء الإداري، التي قضت بأحقيتهن في الدخول للجامعة والسكن بالمدينة الجامعية.
وحول إمكانية تطبيق هذا القرار في باقي الجامعات المصرية أكد نصار أن هذا القرار طبق منذ أول يوم في الدراسة.. و«إلى هذه اللحظة لم يصل إلينا أي اعتراض من المخاطبات به وهن (عضوات هيئة التدريس بالجامعة).. فأنا قمت بمزاولة اختصاصي في جامعة القاهرة، وليس لي سلطة على باقي رؤساء الجامعات، فكل رئيس جامعة يقرر ما يشاء في هذا الشأن؛ لكن الأمانة تستدعي أن نواجه ذلك»، في إشارة إلى ارتداء عضوات هيئة التدريس النقاب بالجامعة.
وفي مجمل رده على ما ردده البعض من أن قرار جامعة القاهرة يستهدف المنتميات لجماعة الإخوان المسلمين، قال جابر نصار، إن «القرار ليس له علاقة بالإخوان؛ لكن تم تطبيقه بعد تقارير من عمداء الكليات عن تدني النتائج، وشكاوى من الطلاب حول ضعف التواصل مع المتنقبات وعدم فهمهم ما يتم شرحه.. فالإخوان أصبحوا الآن أهون من أن نترصدهم في هذا الأمر».
من جانبه، قال القيادي المسؤول بجامعة الأزهر، فضل عدم تعريفه لحساسية موقعه، إن «عدد المتنقبات ليس بالقليل داخل الجامعة ولا يمكن منعهن من المحاضرات»، مؤكدا أنه «يتم تفتيش عضوات هيئة التدريس والطالبات المتنقبات ذاتيا عن طريق أفراد الأمن النسائي على أبواب الجامعة».
وسبق أن تحدث رئيس جامعة الأزهر في يناير (كانون الثاني) الماضي، منفعلا إلى إحدى الطالبات المتنقبات، قائلا: «كشف الوجه ليس حراما.. أنتم تفهمون خطأ.. الفقه الصحيح أن النقاب ليس بواجب.. يطلب ولا يفرض، والحكم الصحيح أن النقاب مختلف فيه ومعظم العلماء قالوا إنه ليس بفرض».
وسبق أن أصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عام 2009 قرارا بحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدراسة في جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية، خلال الامتحانات؛ لكن هذا القرار لم يعد مفعلا الآن.
وتضم جامعة الأزهر نحو 440 ألف طالب وطالبة يمثلون خمس طلاب التعليم العالي بمصر، وبها نحو 11500 ألف من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم. ويقول مراقبون إن «نسبة كبيرة من عضوات هيئة التدريس في القاهرة وفرعي الجامعة في صعيد ودلتا مصر منتقبات.. ولا يمكن تطبيق القرار عليهن».
وانتقل الخلاف حول منع المتنقبات من الجامعات إلى الشارع المصري. ودشن الكثير من النشطاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» لتأييد القرار. فيما اعتبرت «الدعوة السلفية» في مصر أن القرار مخالف لكتاب الله وللدستور والقانون، ويعد تمييزا ضد فئة معينة من أجل مذهبها الديني.
لكن الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «ارتداء النقاب لا يتعلق بالعبادة ولا يؤمر بتركه أو العمل به؛ إلا للضرورة ولدرء الفتن». كما أن لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، رأيا وقت أن كان رئيسا لجامعة الأزهر، أكد فيه، أن «النقاب لم يرد به أي نص قرآني أو حديث نبوي وليس مباحا أو فضيلة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.