مشروع «باترسي» العقاري يطمح إلى إضفاء روح جديدة على جنوب لندن

سيساهم بمليار جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني ابتداء من 2025

روب تينكنيل يقف إلى جانب مجسم للمشروع (تصوير: جيمس حنا)
روب تينكنيل يقف إلى جانب مجسم للمشروع (تصوير: جيمس حنا)
TT

مشروع «باترسي» العقاري يطمح إلى إضفاء روح جديدة على جنوب لندن

روب تينكنيل يقف إلى جانب مجسم للمشروع (تصوير: جيمس حنا)
روب تينكنيل يقف إلى جانب مجسم للمشروع (تصوير: جيمس حنا)

تتعدد المشاريع العقارية السكنية في العاصمة البريطانية لندن وتتنوع مساحاتها وأسعارها وفقا للموقع وطبيعة المشاريع واستراتيجيات التسويق، لكن تبقى الأهداف التجارية وهامش الربح المحرك الرئيس لقرارات الاستثمار واختيار طبيعة المرافق، فيما يحتل الجانب الاجتماعي آخر مرتبة ضمن أولويات المستثمر. في مشروع «باترسي» جنوب لندن، ينافس الجانب الاجتماعي نظيره التجاري، ويسعى المستثمر إلى توفير بيئة سكنية متكاملة تتخللها مساحات خضراء، ومرافق عامة، ومقاه، ونواد ثقافية وموسيقية ورياضية وغيرها.
بهذا الصدد، يوضح روب تينكنيل، المدير التنفيذي لشركة تنمية محطة «باترسي»، خلال حديث مطول مع «الشرق الأوسط»: «أردنا القيام بمشروع يعكس أهمية مبنى «باترسي» الشهير، الذي يعد أحد معالم لندن، لكننا لم نرد أن نبني مخططا سكنيا تقليديا آخر.. فمعظم سكان لندن لا يعرفون جيرانهم، ولا يشعرون بحس الانتماء إلى مكان سكنهم. وذلك يرجع بالدرجة الأولى إلى غياب المرافق الاجتماعية في المجمعات السكنية. وهنا يختلف مشروعنا عن غيره، إذ أعرنا اهتماما بالغا لتخصيص مرافق عامة تشجع السكان على التعارف وتكوين مجتمع صغير يتشارك حس الانتماء إلى مجمع سكني وتجاري واحد».
ويمتد مشروع إعادة إحياء محطة «باترسي»، جنوب لندن، على مساحة تبلغ 42 فدانا، ما يجعله أحد أكبر المشاريع العقارية في لندن، وأكبر مشروع إعادة إحياء منطقة وسط العاصمة. ويوضح تينكنيل أن المشروع، الذي كلفت مرحلته الأولى 8 مليارات جنيه إسترليني (12.1 مليار دولار)، خصص 3 ملايين ونصف قدم مربع للمساحات التجارية، أي ما يعادل 43 في المائة من إجمالي مساحة المشروع. ويشمل الجزء التجاري 1.6 مليون قدم مربع مخصصة للمكاتب وحدها، و1.2 مليون قدم مربع للمتاجر والمطاعم، فضلا عن قاعات عرض فنية ومتاحف وغيرها. ويتوقع تينكنيل أن تحتل «باترسي» المرتبة الثالثة لأكثر المناطق شعبية في لندن بعد أكسفورد ستريت وريجنتس ستريت.
أما في ما يتعلق بالجانب السكني، فيشمل المشروع أكثر من ألف وحدة سكنية، منها 865 شقة في الجزء الأول، وهي شقق تتوسط «القرية» التي تتكون، بالإضافة إلى المرافق السكنية، من متاجر محلية ومطاعم. وبيعت شقق الجزء الأول جلّها في غضون 3 أسابيع، وذلك بعد أن عرضت للبيع في شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2013. وكانت 50 في المائة من المبيعات من نصيب مستثمرين بريطانيين، فيما بيع النصف الآخر لعملاء عبر العالم، خاصة الآسيويين والعرب. وتبدأ أسعار الشقة الواحدة من 338 ألف جنيه إسترليني لـ«استوديو»، و423 ألفا لشقق بغرفة واحدة، فيما تبدأ أسعار الشقق المكونة من غرفتين من 613 ألفا ومن 894 ألفا للشقق ذات ثلاث غرف.
