الفلسطينيون يحتفلون في شوارع المدن.. أمام شاشات كبيرة

حركة حماس تمنع أي مظاهر احتفال وتعتقل عناصر من فتح

فلسطينيون في مدينة رام الله  بالضفة الغربية أمس ينشدون الأغاني الوطنية ويلوحون بالأعلام ابتهاجًا برفع العلم الفلسطيني على مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
فلسطينيون في مدينة رام الله بالضفة الغربية أمس ينشدون الأغاني الوطنية ويلوحون بالأعلام ابتهاجًا برفع العلم الفلسطيني على مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
TT

الفلسطينيون يحتفلون في شوارع المدن.. أمام شاشات كبيرة

فلسطينيون في مدينة رام الله  بالضفة الغربية أمس ينشدون الأغاني الوطنية ويلوحون بالأعلام ابتهاجًا برفع العلم الفلسطيني على مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
فلسطينيون في مدينة رام الله بالضفة الغربية أمس ينشدون الأغاني الوطنية ويلوحون بالأعلام ابتهاجًا برفع العلم الفلسطيني على مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)

قبل أن يرفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس العلم الفلسطيني في مقر الأمم المتحدة في نيويورك كان آلاف الفلسطينيين قد رفعوه عاليا فوق منازلهم وسياراتهم في الشوارع وأعلى الوزارات والمقرات السيادية في الضفة الغربية، احتفالا باليوم الذي يراه غالبية كبيرة «تاريخيا».
وخرج آلاف من الفلسطينيين في مسيرات كبيرة في رام الله والخليل وبيت لحم ونابلس واحتلوا مراكز المدن الكبيرة يحملون الأعلام الفلسطينية، بعد أن دعت حركة فتح إلى رفع علم فلسطين عاليًا على المباني والشرفات والسيارات وفي المسيرات المركزية.
وفي مشهد مؤثر وعاطفي، أدى عسكريون ومدنيون التحية للعلم الفلسطيني في رام الله ومدن أخرى، بعدما رفرف عاليا بالتزامن مع رفع عباس للعلم فوق مبنى الأمم المتحدة.
وقال نصري عساكرة، أحد قيادات حركة فتح في بيت لحم لـ«لشرق الأوسط»: «هذا يوم تاريخي، أشعر بفخر كبير وأنا أرى العلم الذي كان يحاط بالسر سابقا، واستشهد خيرة شبابنا وهم يرفعونه فوق الأسوار وأعمدة الكهرباء، يرفع اليوم عاليا في مقر الأمم المتحدة». وأضاف: «شعوري لا يوصف وأنا أرى ذلك. تذكرت كل الذين قضوا واعتقلوا وأصيبوا بإعاقات وهم يحاولون رفع هذا العلم عاليا». وتابع: «كنا نرفعه في السر وفي عز العتمة، ونرفعه اليوم عاليا في العلن وفي عز النهار وأمام كل العالم، وسنرفعه غدا في القدس».
وطالما قتلت إسرائيل خلال سنوات الاحتلال وفي الانتفاضة الأولى التي انطلقت عام 1987 فلسطينيين كانوا يحاولون رفع العلم على أعمدة الكهرباء والأسوار العالية، واعتقلت آخرين كانوا يقتنونه في منازلهم بصفته «تهمة» جاهزة، بينما تركت المحاولة آخرين مع إعاقات دائمة نتيجة السقوط من علو أو إصابتهم بصعقات كهربائية.
وفي مشهد نادر نجح شبان في رفع العلم الفلسطيني أمس على أسوار مدينة القدس التاريخية التي تسيطر عليها إسرائيل وترفع فوقها الأعلام الإسرائيلية فقط.
وبعث مشهد رفع الأعلام فوق أسوار المدينة المقدسة الفخر لدى المقدسيين الذين يعانون من حرب إسرائيلية مستعرة لطردهم من المدينة. وقال الناشط ومسؤول الشبيبة الفتحاوية في القدس أحمد الغول إن الإصرار على رفع العلم الفلسطيني في سماء القدس هو تأكيد على هوية المدينة العربية واحتفالات بهذا الحدث التاريخي.
