التحالف والمقاومة يتصديان جوًا وبرًا لمحاولات الميليشيات التسلل إلى لحج وأبين

الأوضاع الأمنية في عدن تقلق المواطنين.. وخلايا صالح تغتال كوادر وقيادات جنوبية

قوات موالية للحكومة اليمنية تتجه سيرًا على الأقدام إلى جبهة القتال ضد المسلحين الحوثيين في محافظة مأرب بعد السيطرة على السد الاستراتيجي (رويترز)
قوات موالية للحكومة اليمنية تتجه سيرًا على الأقدام إلى جبهة القتال ضد المسلحين الحوثيين في محافظة مأرب بعد السيطرة على السد الاستراتيجي (رويترز)
TT

التحالف والمقاومة يتصديان جوًا وبرًا لمحاولات الميليشيات التسلل إلى لحج وأبين

قوات موالية للحكومة اليمنية تتجه سيرًا على الأقدام إلى جبهة القتال ضد المسلحين الحوثيين في محافظة مأرب بعد السيطرة على السد الاستراتيجي (رويترز)
قوات موالية للحكومة اليمنية تتجه سيرًا على الأقدام إلى جبهة القتال ضد المسلحين الحوثيين في محافظة مأرب بعد السيطرة على السد الاستراتيجي (رويترز)