أما الجزء الثاني من المشروع، فيعنى بإعادة تطوير محطة الكهرباء نفسها والتي وصفها تينكنيل بـ«الوحش» في إشارة إلى حجمها الكبير، والذي يتجاوز مليوني قدم مربع، وإلى بنائها العتيق. ويكشف تينكنيل أن 25 في المائة من المشروع مخصص للمساحات السكنية، فيما خصصت ثلاثة طوابق للمحلات التجارية، وطابق بأكمله للثقافة والترفيه ويشمل فندقا فخما وسينما وقاعة حفلات، كما كرّست 6 طوابق للمكاتب. وفضّلت الشركة تخصيص الطابق العلوي والأخير للشقق السكنية، والتي بيع منها نحو 75 في المائة إلى اليوم. ويبلغ متوسط مساحة الشقة الواحدة نحو ألفي قدم مربع، ما يجعلها مريحة لاستقبال عائلة صغيرة، كما تتخللها حدائق كبيرة. ويعلق تينكنيل بهذا الشأن: «قرار تخصيص سطح المبنى للشقق كان مغامرة حقيقية من جانبنا، إذ إن الفكرة جديدة نسبيا في لندن. لكننا اتخذنا هذا القرار رغم كل شيء لضمان راحة الزبائن. فمساحة الشقة الواحدة أكبر من متوسط شقق العاصمة بكثير، ويصلح لاستيعاب عائلة صغيرة. كما أن الحدائق المحيطة بها من كل الجوانب تضفي عليها نكهة خاصة».
وفي ما يتعلّق بالجزء الثالث والأخير من المشروع، فيوضّح تينكنيل أنه يتميز بمعمار فريد من نوعه أشرف عليه اثنان من أبرز المهندسين المعماريين في العالم. حيث أشرف المهندس الشهير فرانك غيري على النصف الأول ليكون أول مبنى يصممه في لندن، فيما صمم المهندس لورد فوستر النصف الثاني.
ويتميز موقع «باترسي» بقربه من أهم المواقع السياحية في لندن، على غرار «لندن آي» ومتحف «تيت مودرن» و«مسرح الفيلم الوطني»، فضلا عن السفارتين الأميركية والهولندية والتي ستستقران في منطقة «ناين إيلمز» القريبة في السنوات المقبلة. ويؤكد تينكنيل أن المشروع الطموح، والذي يتوقع أن ينتهي كاملا بحلول 2025، سيوفر 17 ألف وظيفة جديدة، كما سيساهم بنحو مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني خلال العقدين الأولين من انطلاقه.
ويذكر أن محطة «باترسي» التاريخية قد توقفت عن توليد الكهرباء عام 1983، إذ كانت تزود نحو 20 في المائة من منشآت لندن بحاجاتها الطاقية، قبل أن تتحول إلى مبنى تاريخي تراثي استغل في أعمال فنية وظهر على أغلفة أسطوانات موسيقية شهيرة. وكان بناء المحطة قد بدأ في عام 1929، وذلك من أجل توليد الكهرباء لمدينة لندن بدلا من كثير من الشركات الصغيرة التي كانت تختلف فيما بينها في المعايير. واستكمل بناء المحطة في عام 1933 بتكلفة تخطت المليوني إسترليني في ذلك الوقت. واستكملت المحطة في عام 1955 واكتسبت شكلها المميز بأربع مداخن على أركانها. وكانت حينذاك ثالث أكبر محطة توليد كهرباء على مستوى بريطانيا. ولكن نهاية المحطة في الثمانينات جاءت بسبب عدة عوامل منها ارتفاع تكاليف الإنتاج ودخول محطات توليد أخرى أكثر كفاءة إلى السوق اعتمدت على النفط والغاز والطاقة النووية بدلا من الفحم.
وفيما انشغل مطورو العقار المحليون والدوليون بالاستثمار في الجانب الشمالي من نهر «التيمز»، أغفلوا الإمكانيات الضخمة لمنطقة «باترسي» وتجاهلوا تطويرها لسنوات بسبب صعوبات تمويلية وأخرى تتعلق بتراخيص البناء. فعلى مر السنين، شهد الموقع المرموق محاولات لتطويره إلى ملعب كرة لفريق تشيلسي، وأخرى لبناء مشروع سكني متكامل قبل أن تعصف الأزمة المالية العالمية وتداعياتها بشركة آيرلندية كانت هي المستثمر الرئيسي. أما الشركة المستثمرة الحالية، فهي مكونة من مجموعة شركات ماليزية تشمل «إس. بي. بيتيا»، «سيم داربي».