وعبر أمين سر الرئاسة الطيب عبد الرحيم عن تأثره البالغ وهو يرى العلم مرفوعا فوق أسوار القدس. وقال عبد الرحيم: «لقد هزني كثيرا رفع العلم الفلسطيني فوق مساجد وكنائس القدس.. إنها عاصمة دولتنا ولن نيأس ولن نحبط، بل سنراكم الإنجازات نحو دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس».
ووصف عبد الرحيم رفع العلم بـ«يوم احتفال كبير». وقال: «هذه ليست مجرد خطوة رمزية وإنما هي خطوة تضعنا على الخريطة السياسية مجددا وبكل قوة، وعلى العالم أن يقف إلى جانب شعبنا لكي يترجم حضور شعبنا على الخريطة السياسية والجغرافية».
وتابع: «أن يرفرف العلم الفلسطيني إلى جانب أعلام الدول هو تتويج لنضال هذا الشعب على مر الأجيال وتتويج لدماء شهداءنا لآلام جرحانا ولمعاناة أسرانا ولكل الجموع المناضلة».
وبينما رفرفت آلاف الأعلام الفلسطينية فوق مباني وسيارات الفلسطينيين في الضفة، شوهدت مئات البالونات التي تحمل ألوان العلم تطير في السماء وفي القدس المحتلة.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أن يرفع العلم الفلسطيني إنه يوم فخر واعتزاز. وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية: «إن رفع علم فلسطين في الأمم المتحدة بنيويورك، وفي مكاتب الأمم المتحدة الأخرى في جميع أنحاء العالم، انتصار جديد للشعب الفلسطيني، تقربه أكثر من حلمه الأكبر المتمثل بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية». وتابعت: «إنه انتصار للدبلوماسية الفلسطينية».
ورأت الخارجية أن «رفع العلم الفلسطيني في مقر الأمم المتحدة يمثل انتصارا لقوة القانون الدولي على قوة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم في فلسطين، كما ينسجم مع مفهوم أن فلسطين هي دولة تحت الاحتلال، ولسان حاله يطالب الأمم المتحدة والمنظمة الدولية بضرورة تكثيف عملها، من أجل منح الشعب الفلسطيني كامل حقوقه الوطنية، وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير أسوة بشعوب المعمورة».
وحرص آلاف الفلسطينيين الذين احتفلوا برفع العلم في شوارع الضفة بمتابعة خطاب الرئيس الفلسطيني على شاشات كبيرة في الشوارع. وقال الناطق باسم حركة فتح أحمد عساف إن «الجماهير الفلسطينية جاءت لتعلن للعالم أجمع مساندتنا لرئيسنا محمود عباس رمز الشرعية الفلسطينية وهو يلقي كلمة فلسطين فوق المنبر الدولي، ليعلم العالم كله أننا شعب أصحاب قضية نستحق العيش الكريم فوق أرضنا وتحت علمنا في دولة فلسطين الحرة كسائر شعوب العالم».
وهتف الفلسطينيون الذي ظلوا يرفعون الأعلام لفلسطين حرة عربية والقدس عاصمة لها، وضد إسرائيل. وبينما احتفلت الضفة الغربية برفع العلم وكلمة عباس، منعت حركة حماس أي مظاهر احتفالية في قطاع غزة، وقال مسؤول الإعلام في حركة فتح منير الجاغوب: «إن حركة حماس منعت رفع العلم الفلسطيني غزة ومنعت التجمعات لسماع خطاب السيد الرئيس». واتهم الجاغوب حماس باعتقال ناشطين في حركة فتح على خلفية تنظيم فعاليات خاصة برفع العلم والاستماع لخطاب عباس.
وقال ناشطون من غزة لـ«الشرق الأوسط» إنهم سيتابعون الخطاب من منازلهم أو في مقاهي المدينة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.