لم يتكلف والد الطفل عدي زغين اللاجئ من محافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا، هذا العام، أي تكلفة مالية لقاء تسجيل ابنه في المدرسة الرسمية في لبنان، فقد تلقى رسالة نصية من «مفوضية شؤون اللاجئين» التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، تعلمه فيها بضرورة تسجيل ابنه وابنته في المدرسة، من غير أن يدفع أي بدل مادّي، خلافًا للعامين الماضيين. «جرى التسجيل بسهولة بالغة»، قال والد الطفل لـ«الشرق الأوسط»، ممتنًا للخطوة الجديدة، نظرًا لأن «حالتنا المادية صعبة، واضطررنا العام الماضي لاستدانة رسم التسجيل، في ظل الوضع الصعب الذي نعاني منه، نحن اللاجئون إلى لبنان، منذ ثلاث سنوات».
عدي الذي سيلتحق بالصف الأول في الحلقة الدراسية الأولى، واحد من مائتي ألف لاجئ سوري، سيوفر التعليم لهم، إلى جانب جميع الأطفال اللبنانيين، لغاية الصف التاسع مجانًا هذا العام في المدارس الرسمية، بحسب ما أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، خلال مؤتمر صحافي أطلقت خلاله حملة «كلنا على المدرسة» بالتعاون مع «مفوضية شؤون اللاجئين» و«صندوق الطفولة الدولي» (اليونيسيف) - التابع أيضًا للأمم المتحدة - وبتمويل بلغت قيمته 94 مليون دولار أميركي من الدول المانحة. وأكد وزير التربية، إلياس أبو صعب، أنه «بفضل الالتزامات التي تعهد بها المجتمع الدولي، سيتمكن نحو 166 ألف طفل لبناني من الاستفادة من مجانية التعليم الأساسي في المدارس الحكومية هذا العام، إضافة إلى مائتي ألف طفل سوري.
غير أن هذا الرقم من التلاميذ السوريين، لا يمثل إلا نصف الأطفال بسن الدراسة من اللاجئين في لبنان الذين يبلغ عددهم نحو 400 ألف. وبالتالي «لن يلتحق بالمدارس نحو مائتي ألف طفل سوري هذا العام، بسبب النقص في التمويل، وأسباب أخرى تتنوع بين عمالة الأطفال وغيرها»، بحسب ما تقول الناطقة باسم «اليونيسيف» لـ«الشرق الأوسط». ورغم ذلك، تعد هذه الخطوة مثالية، إذا ما قورنت مع نسبة التسرب المدرسي لدى الأطفال السوريين في الأعوام الماضية. وتوضح الناطقة باسم «اليونيسيف» إن 106 آلاف تلميذ سوري فقط، التحقوا العام الماضي في المدارس، بينما بقي نحو 300 ألف طالب خارجها، بسبب النقص في التمويل.
وتسبب التأخر في التحاق الأطفال السوريين اللاجئين، خلال الأعوام الماضية، بصفوفهم الدراسية، بمشكلة أكاديمية تتمثل في عجز هؤلاء عن متابعة أترابهم اللبنانيين تعليميًا، على ضوء التسرب. لكن برنامج «كلنا على المدرسة»، وجد حلولاً، تخفف الضغوط النفسية التي يعاني منها الأطفال السوريون نتيجة التسرب في الأعوام الماضية، تتمثل في تطبيق نظام «التعليم الدراسي المكثّف» لهؤلاء الأطفال. وتشرح الناطقة باسم «اليونيسيف» في لبنان أن «معظم التلامذة السوريين خضعوا في شهر يوليو (تموز) الماضي، لامتحانات، حدّد على أساسها المستوى الدراسي للطلاب وتصنيفهم بين الصفوف، على ضوء اختلاف المناهج الدراسية بين لبنان وسوريا، إضافة إلى أن بعضهم لم يلتحق بصفوف دراسية منذ ثلاث سنوات».
كما أشارت إلى أن «المدارس الرسمية، ستبدأ تطبيق نظام «التعليم الدراسي المكثف» الذي سيُعمل به للطلاب السوريين في الأشهر الأربعة الأولى من العام الدراسي الحالي، وبعدها، سيلتحقون بالصفوف وفق النظام التعليمي الاعتيادي»، لافتة إلى أن «النظام يهدف إلى تأهيلهم أكاديميًا للالتحاق بأترابهم اللبنانيين في الصفوف، بعد إلغاء الفوارق في المستوى بين الطالب اللبناني الذي اعتاد على المنهج الدراسي اللبناني، والطالب السوري». وسيساعد هذا النظام الطلاب السوريين «على أن يتعادلوا بالمستوى مع اللبنانيين، من غير أن تترك الفوارق أي أثر نفسي عليهم، وسيسهل اندماجهم بالمنهج الدراسي اللبناني».
يذكر أن النظام التعليمي اللبناني يتفوق على النظام التعليمي في سوريا بالسرعة واللغات الأجنبية، وهو ما عانى منه الطلاب السوريون الذين التحقوا بالمدارس اللبنانية في الأعوام الماضية. وتنظم وزارة التربية برنامج «التعليم المكثف» بهدف مساعدة الأطفال الذين تغيّبوا عن المدرسة لأكثر من سنتين. وبموجبه، يحظى الحائز على شهادة إتمام البرنامج على فرصة الالتحاق تلقائيًا بمدرسة رسمية. وتغطي وزارة التربية، بالدعم المتوفر من الدول المانحة ومنظمات الأمم المتحدة، رسوم التسجيل وصندوق الأهل والكتب المدرسية والقرطاسية لما يزيد على 325 ألف طفل بالتمويل البالغ قدره 94 مليون دولار. ولا تزال هناك حاجة لـ25 مليون دولار أميركي للوصول إلى ما تبقى من الأطفال اللاجئين الذين تهدف الحملة توفير التعليم المجاني لهم، والبالغ عددهم نحو مائتي ألف طالب من مجموع 400 ألف طفل من الأطفال اللاجئين المستهدفين.
مبادرة لبنانية وأممية تُدخل نصف الأطفال السوريين اللاجئين إلى المدارس
تضاعف عددهم بموجب الدعم المادي
مبادرة لبنانية وأممية تُدخل نصف الأطفال السوريين اللاجئين إلى المدارس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة