«شباب» حزب العمال الكردستاني ينقلون الحرب إلى مدن تركيا

يهاجمون بأسلحة ثقيلة ويحفرون الخنادق ويقيمون المتاريس في الشوارع الفرعية

سكان قرب أحد المتاريس التي نصبها شبان لمواجهة قوات الأمن التركية في مدينة جيزره (رويترز)
سكان قرب أحد المتاريس التي نصبها شبان لمواجهة قوات الأمن التركية في مدينة جيزره (رويترز)
TT

«شباب» حزب العمال الكردستاني ينقلون الحرب إلى مدن تركيا

سكان قرب أحد المتاريس التي نصبها شبان لمواجهة قوات الأمن التركية في مدينة جيزره (رويترز)
سكان قرب أحد المتاريس التي نصبها شبان لمواجهة قوات الأمن التركية في مدينة جيزره (رويترز)

احتل مقاتلون في مقتبل العمر يعيشون في المدن كثيرون منهم في سن المراهقة الصدارة في الصراع الذي تفجر بين المسلحين الأكراد وقوات الأمن التركية في جنوب شرقي تركيا منذ انهار في يوليو (تموز) الماضي وقف لإطلاق النار بدأ سريانه قبل عامين.
وحسب تقرير لوكالة رويترز، تعيد شدة العنف إلى الأذهان عند البعض ما حدث في التسعينات عندما بلغت حركة التمرد التي شنها حزب العمال الكردستاني ذروتها وسقط فيها آلاف القتلى سنويا وذلك رغم أن أعداد القتلى حتى الآن أقل من تلك المستويات.
فمقاتلو جناح الشباب من حزب العمال الكردستاني المعروف باسم حركة الشباب الوطنية الثورية يهاجمون قوات الأمن في المدن بأسلحة ثقيلة ويحفرون الخنادق ويقيمون المتاريس في الشوارع الجانبية. وترد الشرطة بفرض حظر التجول وشن عمليات أمنية للإيقاع بالمقاتلين وكان من أكثرها إثارة للجدل هذا الشهر عملية في بلدة الجزيرة قرب حدود تركيا مع العراق وسوريا سقط فيها ما لا يقل عن 20 قتيلا.
ويقول مسؤولون حكوميون بأن أكثر من 150 شرطيا وجنديا تركيا لقوا مصرعهم في أحداث العنف منذ يوليو، سقط كثير منهم في مدن فيما يمثل تحولا عن تركيز حزب العمال الكردستاني تقليديا على المناطق الريفية. وقال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو لقناة «الخبر» التلفزيونية في مقابلة هذا الشهر: «نحن نواجه محاولة لنقل حرب الجماعات المسلحة في المناطق الريفية إلى المدن».
وأدى نزيف الدماء المتزايد في جنوب شرقي البلاد، حيث يكثر الأكراد، إلى تفاقم توترات سياسية شديدة في تركيا قبل انتخابات استثنائية تجرى في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) لاختيار برلمان جديد وسط اتهامات من الرئيس رجب طيب إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم للنواب المؤيدين للأكراد بالتواطؤ مع حزب العمال الكردستاني. كما أنه يعقد المساعي الدولية للتصدي لتنظيم داعش في سوريا. وتقول تركيا بأن ثمة روابط تربط حزب العمال الكردستاني وجماعات كردية في سوريا تعمل مع تحالف تقوده الولايات المتحدة يقصف مقاتلي «داعش».
واستأنف الجيش التركي هجماته على معسكرات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق كما شارك في الحملة الجوية على داعش.
وفي داخل تركيا يقول مقاتلو جناح الشباب في حزب العمال الكردستاني بأنهم يحظون بدعم قوي من السكان المحليين في منطقة نكبت منذ فترة طويلة بالعنف والفقر. وهؤلاء المقاتلون لم يتلقوا تدريبا يذكر لكنهم عازمون على التصدي لما يرون أنه قمع الدولة التركية. وقالت فتاة تدعى نودا عمرها 19 عاما هجرت التعليم بعد المدرسة الثانوية من أجل التفرغ للقتال: «توجد كتلة كبيرة من الناس يشعرون بتعاطف كبير معنا ويقدمون لنا الدعم. وهم ليسوا مسلحين لكنهم يساعدوننا».
لكن مسؤولين في الحكومة التركية يرون أن تجدد العنف في الجنوب الشرقي قد أثر سلبا على الدعم المحلي للمقاتلين إذ أن الناس يقدرون الهدوء الذي ساد عامين كانت الحكومة تجري خلالهما محادثات سلام مع حزب العمال الكردستاني.
وكان حزب العمال الكردستاني قد بدأ حملته المسلحة من أجل وطن للأكراد في جنوب شرقي البلاد عام 1984 وكان ذلك بداية لصراع سقط فيه أكثر من 40 ألف قتيل. وسجن عبد الله أوجلان زعيم الحزب عام 1999 لكنه ما زال يحظى بنفوذ كبير في الحزب الذي يرابط كبار قادته في جبال قنديل بشمال العراق.
ولم يتم تأسيس جناح الشباب بالحزب سوى عام 2006 وقد ولد كثير من أعضائه خلال فترة التسعينات. وليس من الواضح طبيعة العلاقة التي تربطه بقيادة حزب العمال الكردستاني لكن لا مجال للشك في التزامه بقضية الانفصال.
وقال أحد مقاتلي جناح الشباب ويدعى ماوا وهو يتحدث على عجل بينما كان زملاؤه يقفون للحراسة تحسبا لمرور أي دوريات أمنية «تأتي الشرطة والجنود إلى حيك لاعتقالك أو تخويفك. نحن نهدف إلى منعهم من ذلك بحفر خنادق وإقامة متاريس». وأضاف وهو يخفي وجهه بوشاح «عندنا وحدات في كل شارع وكل حي في أنحاء كردستان». وأوضح أنه ترك الجامعة بعد عام دراسي واحد للانضمام إلى جناح الشباب ويقول مازحا بأنه من أكبر أعضاء الجناح سنا إذ يبلغ 26 عاما.
وحسب أعضاء جناح الشباب فإن الحركة نمت بسرعة لكنهم يرفضون ذكر عدد أعضائها. ووصف ماوا وأعضاء آخرون الحركة بأنها شبه مستقلة عن قيادة حزب العمال الكردستاني رغم أن أنقرة ترفض ذلك.
وقال مقاتل آخر يدعي سوركسين عمره 23 عاما في ديار بكر «نحن نتصرف بما يتفق مع قواعد القيادة (الخاصة بحزب العمال الكردستاني) ومنظورها ضد السياسات المدمرة التي تتبعها الدولة».
لكن مسؤولا بوزارة الخارجية التركية أصر على أن جناح الشباب يتلقى أوامره مباشرة من كبار قادة حزب العمال الكردستاني.
وقال مقاتل من حزب العمال الكردستاني يرابط في قاعدة قرب مدينة كركوك العراقية بأن الواقع أكثر غموضا. وأضاف متحدثا في حجرة كانت مدافع رشاشة مسنودة على جدارها أن جناح الشباب «لا تربطه صلة مباشرة بالقيادات لأن ذلك سيكشف عن القيادات». وتابع المقاتل الذي ذكر أن اسمه كاني كوباني أن «القيادة تعطي توجيهات عامة عن طريق التلفزيون. وكل الرفاق يشاهدون التلفزيون. ونحن نعرف كيف نفسر الرسالة».
وأفادت وكالة الأناضول التركية للأنباء نقلا عن مسؤولين أمنيين هذا الشهر أن حزب العمال الكردستاني خطف أكثر من 2000 شخص دون سن الثامنة عشرة في العامين الأخيرين لاستخدامهم في هجماته. ويقول مسؤولون بأن عددا يصل إلى 70 مقاتلا من جناح الشباب شاركوا في الاشتباكات التي وقعت هذا الشهر في مدينة جيزره حيث فرضت الشرطة حظر تجول على مدار الساعة لأكثر من أسبوع.
ويقول نواب من حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد بأن 21 مدنيا قتلوا في مدينة جيزره وأن الناس استبد بهم الجوع أياما ولم يستطيعوا دفن قتلاهم. لكن وزير المالية التركي أعلن أن مدنيا واحدا فقط و32 مقاتلا قتلوا في الاشتباكات التي وقعت في جيزره.
ويتهم حزب الشعوب الديمقراطي - الذي حرم نجاحه في انتخابات يونيو (حزيران) غير الحاسمة حزب العدالة والتنمية من أغلبية الحزب الواحد في البرلمان - السلطات بفرض حظر التجول في الأماكن التي تؤيد الحزب المناصر للأكراد بهدف معاقبة الناخبين وتخويفهم حتى لا يشاركوا في انتخابات الأول من نوفمبر. وتنفي الحكومة مثل هذه الاتهامات وتقول: إن حظر التجول يهدف إلى تسهيل العمليات التي تستهدف مقاتلي جناح الشباب المتحصنين في مناطق في المدن.
ويدرك المسؤولون أيضا تمام الإدراك أن شن حملة أمنية مكثفة قد يفضي إلى نتائج عكسية بحفز الأكراد على الاتجاه للتشدد قبل الانتخابات ويسلمون بأن محاربة الشبان المراهقين تعقد هدف هزيمة حزب العمال الكردستاني. وقال مسؤول بوزارة الخارجية: «ماذا تفعل عندما يطلق عليك صبي عمره 15 عاما النار.. ترد بإطلاق النار. وعلى الشرطة أن تبرر أفعالها والمسألة خلافية جدا».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».