فوجئ تنظيم داعش الإرهابي في الموصل بضربات جوية موجعة استهدفت نقاطا تفتيشية مختلفة، الأمر الذي أجبره على إخلائها والانسحاب منها، وفي الوقت نفسه كثف التنظيم من إجراءاته لمنع هرب العائلات من مناطق نفوذه من ضمنها التلويح بمصادرة أملاكهم المنقولة وغير المنقولة.
كما خصص التنظيم مكافآت مالية لكل مواطن يبلغ عن هروب العائلات، وفي الوقت نفسه هدد التنظيم سائقي الأجرة بمصادرة سياراتهم وأملاكهم إذا قاموا بمحاولة تهريب العائلات.
وكان التنظيم قد أقدم على إعدام 9 من سائقي الأجرة في حوادث منفصلة بتهمة تهريبهم للعائلات عبر طرق فرعية وصحراوية. ويسعى كثير من المواطنين في مدينة الموصل إلى مغادرة المدينة بشتى الطرق والوسائل للخلاص من إجراءات التنظيم التعسفية، ووفق تقارير فإن تكلفة تهريب المواطن الواحد تتراوح بين 1000 إلى 1500 دولار أميركي.
وتلقت «الشرق الأوسط» بيانا أول من أمس عن مجموعة سورية معارضة (جبهة الشام) أنقذت بريطانية وأطفالها الخمسة بعد هروبها من «داعش».
وتحدث البيان عن اختطافهم من قبل عصابة بعد هروبهم من تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، فيما أكدت وزارة الخارجية البريطانية صباح أول من أمس اختفاء مواطنة بريطانية وأطفالها في تركيا.
وتركت البريطانية «شوكي بيجوم» مدينة مانشستر وسافرت إلى سوريا مع أطفالها الخمسة في وقت سابق هذا العام في محاولة للعثور على زوجها الذي انضم للتنظيم الإرهابي.
وذكرت شبكة «آي تي في» الإخبارية أنها حاولت إقناع زوجها بترك التنظيم إلا أنها فشلت، حيث تم اختطافها من قبل عصابة حاولوا ابتزازها مع محاولتها مغادرة سوريا، مضيفة أن «جبهة الشام» وهي إحدى المجموعات المقاتلة لنظام بشار الأسد أنقذتها في وقت سابق هذا الأسبوع.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية: «نواصل العمل بشكل وثيق مع السلطات التركية حول مكان وجود المواطنة البريطانية وأطفالها، الذين تم فقدهم في تركيا، ونقف مستعدين لتقديم المساعدة القنصلية».
ولم تؤكد المتحدثة أن هذه هي المرأة نفسها التي تداولت تقارير عن سفرها سوريا لإقناع زوجها بالعودة.
فيما ذكر بيان «جبهة الشام» أن السيدة بيجوم كانت قد تسللت إلى الأراضي السورية قبل شهور مع أطفالها الخمسة قادمة من مدينة مانشستر ببريطانيا في محاولة لإقناع زوجها المقاتل في صفوف التنظيم المسلح «داعش» بالعودة إلى المملكة المتحدة، لكن محاولتها باءت بالفشل لتقرر الخروج من سوريا متسللة إلى تركيا للعودة إلى إنجلترا.
وفي لقاء مع «بي بي سي» قال شاب اسمه محمد، معربا عن خوفه بعد الانشقاق عن «داعش»: «سيقتلونني لو علموا أني تحدثت إليكم» بهذه الكلمات بدأ محمد، وهو شاب يتحدث الإنجليزية بطلاقة، جاء من مدينة الرقة السورية، التي تعد العاصمة الفعلية لتنظيم داعش. ويعد التهديد الذي يمثله هذا التنظيم أحد العوامل الرئيسية التي تدفع السوريين إلى الهجرة الجماعية نحو أوروبا.
