المتمردون يسعون لشراء الولاءات في صنعاء.. تحسبًا لـ«معركة العاصمة»

تحركاتهم تشمل تشكيل لجان شعبية وتجنيد الشبان وتوزيع الأسلحة الخفيفة

عناصر الجيش الوطني تطلق النار خلال مواجهات مع المتمردين في ضواحي سد مأرب أمس (أ.ف.ب)
عناصر الجيش الوطني تطلق النار خلال مواجهات مع المتمردين في ضواحي سد مأرب أمس (أ.ف.ب)
TT

المتمردون يسعون لشراء الولاءات في صنعاء.. تحسبًا لـ«معركة العاصمة»

عناصر الجيش الوطني تطلق النار خلال مواجهات مع المتمردين في ضواحي سد مأرب أمس (أ.ف.ب)
عناصر الجيش الوطني تطلق النار خلال مواجهات مع المتمردين في ضواحي سد مأرب أمس (أ.ف.ب)

أفادت مصادر محلية في العاصمة اليمنية صنعاء بأن الانقلابيين الحوثيين وأتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح يسعون لتجنيد أعيان الأحياء الشعبية ويزودونهم بأسلحة خفيفة، بهدف شراء ولائهم لمصلحتهم والقتال إلى جانبهم.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المتمردين وزعوا على أعيان الحارات ما بين سبع إلى عشر بنادق من نوع كلاشنيكوف لكل واحد، وطلبت منهم تجنيد ما لا يقل عن عشرة أشخاص من كل حارة وتسجيلهم ضمن اللجان الشعبية تكون تحت إشرافهم، موضحة أن أغلب عقلاء الحارات والشباب المجندين من الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح ويشتغل غالبيتهم في جهاز الأمن السياسي المخابرات الذي يسيطر عليه الحوثيون وصالح. ولفتت المصادر إلى أن تحركات المتمردين تأتي ضمن خطتهم الدفاعية الاستباقية، بعد خسارتهم للمعارك في محافظة مأرب واقتراب القوات المشتركة من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المعزز بقوات التحالف من العاصمة صنعاء، وأوضحت المصادر أن الميليشيات طلبت من عقلاء الحارات متابعة ومراقبة جميع القاطنين في مناطقهم ورصد أعدادهم، خصوصا فئة الشباب، مع رفع تقارير شاملة لتحركات المناهضين لهم وإرسالها إلى ما يسمى بمكتب المجلس السياسي الذي يقع في معقلهم في منطقة الجراف شمال صنعاء. وذكرت المصادر أن العشرات من الشباب والأطفال الذين جندتهم فروا من جبهات القتال في كل من تعز ومأرب والبيضاء، بعد استشعارهم بأنه تم التغرير بهم في معارك خاسرة.
وأنشأت الميليشيات الحوثية منذ انقلابها على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي في سبتمبر (أيلول) 2014 مقرات أمنية خاصة بها داخل التجمعات السكانية بالأحياء في صنعاء، ومنحتها صلاحيات إدارة الأجهزة الأمنية والمؤسسات الخدمية المرتبطة بحياة المواطنين. وشنت طائرات التحالف أمس غارات مكثفة على قاعدة الديلمي الجوية ودمرت مخازن السلاح ومحطات وقود داخلها. في غضون ذلك، قال المسؤول الإعلامي وعضو المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية في محافظة تعز وسط البلاد، رشاد الشرعبي، إن المدينة تتعرض منذ أيام لهجوم غير مسبوق، بعد وصول تعزيزات كبيرة للانقلابيين، وشملت آليات عسكرية وذخائر للأسلحة الثقيلة وعشرات المسلحين، إضافة إلى انضمام المئات من مسلحيهم الفارين من محافظات عدن وأبين ولحج، جنوب البلاد، وأوضح الشرعبي لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التعزيزات ساهمت في تقوية المتمردين الذين شددوا من حصارهم على المدينة، خصوصا مدخليها الشرقي الذي يربطها بالعاصمة صنعاء وعدن والغربي الذي يربطها بمدينتي الحديدة والمخاء وطال الحصار الدواء والغذاء ومياه الشرب والكهرباء وكل أساسيات الحياة.
وذكر الشرعبي أن المقاومة الشعبية والجيش الوطني يتصدون للانقلابيين، بإمكانياتهم المحدودة، رغم الفارق في التسليح والتدريب، مؤكدا أن المتمردين يتكبدون يوميا خسائر في الأرواح والمعدات. ولفت إلى أن الصمود الذي تقدمه المقاومة والجيش الوطني في مختلف جبهات القتال في تعز نابع من عدالة قضيتهم، ودفاعهم عن أرضهم، ومدينتهم ووطنهم في وجه المتمردين على الشرعية الذين عاثوا في الأرض فسادا وقتلا. وأكد ناطق المقاومة أن مدينة تعز تتعرض كل يوم لمحاولات فاشلة لاختراق جبهات المقاومة والجيش الوطني، خصوصا في شرق وغرب المدينة وشمالها، بهدف الوصول إلى وسط المدينة واستعادة المواقع التي تم تطهيرها منهم.
وقلل الشرعبي من الأنباء التي تحدثت عن زيارات قيادات ما يسمى باللجنة الثورية العليا إلى تعز، وقال: «يحاول الانقلابيون صنع انتصارات إعلامية عبر تسريب أخبار عن زيارة قياداتهم لمحافظة تعز، التي لا نعلم صحتها، وإن تمت فإنها كانت في الخفاء كون الطريق من صنعاء إلى تعز تحت سيطرة الميليشيات»، مؤكدًا أن هذه الزيارات لن تزيد أبناء تعز عموما والمقاومة بشكل خاص إلا قوة وصمودا وإصرارا على تحرير محافظتهم من هذه الميليشيات الانقلابية العنصرية». وأوضح أن «ما يقوم به التحالف العربي بقيادة الأشقاء في السعودية والإمارات هو دور عربي يحافظ على اليمن وعروبته والأمن القومي الخليجي والعربي عموما، ولن ينسى لهم اليمنيون ذلك الدور ولن يغفله التاريخ وسيسطر دورهم ذلك بأحرف من نور»، مشيرا إلى أن تعز بحاجة إلى اهتمام التحالف العربي بشكل أكبر سواء عبر تكثيف وتركيز الضربات الجوية أو مدها بالسلاح والذخائر والآليات المدرعة، وأبناؤها مستعدون لتحريرها مع الدعم المالي والإغاثي للمدينة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.