في نيويورك .. بوتين يتمسك بالتصدي للإرهاب وعينه على أمن آسيا الوسطى «الإسلامية»

روسيا تؤكد ضرورة تشكيل ائتلاف دولي ضد الإرهاب في الشرق الأوسط

في نيويورك .. بوتين يتمسك بالتصدي للإرهاب  وعينه على أمن آسيا الوسطى «الإسلامية»
TT

في نيويورك .. بوتين يتمسك بالتصدي للإرهاب وعينه على أمن آسيا الوسطى «الإسلامية»

في نيويورك .. بوتين يتمسك بالتصدي للإرهاب  وعينه على أمن آسيا الوسطى «الإسلامية»

لا يدخر الرئيس الروسي ومعه كل مؤسسات السلطة في بلاده جهدًا في الدفع نحو حشد الجهد الدولي للتصدي للإرهاب، يتحرك بنشاط غير مسبوق على المحور السوري، وعينه بقلق تتجه نحو آسيا الوسطى، المنطقة التي ستترك للفوضى إذا ما انتشرت فيها تأثيرات استراتيجية سلبية جمة على أمن روسيا ونفوذها الإقليمي وطموحها بمكانة دولية تتناسب مع حجمها الجغرافي وقدراتها البشرية، وإرثها الثقافي والتاريخي. يحذر خبراء من أن التوتر في جمهوريات آسيا الوسطى أو منطقة القوقاز، سيكون بمثابة إصابة المقتل من روسيا.
لكن لا خوف حقيقة لدى «القيصر الروسي» الجديد إزاء الوضع في القوقاز، إذ تستمر العمليات الأمنية هناك في ردع أي بادرة نشاط لجماعات متطرفة بقبضة من حديد، ويقف رمضان قاديروف ويونس بيك يفكوروف ورمضان عبد اللاتيبوف في جمهوريات الشيشان وإنغوشيا وداغستان، حاجزا منيعا في وجهة محاولات نشر أفكار دينية تتعارض مع الإسلام التقليدي في تلك الجمهوريات، ويعملون بدعم اقتصادي وأمني من المركز الفيدرالي في موسكو على الحيلولة دون نشوء بيئة اقتصادية - اجتماعية تحتضن التطرف. وعليه فإن مصدر القلق الأكبر بالنسبة لبوتين تبقى منطقة آسيا الوسطى، وهذا القلق يشكل المساحة الأكبر من الأرضية الخفية التي تجعله يتحرك بكل هذا النشاط في سعيه للتصدي للإرهاب في الشرق الأوسط، لأنه يدرك تماما أن الآلاف الذين انضموا إلى صفوف هذا الإرهاب من مواطني جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز سيجدون فرصة للعودة إلى بلادهم، لمواصلة «الجهاد» من أجل «إقامة دولة الخلافة الإسلامية».
الواقع السياسي والاقتصادي فضلا عن الجغرافيا، عناصر تقول إن مخاوف الرجل محقة. مثال واضح على ذلك جمهورية طاجيكستان، حيث يدفع الوضع الاقتصادي السيئ عشرات الآلاف من مواطني تلك الجمهورية للذهاب إما إلى روسيا ومزاولة أي عمل لتأمين لقمة العيش. أو جنوبا نحو أفغانستان والعمل مع مافيات المخدرات أو مع «الجماعات التكفيرية الإرهابية»، مثل «القاعدة» وطالبان، ويساهم في هذا الأمر التداخل لتضاريس جغرافية معقدة بين البلدين، فضلا عن تداخل عرقي بين الشعوب المقيمة على طرفي الحدود الطاجيكية - الأفغانية.
مؤخرًا عاد التوتر السياسي ليطفو على السطح من جديد في طاجيكستان، مهددا إلى حد ما بعودة الحرب الأهلية مع ما ستحمله من فوضى سرعان ما ستنتقل إلى دول الجوار إن بدأت. في صدارة المشهد السياسي عودة التوتر بين الإخوة الأعداء خلال الحرب الأهلية الطاجيكية (1992 - 1997)، الذين أصبحوا شركاء سياسيين في حكم البلاد بعد توقيع اتفاق السلم في البلاد. والحديث يدور هنا حول الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمون، الذي تزعم الجبهة الشعبية إبان الحرب الأهلية، وقوى المعارضة وعلى رأسها «حزب البعث الإسلامي الطاجيكي» القوة الأكبر في صفوف المعارضة. بلغ التوتر ذروته بين الجانبين في الرابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، حين وقعت اشتباكات مسلحة أمام مقار حكومية وأمنية في العاصمة دوشنبه، قالت السلطات إن موالين لنائب وزير الدفاع الجنرال عبد الحليم نزارزوده قاموا بتنفيذها، وبأوامر مباشرة من محيي الدين قابيري زعيم حزب البعث الإسلامي الطاجيكي. وواصلت القوات الأمنية والبوليس مطاردة من تؤكد أنها مجموعات مسلحة حاولت تنفيذ انقلاب، لتستمر الاشتباكات في منطقة الوديان بالقرب من الحدود الأفغانية. وحتى اليوم ما زال المشهد في تلك المنطقة محاطا بالغموض نظرا لعدم توفر مصادر معلومات موثوقة.
وتؤكد النيابة العامة في طاجيكستان أن الجنرال عبد الحليم شكل 20 مجموعة مسلحة بهدف شن هجمات لزعزعة استقرار البلاد، بعد أن حصل على تمويل ضخم من مموليه الخارجيين. بينما تنفي مصادر من المعارضة مجمل الرواية الرسمية لما حدث وتقول إن الأمر كله مجرد مسرحية من إعداد الرئيس إمام علي رحمون وأجهزته الأمنية، بهدف التخلص من معارضيه قبل الانتخابات الرئاسية، وفي مقدمتهم حزب البعث الإسلامي الطاجيكي. وتقول معلومات من طاجيكستان إن الأزمة الحالية نشبت على خلفية صدور قرار بإغلاق مقرات حزب البعث الإسلامي، بذريعة عدم وجود موالين للحزب يمارسون النشاط في مقراته. وقررت السلطات التخلص من الجنرالات في الدولة المؤيدين لهذا الحزب، وعلى رأسهم الجنرال عبد الحليم نزار زوده حيث وقعت المواجهات المسلحة خلال محاولته مع تابعين له مغادرة العاصمة الطاجيكية، قبل اعتقالهم.
في الوقت الحالي لا تتوفر أي معلومات جديدة من مصادر موثوقة حول ما آلت إليه الأمور في طاجيكستان، إلا أن النخب الحاكمة الروسية تدرك أن الوضع هناك قد يتفجر في أي لحظة تحت تأثير عوامل داخلية، وبدفع من قوى خارجية، وفق ما يرى الروس، لذلك اتخذت روسيا احتياطاتها ونشرت منذ عام 2004 فرقة مؤللة تُعرف باسم (القاعدة الروسية 201)، ستبقى بموجب الاتفاق حتى عام 2042، وتعمل على حماية السلم الأهلي في البلاد، والمصالح الروسية في منطقة آسيا الوسطى. لكن بوتين يدرك على ما يبدو أن القوى المتطرفة ستصل بسرعة وسهولة إلى مناطق آسيا الوسطى، عبر أفغانستان، لذلك تراه سيقف على منبر الأمم المتحدة يركز على ضرورة التصدي للإرهاب في الشرق الأوسط، وكله أمل في أن يقضي على أولئك الذين قد يعقدون الوضع في جمهوريات آسيا الوسطى إن عادوا إليها.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.