وزير الزراعة يتابع تسويق حله لأزمة النفايات.. ومجموعات الحراك الشعبي تطرح خطة بديلة

لبنان: سباق بين الحل وبدء موسم الأمطار والفيضانات

وزير الزراعة يتابع تسويق حله لأزمة النفايات.. ومجموعات الحراك الشعبي تطرح خطة بديلة
TT

وزير الزراعة يتابع تسويق حله لأزمة النفايات.. ومجموعات الحراك الشعبي تطرح خطة بديلة

وزير الزراعة يتابع تسويق حله لأزمة النفايات.. ومجموعات الحراك الشعبي تطرح خطة بديلة

دخلت الخطة التي أقرتها الحكومة اللبنانية لحلّ أزمة النفايات، في سباق مع موسم الأمطار الغزيرة المتوقع خلال يومين بحسب مصلحة الأرصاد الجوية، مما يثير مخاوف من احتمال حصول فيضانات تجرف أكوام النفايات المجمعة في مواقع معينة، خصوصًا على ضفاف نهر بيروت، مع ما قد يترتب عنها من أضرار صحية وأمراض نتيجة اختلاط هذه النفايات بالمياه.
وكانت الحكومة أقرت في التاسع من سبتمبر (أيلول) الحالي، خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات، وتقضي بـ«الموافقة على نقل النفايات المتراكمة في بيروت وجبل لبنان منذ يوليو (تموز) الماضي إلى مطمر الناعمة لمدة 7 أيام، على أن يتم اعتماد مطمرين صحيين في منطقة عكار (شمال لبنان) ومنطقة المصنع (شرق لبنان). إلا أن مجموعات الحراك المدني التي قادت الحركة الاحتجاجية الشعبية في الأسابيع الماضية وأهالي بلدتي الناعمة وعكار رفضوا الخطة واستقبال كميات من النفايات في أراضيهم ولو لفترة مؤقتة.
واستباقًا للأسوأ، تابع الوزير شهيب محاولاته تذليل العقبات السياسية من أمام الخطة التي وضعها بالتعاون مع خبراء بيئيين وأخصائيين، فزار أمس رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون، في دارته في الرابية (شرق بيروت)، وعرض معه حيثيات الخطة والعراقيل السياسية التي ترافقها. وقال شهيب بعد اللقاء: «سنبقى منفتحين على كل الحلول بإيجابية تحت سقف العلم والموضوعية، وإذا كان رفض الخطة من أجل الرفض فإن المواطنين هم من يتحملون مسؤولية أن تكون النفايات جاثمة على صدورهم، وعلى الدولة أن تحسم أمرها وعلي أنا أن أجري الاتصالات لتذليل العقبات». وأضاف: «الموقعان الجديدان (لجمع النفايات) هما مكبان، إلا أننا نريد أن نجعلهما مطامر صحية»، معتبرًا أن «إلغاء ديون كل البلديات هو واجب».
بدوره، أعلن الحراك الشعبي في مؤتمر صحافي عناوين خطة بيئية وضعها بعد استشارة خبراء بيئيين، مشددًا على تمسكه بمطالبه وأبرزها استقالة وزير البيئة محمد المشنوق وتحرير أموال البلديات المتجمعة في الصندوق البلدي المستقل بعد فتح حساب خاص بها.
وشدد الحراك على أن «الخطة البديلة لمعالجة أزمة النفايات هي في عدم ضغط النفايات لدى نقلها فيصبح إمكان تدوير 35 في المائة منها وعمليات التسبيغ أكثر سهولة متى كانت خالية من المعادن». ودعا الخبير البيئي بول أبي راشد إلى «اتخاذ قرار بمنع استخدام شاحنات كابسة للنفايات ومنع التعاقد مع أي مشغل لنقل النفايات غير المفروزة» لافتًا إلى أن «عملية التخمير التي بدأت، قابلة للاستخدام وفق التخمر الكهربائي وتأكدنا من هذه المعلومات بحسب خبراء بيئيين اختصاصيين». وأوضح أبي راشد أنه «في التخمر الكهربائي تترك النفايات لفترة شهرين أو ثلاثة لتخفيف وزنها وانعدام البكتيريا الموجودة فيها».
إلى ذلك، اعتبر رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان أنه «لا يجوز مقاربة خطة اللجنة الفنية التي يترأسها الوزير أكرم شهيب إلا على قاعدة المصلحة الوطنية العامة، حيث من المفترض أن توازن هذه الخطة بين كل المناطق اللبنانية دون استثناء، على خلفية القدرة الاستيعابية للمواقع التي استقر عليها الاختيار لطمر النفايات»، لافتًا إلى أنه «لا يجوز أيضًا أن تتحمّل الناعمة أي ثقل عن غيرها، كما لا يجوز أن يتحمل غيرنا عنا وزر تقصير الدولة في القيام بمهامها على مدى سبع عشرة عاما». وقال أرسلان: «لا ضير في فتح مطمر الناعمة لفترة سبعة أيام كحل مؤقت بما يتلاءم مع موقف البلديات المعنية مباشرة بالموضوع».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.