سوق الإسكان في الصين تواصل الاستقرار خلال فبراير الماضي

رغم تفشي كورونا الجديد فإن التوقعات تستبعد تأثيره على سوق العقارات في البلاد
رغم تفشي كورونا الجديد فإن التوقعات تستبعد تأثيره على سوق العقارات في البلاد
TT

سوق الإسكان في الصين تواصل الاستقرار خلال فبراير الماضي

رغم تفشي كورونا الجديد فإن التوقعات تستبعد تأثيره على سوق العقارات في البلاد
رغم تفشي كورونا الجديد فإن التوقعات تستبعد تأثيره على سوق العقارات في البلاد

واصلت سوق الإسكان في الصين الاستقرار بشكل عام خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، حيث سجلت 70 مدينة رئيسية ارتفاعاً طفيفاً في أسعار المساكن على أساس شهري، حسب بيانات رسمية صدرت أول من أمس. وأظهرت الإحصاءات أن أسعار المساكن الجديدة في 4 مدن على المستوى الأول، وهي بكين وشانغهاي وشنتشن وقوانغتشو، ظلت دون تغيير على أساس شهري خلال فبراير (شباط) الماضي، مقارنة بنمو نسبته 0.4 في المائة سجل في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وشهدت المدن على المستوى الثاني ارتفاعاً نسبته 0.1 في المائة على أساس شهري في أسعار المساكن الجديدة، بانخفاض 0.1 نقطة مئوية عن الشهر السابق، بينما شهدت المدن على المستوى الثالث أيضاً ارتفاعاً طفيفاً نسبته 0.1 في المائة على أساس شهري في أسعار المساكن الجديدة، مقارنة بزيادة نسبتها 0.4 في المائة سجلت في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وازدادت أسعار المساكن المعاد بيعها في المدن على المستوى الأول على أساس شهري، إلا أنها كانت بوتيرة أبطأ، في حين ظلت الأسعار دون تغيير في المدن على المستوى الثاني، وانخفضت بشكل طفيف في مدن المستوى الثالث على أساس شهري.
وقال كونغ بنغ، الإحصائي في المصلحة، إنه رغم أن تفشي فيروس كورونا الجديد غير المتوقع جلب تأثيراً ملحوظاً على سوق العقارات في البلاد، فقد اتخذت السلطات عدداً كبيراً من السياسات والإجراءات للحفاظ على استقرار سوق العقارات بشكل عام.
وأظهرت بيانات المصلحة أيضاً أن الاستثمارات في التطوير العقاري بالبلاد انخفضت بنسبة 16.3 في المائة على أساس سنوي خلال أول شهرين من العام الحالي. كما انخفضت الاستثمارات في المباني السكنية بنسبة 16 في المائة عن العام الذي سبقه. وذكرت مصلحة الدولة للإحصاء أن الاستثمار في التطوير العقاري بالصين انخفض بنسبة 16.3 في المائة على أساس سنوي في الشهرين الأولين من عام 2020.
إلى ذلك، أفادت صحيفة «تشاينا سيكيوريتيز جورنال» بأن كبار مطوري العقارات في الصين أعلنوا عن ربحية أفضل خلال العام الماضي، وأصدرت 56 شركة عقارات صينية مدرجة في سوق الأسهم «إيه» وسوق هونغ كونغ للأوراق المالية تقاريرها السنوية لعام 2019. وسجلت 29 شركة زيادة في صافي الأرباح. ومن بينها، سجلت الشركات العقارية المدرجة في سوق الأسهم «إيه» أداء أفضل بشكل عام من نظيراتها المدرجة في سوق هونغ كونغ، حسبما ذكرت الصحيفة.
وانخفض متوسط صافي الأرباح العائد لمساهمي 38 مطوراً عقارياً مدرجاً في بورصة هونغ كونغ بنسبة 27.58 في المائة إلى 3.25 مليار يوان (466.3 مليون دولار)، في حين ارتفع صافي أرباح الشركات المدرجة في بورصة «إيه»، البالغ عددها 18 شركة، بنسبة 22.67 في المائة إلى 3.59 مليار يوان.وقالت الصحيفة إن معظم الشركات التي شهدت نتائج مالية محسنة سجلت توسعًا في أصولها وديونها. ومع ذلك، فإن نسبة الأصول إلى الديون التي تخصم من الإيرادات غير المكتسبة، والتي ترتبط بالنتائج المستقبلية لمطور العقارات، انخفضت بسبب المحاسبة المالية المثلى، مما يشير إلى ظروف مالية أفضل.
