النظام يدفع بتعزيزات إلى ريف حلب لفك الطوق عن عناصره المحاصرين في مطار كويرس

معارض سوري لـ «الشرق الأوسط»: انخراط روسيا أجبره على إطلاق عمليات ضد «داعش»

النظام يدفع بتعزيزات إلى ريف حلب لفك الطوق عن عناصره المحاصرين في مطار كويرس
TT

النظام يدفع بتعزيزات إلى ريف حلب لفك الطوق عن عناصره المحاصرين في مطار كويرس

النظام يدفع بتعزيزات إلى ريف حلب لفك الطوق عن عناصره المحاصرين في مطار كويرس

ضاعفت قوات النظام السوري، أمس، استعداداتها لإطلاق هجوم واسع على الريف الشرقي لمدينة حلب، بغرض فك الحصار عن مطار كويرس العسكري الذي يحاصره تنظيم «داعش» منذ مطلع العام 2014، وذلك بدفعها تعزيزات عسكرية إلى منطقة السفيرة، وتكثيف غاراتها الجوية في محيط المطار، وذلك في أعقاب دخول روسيا عسكريًا في الأزمة السورية، والحديث عن توجهها للانخراط في الحرب ضد «الإرهاب» في البلاد.
وتزامنت هذه الاستعدادات التي كشفت عنها مصادر معارضة في حلب، مع تكثيف النظام ضرباته ضد التنظيم في شرق محافظة حمص، حيث استطاع التنظيم المتشدد التمدد خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وصولاً حتى بلدة القريتين الفاصلة بين ريف حمص الشرقي وشمال شرق ريف دمشق.
وقالت المصادر المعارضة في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات النظامية السورية «دفعت بتعزيزات إلى محيط مطار كويرس العسكري، انطلاقًا من معامل الدفاع والسفيرة في حلب، وانتشرت على الأوتوستراد السريع وفي مناطق شرق السفيرة، استعدادا لشن هجمات واسعة ضد مقاتلي (داعش) الذين يحاصرون المطار منذ نحو 20 شهرًا»، مشيرة إلى أن قوات النظام «حاولت في السابق مرتين فك الطوق عن المطار وفشلت، لكن هذه المرة تدفع بحشود، بعضها من المقاتلين الموالين لها، ويرجح أنهم مقاتلون أجانب».
بدوره، أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن تلك المعلومات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن نظام بشار الأسد «اتخذ قرارًا فعلاً بإبعاد مقاتلي تنظيم داعش عن مطار كويرس، ما يتيح له ربط مناطق نفوذه في مطار حلب الدولي، بمطار كويرس»، موضحًا أن الهجمات الأولى «ستستهدف محطة حلب الحرارية لتوليد الكهرباء، ومحيط مطار كويرس في معركة متزامنة». وأشار إلى أن مئات المقاتلين «وصلوا بالفعل إلى منطقة السفيرة»، متحدثًا عن «مئات آخرين في طريقهم إلى المنطقة للمشاركة في الهجوم». وقال: «من غير المعروف جنسيات المقاتلين الذين وصلوا، ويرجح أن يكون بينهم مقاتلون من الدفاع الوطني، ومقاتلون أجانب لم تحدد هويتهم، يقاتلون إلى جانب قوات النظام».
المحطة الحرارية الخاضعة لسيطرة «داعش»، تبعد عن مطار كويرس نحو 7 كيلومترات إلى الغرب، وتخضع لسيطرة التنظيم منذ مطلع العام 2014. فيما يبعد مطار كويرس عن مطار النيرب (حلب الدولي) نحو 13 كيلومترًا إلى الشرق. ويقع مطار كويرس على الخط نفسه مع المحطة الحرارية، الواقعة على الأوتوستراد السريع.
وقال عبد الرحمن إن «السيطرة على المحطة الحرارية تتيح للنظام تغذية أحياء حلب الخاضعة لسيطرته بالتيار الكهربائي، كما تحمي خطوط إمداده من السفيرة إلى مواقعه العسكرية في شمال شرقي مدينة حلب».
يذكر أن قوات النظام تنفذ منذ أسبوع ضربات جوية وهجمات محدودة ضد مواقع «داعش» قرب مطار كويرس، بغرض تخفيف الضغوط عن المحاصرين في الداخل. وشنت الأسبوع الماضي هجومًا انطلاقًا من السفيرة، طال قرى وبلدات بلاط وتل حاصل وتل نعام وصبيحة، ولم يسفر عن أي تقدم استراتيجي. وذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية أمس، أن القوات الحكومية، نفذت عملية «نوعية» ضد تجمعات «داعش» وتحركاته في محيط الكلية الجوية (مطار كويرس) بالريف الشرقي لمدينة حلب. وبينما صرحت مصادر في حلب أن السيطرة على كويرس، من شأنه أن يعزز موقع القوات النظامية لإطلاق هجمات واسعة ضد الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب، وبالتالي تحويل المدينة إلى نقطة انطلاق عسكرية باتجاه الريف، نفى رئيس مجلس قيادة الثورة في حلب ياسر النجار أن يكون الهدف على هذا النحو، مؤكدًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هذا التحليل مستحيل ميدانيًا، نظرًا لأن النظام موجود فيها أصلاً، حيث يقع مطار النيرب شمال أحياء المعارضة مباشرة، والنظام موجود في هذا المربع أصلاً.
وقال النجار إن «هدف النظام من معركة مشابهة ضد مطار كويرس، يتلخص في فك الطوق عن عناصره الموجودين في كلية الطيران في مطار كويرس، وهم بمعظمهم من منطقة الساحل، بهدف تنفيس الاحتقان في أوساط بيئته في الساحل، وسط ازدياد المخاوف من أن يكون مصير أبنائهم مشابهًا لمصير الجنود في مطاري الطبقة وأبو الظهور العسكري». وأضاف أن القرار الجديد ينسجم مع التغيرات في المنطقة، ودخول العامل الروسي على خط قتال داعش، ما يجبر النظام على إطلاق معارك ضد التنظيم، بعدما كانت هناك شبه هدنة، أحجم خلالها النظام عن مهاجمته وتفرغ لقتال قوات المعارضة». ورأى أن هذه العملية محاولة لتعزيز صورته بأنه يقاتل الإرهاب في سوريا، ومستعد لقتال «داعش»، بعدما تضاعفت الضغوط على النظام بهدف اتخاذ قرار مشابه.
وأكد النجار أن عددًا من المقاتلين الأجانب وميليشيات حليفة للنظام وإيران، بدأت في الوصول فعلاً إلى مناطق سيطرة النظام على خط حلب، ليعززوا وجود مقاتلين مماثلين لهم وموجودين أصلاً هناك منذ عام 2013، ويوجدون في المدينة الصناعية وفي معامل الدفاع. وقال إن «الاستعدادات بدأت تظهر للهجوم باتجاه المحطة الحرارية (يوجد النظام على طرفها الجنوبي)، التي لا تعد هدفًا استراتيجيًا، بقدر ما هي ممر ضروري على الطريق السريع باتجاه مطار كويرس»، مشددًا على أن النظام في حال نجح في فك الطوق عن مطار كويرس، فإنه يكون فتح مناطق سيطرته على بعضها، وسهل على نفسه طريق قتال «داعش» في ريف حلب الشرقي.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».