يواصل الحوثيون، منذ بضعة أيام، محاولاتهم الحثيثة لإعادة فتح جبهات قتال في جنوب البلاد، في وقت تدخل طيران التحالف لمنع هذه الميليشيات من إكمال تجهيزاتها واستعداداتها في منطقتي الوازعية والشريجة بمحافظة تعز، لمهاجمة المناطق الجنوبية، حيث قصفت طائرات التحالف تجمعات تلك الميليشيات في تلك المنطقة. في حين قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة الشعبية الجنوبية، أرسلت تعزيزات عسكرية إلى منطقة الصبيحة في محافظة لحج، المجاورة لمحافظة تعز، وذلك لردع أية محاولات لفتح جبهة قتال هناك.
وقالت مصادر مطلعة، في محافظتي تعز ولحج، إن الميليشيات الحوثية ألقت بتعزيزات كبيرة نحو مديرية الوازعية وقامت بالسيطرة عليها، وإنها تقوم بتجهيزات عسكرية كبيرة من أجل مهاجمة محافظة لحج، وتهديد الخط الساحلي الذي يربط محافظة عدن، في أقصى جنوب البلاد، بمحافظة الحديدة، في أقصى غرب البلاد.
وأكدت المصادر المحلية أن سيطرة الحوثيين على الوازعية ومحاولاتهم فتح جبهة قتال في منطقة الصبيحة، هي إحدى المحاولات، وأشارت إلى تعزيزات متواصلة يضخها الحوثيون باتجاه منطقة كرش، في محافظة لحج، عبر منطقة الشريجة، الحدودية السابقة بين شطري البلاد، في محافظتي تعز (الشمالية) ولحج (الجنوبية).
وتشير المعلومات الواردة من المنطقة إلى أن قبائل الصبيحة المعروفة ومقاتلي المقاومة الجنوبية، يتصدون لمحاولات الحوثيين التوغل داخل محافظة لحج الجنوبية.
من جانبه، قال علي شايف الحريري، المتحدث باسم المقاومة الشعبية الجنوبية، لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في كرش ومنطقة الصبيحة لا يدعو للقلق، وإن محاولات الحوثيين التوغل في منطقة الوازعية باءت بالفشل أمام صمود وتصدي المقاومة الشعبية الجنوبية لها. وأردف أن مقاتلات التحالف ضربت أهداف للميليشيات الحوثي والمخلوع صالح هناك ودمرتها تدميرا كاملا، وأضاف أن «ما تروجه مواقع الحوثي على صفحات التواصل الاجتماعي ليس سوى وهم وهذه الميليشيات الإرهابية سوف تنتهي من اليمن قريبا».
وفي سياق محاولات الحوثيين فتح جبهات قتال في جنوب البلاد، تشهد مديرية لودر بمحافظة أبين الجنوبية، منذ عدة أيام، قتالا عنيفا بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، من جهة أخرى، غير أن هذه المحاولات، جوبهت بالصد في جبهة أبين، حتى اللحظة.
وبشأن محاولات الحوثيين العودة إلى المحافظات الجنوبية، قال اللواء الركن قاسم عبد الرب العفيف، رئيس أركان القوات المسلحة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (السابقة)، إن الميليشيات الحوثية يمكنها إخلاء جبهة مأرب والتحرك نحو الجنوب مجددا.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هدف التحرك نحو الجنوب هو عدن، فهي أهم من التمسك بصحراء مأرب والجوف، لأن تلك الرمال ستغرق أي جيش يستخدمها كساحة حرب»، وقال إن الحوثيين سوف «يضعون قوات رمزية في تلك الأماكن (مأرب والجوف)، ولكن جهدهم الرئيسي سيتوجه نحو عدن عبر لحج وأبين، وهذا المؤشر واضح للعيان، لأنه من غير الممكن أن تظل محافظات مثل إب والبيضاء وتعز مفتوحة أمام الانقلابيين بعد كل هذه المدة وبعد الدعم غير المحدود من قبل قوات التحالف.
على صعيد آخر، لا تزال الأوضاع الأمنية مقلقة للمواطنين في جنوب اليمن وتحديدا في مدينة عدن، كبرى مدن الجنوب والعاصمة المؤقتة للبلاد، فقد لقي ضابط أمني، أمس، في عدن مصرعه على يد مسلحين مجهولين أردوه قتيلا بإطلاق النار عليه، وقالت مصادر محلية في عدن إن المسلحين اغتالوا العقيد أحمد محسن الحريري، قبل نهب سيارته.
وقال قيادي بارز في المقاومة الشعبية الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» إن «الاغتيالات التي تطال كوادر وقيادات جنوبية، تعد مؤشرا خطيرا على أن هناك قوى لها استراتيجية معينة تقف وراء هذه العمليات»، وأضاف القيادي، الذي رفض الكشف عن هويته، أن «خلايا المخلوع صالح هي من تنفذ هذه العمليات ولكنها تجد من يتعاون معها»، ودعا القيادي في المقاومة الجنوبية حكومة خالد محفوظ بحاح ودول التحالف إلى «تثبيت الأمن بشكل عاجل وتعجيل إجراءات دمج الجيش والمقاومة وبناء المؤسسة العسكرية والأمنية»، مشيرًا إلى أنه «وبمجرد قيام مؤسسة أمنية سوف تنحصر هذه الخلايا وتنكشف».
من ناحية ثانية، واصل طيران التحالف، أمس، غاراته الجوية المكثفة على مواقع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، في عدد من المحافظات اليمنية، وقالت مصادر محلية إن الطيران استهدف دار الرئاسة ومعسكر جبل النهدين، في جنوب العاصمة صنعاء، بسلسلة من الغارات الجوية المكثفة، كما استهدف القصف منطقتي خولان وأرحب، في جنوب وشمال العاصمة، وكذا إحدى المناطق في محافظة ذمار، إضافة إلى غارات مكثفة استهدفت مناطق في محافظتي مأرب وصعدة.
كما شنت طائرات التحالف سلسلة غارات عنيفة استهدفت المواقع التي تتمركز فيها الميليشيات الحوثية الانقلابية في مديرية عسيلان، بمحافظة شبوة، وقال شهود عيان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الغارات هي الأعنف على تلك المواقع منذ فترة، وإن القصف أسفر عن تدمير موقع للحوثيين في نقطة حيد بن سبعان، في منطقة النقوب، وقد أسفرت تلك الغارات عن مقتل عدد من عناصر الميليشيات الحوثية وجرح آخرين، كما استهدفت طائرات التحالف مواقع تجمعات الحوثيين في منطقة المعيقيب بالنقوب، ومنطقة حصن لخيضر بمنطقة الحمى، في ذات المديرية عسيلان، ووصفت مصادر محلية الأهداف التي قصفتها طائرات التحالف بـ«الدقيقة والمدمرة».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.