وقالت الصحيفة إن قطاع العقارات شهد مزيداً من عمليات الدمج والاستحواذ في 2019. وذكرت الصحيفة، نقلاً عن بيانات من معهد الأبحاث العقارية «تشاينا إنديكس أكاديمي»، أنه بصفتها وسيلة فعالة لشراء الأراضي وتوسيع الأعمال التجارية، أبرم مطورو العقارات الصينيون 333 صفقة دمج واستحواذ بقيمة 296.1 مليار يوان في العام الماضي، بزيادة 14.7 في المائة و31.6 في المائة على التوالي على أساس سنوي.
إلى ذلك، كشف بيانات رسمية أن أسعار العقارات الصينية سجلت معدلات نمو أقل في نهاية عام 2019، مقارنة مع العام السابق. وذكر بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، في أحدث تقرير فصلي له حول تطبيق السياسة النقدية، أن أسعار المساكن التجارية حديثة البناء في 70 مدينة كبرى ومتوسطة في أنحاء البلاد ارتفعت بواقع 6.8 في المائة على أساس سنوي بنهاية عام 2019، بانخفاض 3.7 نقطة مئوية مقارنة مع عام 2018.
وارتفعت أسعار المساكن المستعملة بنسبة 3.7 في المائة على أساس سنوي، بانخفاض 4 نقاط مئوية مقارنة مع عام 2018. وكانت المساحة الأرضية للمساكن التجارية المبيعة على مستوى البلاد هي ذاتها لعام 2018. مع ارتفاع المبيعات بنسبة 6.5 في المائة على أساس سنوي، بينما انخفض معدل نمو المبيعات بمعدل 5.7 نقطة مئوية مقارنة مع نهاية عام 2018. وواصل معدل النمو للقروض العقارية الانخفاض على نحو مطرد.
وبنهاية عام 2019، بلغ حجم القروض العقارية من كبرى المؤسسات المالية -بما في ذلك المؤسسات المالية ذات الاستثمار الأجنبي- 44.41 تريليون يوان (6.34 تريليون دولار)، بارتفاع 14.8 في المائة على أساس سنوي. وانخفض معدل النمو بواقع 5.2 نقطة مئوية، مقارنة مع نهاية عام 2018.
ومثل حجم القروض العقارية 29 في المائة من إجمالي القروض. ومن بين القروض العقارية، بلغ حجم قروض الإسكان الشخصي 30.2 تريليون يوان، بزيادة 16.7 في المائة على أساس سنوي. وانخفض معدل النمو 1.1 نقطة مئوية مقارنة مع نهاية عام 2018.
وأظهرت بيانات رسمية أن سوق المساكن في الصين واصلت الحفاظ على الاستقرار بشكل عام في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث سجلت أسعار المساكن في 70 مدينة رئيسية ارتفاعاً معتدلاً بشكل عام على أساس شهري. وأظهرت البيانات الصادرة عن مصلحة الدولة للإحصاء أن 47 من أصل 70 مدينة سجلت ارتفاعاً في أسعار المساكن الجديدة على أساس شهري، بتراجع من 50 مدينة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.
وبحسب البيانات، فإن أسعار المساكن الجديدة في 4 مدن من الدرجة الأولى، وهي بكين وشانغهاي وشنتشن وقوانغتشو، ازدادت 0.4 في المائة على أساس شهري في يناير (كانون الثاني)، حيث شهد معدل النمو زيادة 0.2 نقطة مئوية عن الشهر الأسبق. كما شهدت مدن الدرجتين الثانية والثالثة في البلاد التي شملها مسح المصلحة ارتفاعاً معتدلاً على أساس شهري في يناير (كانون الثاني)، ولكن بوتيرة أبطأ من الشهر الأسبق.
وارتفعت أسعار المساكن المعاد بيعها في مدن الدرجة الأولى ومدن الدرجة الثالثة على أساس شهري، في حين ظلت الأسعار في مدن الدرجة الثانية ثابتة. وقال كونغ بنغ، الإحصائي الكبير في مصلحة الدولة للإحصاء، إن سوق العقارات ظلت مستقرة بشكل عام في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث تؤكد الحكومات المحلية على مبدأ أن «المساكن للعيش وليس للمضاربة»، إلى جانب تنفيذ آلية إدارة طويلة الأجل للسوق.