وبينما كنا نجلس بجانب أحد الملاعب بمدينة أدرنة، حيث تجمع ألفا شخص في محاولة لعبور الحدود البرية بين تركيا واليونان، أعطانا محمد لمحة عن «الخلافة» من الداخل.
وقال: «في البداية عندما وصلوا، كان الأمر يبدو على ما يرام، لأنهم طردوا قوات الرئيس الأسد، لكن بعد ذلك أحكموا سيطرتهم وفرضوا قوانينهم: أي شخص يتحداهم أو يشتبه في أنه تحدث إلى صحافيين أو قنوات تلفزيونية سيقتل على الفور».
وأضاف: «لديهم شبكة مخابرات كبيرة، وهناك أجانب يعملون لصالحهم ويخبرونهم بأي شيء. رأيت ألمانا وشيشانيين وأتراكا وتونسيين، وهم الأشخاص الذين سيلقون القبض على المشتبه به».
وعن التغييرات التي حدثت منذ استحواذ تنظيم داعش على المدينة، رد قائلا: «قبل بضعة أشهر كان لدينا إنترنت في المنزل، أما الآن فيتعين علينا أن نذهب إلى مقاهي الإنترنت ويأتون ويتحققون من المواقع التي نزورها».
وأضاف: «الكهرباء لا تأتي سوى ساعتين يوميا. ويقول البعض إنهم (سوف يزيلون أطباق الأقمار الصناعية من المنازل، حتى نشاهد فقط القنوات التلفزيونية التي يسيطرون عليها)».
وأردف: «أسعار المواد الغذائية آخذة في الارتفاع، علاوة على أننا ممنوعون من التدخين، ألقي القبض علي مرتين لأنني كنت أدخن، ووضعت في السجن لمدة يوم وعوقبت بـ20 جلدة. لا يسمح للرجال بحلق لحاهم، وأي شخص يخالف ذلك سوف يسجن».
يقول محمد إن «الرايات السوداء لتنظيم داعش ترفرف الآن في الرقة، وكل مبنى رسمي مكتوب على جدرانه (الدولة الإسلامية)».
ولكن كيف يتم التعرف على المتشددين؟ يقول محمد: «إنهم يحملون السلاح في كل وقت».
ويضيف: «عندما تنظر إلى وجوه مواطنينا، ترى الخوف في أعينهم، الجميع يخشى من أن تؤدي كلمة واحدة به إلى السجن أو ما هو أسوأ من ذلك، نحن جميعا نحب الإسلام.. ولكن ليس هذا هو الإسلام».
ويسعى محمد جاهدا للسفر إلى أوروبا بأمان، لكنه غير قادر على دفع الألفي دولار اللتين يطلبهما المهربون لنقله بالقارب إلى الجزر اليونانية، كما أنه غير مستعد للمخاطرة بحياته.
وحتى في ظل تقدم الاتحاد الأوروبي بخطط لإعادة توزيع 120 ألفا من طالبي اللجوء، فإنه لن يكون من بينهم، إذ إن هذا العدد يشمل فقط من هم موجودون بالفعل في الاتحاد الأوروبي، في إيطاليا أو ألمانيا، وليس هؤلاء الذين يسعون لدخول أوروبا هنا من تركيا. سيتم تشجيعهم على البقاء، لكن محمد يرفض ذلك.
ويقول محمد: «هنا لا يمكنني أن أصنع لنفسي حياة كريمة، فأنا أحصل على القليل من المال، وهم لا يريدونني هنا». ويضيف: «إذا لم أتمكن من الوصول إلى أوروبا، سوف أعود إلى الرقة. هناك، سوف أعيش حياة صعبة، لكني على الأقل سأعيش إلى جانب أسرتي». إنها النزعة البشرية الطبيعية، الحاجة إلى السلامة، التي تقود هؤلاء للهجرة الجماعية.
الهروب من حكم «داعش» حكاية تستحق التسجيل
لا يسمح للرجال بحلق لحاهم وأي شخص يخالف ذلك سيسجن
الهروب من حكم «داعش» حكاية تستحق التسجيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة