حديث عن خطة يحملها بوتين إلى نيويورك لتسوية الأزمة السورية

موسكو فرضت على واشنطن فتح قنوات اتصال عسكرية واستخباراتية بعد زيادة دعمها للأسد

سوريون يتجمعون في مكان استهدفته غارة جوية لطيران النظام في قرية  بريف إدلب الجنوبي أمس (رويترز)
سوريون يتجمعون في مكان استهدفته غارة جوية لطيران النظام في قرية بريف إدلب الجنوبي أمس (رويترز)
TT

حديث عن خطة يحملها بوتين إلى نيويورك لتسوية الأزمة السورية

سوريون يتجمعون في مكان استهدفته غارة جوية لطيران النظام في قرية  بريف إدلب الجنوبي أمس (رويترز)
سوريون يتجمعون في مكان استهدفته غارة جوية لطيران النظام في قرية بريف إدلب الجنوبي أمس (رويترز)

أظهرت النخب السياسية الروسية والأوساط البحثية والإعلامية اهتمامًا واسعًا بالكلمة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقائه بعد ذلك مباشرة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما. وفي هذا الاهتمام ما يوحي وكأن روسيا تستعد، ضمن نص كلمة بوتين، لتقديم إما مقترحات أو أفكارًا، أو حتى خطة متكاملة لتسوية الأزمة السورية، فضلاً عن عرض من جديد لما يجب أن تكون عليه منظومة العلاقات والأمن الدوليين وفق الرؤية الروسية، وأن بوتين سيبحث هذه الأفكار فورا مع أوباما، في محاولة للخروج بقاسم مشترك للتعامل مع الوضع في سوريا.
وفي آخر المستجدات بهذا الصدد بحث أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي في اجتماع لهم أمس كلمة بوتين المرتقبة، وفق ما قال ديمتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، مستخدما كلمة لوصف الاجتماع تحمل عدة معاني منها (بسرعة، والسريع المثمر، وعلى الفور، والعاجل) ما يشير إلى أن لقاء أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي جاء على عجل، وكضرورة تطلبها الظرف الراهن، للبحث في تفاصيل كلمة بوتين، والمواضيع المدرجة على جدول أعمال محادثاته مع أوباما في نيويورك.
أما ما سيقوله بوتين في كلمته، فإن مصادر مطلعة ترجح أن تتضمن كلمة الرئيس الروسي الخطوط العريضة لخطة روسية حول الأزمة السورية، يكرر فيها ذات الأفكار حول ضرورة تشكيل ائتلاف دولي، برعاية أممية وموافقة رسمية سورية، للتصدي للإرهاب، على أن تتزامن عمليات مكافحة الإرهاب مع إطلاق المسار السياسي لحل الأزمة السورية برعاية دولية، بدءا من تنشيط عمل اللجان الأربع التي يشكلها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. إلا أن دقة هذا كله ستتضح خلال ساعات حين يقف بوتين على منبر الجمعية العمومية ويكشف بنفسه عما في جعبته من مفاجآت.
وليس بجديد القول إن ذهاب الأزمة السورية نحو التسوية السياسية الحقيقية أو نحو مزيد من التصعيد تبقى حتى اليوم رهنًا بقدرة موسكو وواشنطن على تجاوز خلافاتهما، وتوافقهما على صيغة للحل تأخذ بالحسبان مصلحة الشعب السوري ومواقف القوى الإقليمية الفاعلة. ويعلق البعض الآمال على أن تتمكن موسكو وواشنطن من إيجاد صيغة تسمح بإطلاق تعاون بناء بينهما لدفع عملية التسوية السياسية للأزمة السورية، لا سيما أن مثل هذا التعاون قد أثمر من قبل في التعامل مع ملفات معقدة جدا مثل نزع الترسانة الكيماوية السورية، والاتفاق حول أزمة الملف النووي الإيراني. ولعل عودة الاتصالات عبر القنوات العسكرية والاستخباراتية بين موسكو وواشنطن، تعزز واقعية الآمال على تنشيط التعاون السياسي بين الجانبين في الملف السوري.
لقد أكدت روسيا استعدادها لحوار مع الولايات المتحدة، بل إنها تؤكد على ضرورته، وعدم وجود بديل عنه لتجاوز العقبات وحل الأزمات الدولية والإقليمية الشائكة. لكنها فرضت من جانب آخر على الولايات المتحدة فتح قنوات الاتصال العسكرية والاستخباراتية بعد أن زادت من دعمها العسكري للنظام السوري، وأعلنت عن نيتها تنفيذ عمليات جوية ضد مواقع «داعش» في الأراضي السورية. إلا أن الأمر لم يصل مستوى التنسيق حول الوضع السياسي في سوريا، وقد يحدث هذا التحول بعد لقاء بوتين – أوباما في نيويورك. في هذا الشأن قال الخبير العسكري أرايك أوغانيسوفياتش، الأستاذ في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات عبر القنوات العسكرية هي «بداية الدرب التي قد تأخذنا نحو بعض التفاهمات»، موضحًا أن استئناف الاتصالات بين البلدين عبر القنوات العسكرية لم يأت بقرار سياسي، بل كأمر فُرض فرضا وتوقع أن تحدث نقلة في الاتصالات بين موسكو وواشنطن حول سوريا خلال لقاء بوتين - أوباما في نيويورك.
وجهة نظر مطابقة عبر عنها في حديث لـ«الشرق الأوسط» الخبير الروسي فلاديمير فلاديمير يفسييف، العضو في أكاديمية العلوم الروسية، مدير مركز الدراسات الاجتماعية والسياسية، الذي قال في تقييمه لاستئناف الاتصالات الروسية - الأميركية عبر القنوات العسكرية، إن «الحديث لا يدور حاليا حول تجاوز الخلافات بين موسكو وواشنطن في الجانب السياسي من الموضوع السوري»، وأعرب عن اعتقاده أن «الحديث حول مصير بشار الأسد سيكون في المرحلة التالية، وقد يبدأ بصورة واضحة بعد كلمة بوتين في الجمعية العمومية التي يتوقع أن يعرض فيها عن خطة لتسوية الأزمة السورية».
بشكل عام يمكن القول إن غالبية أصحاب الرأي من خبراء ورجال سياسية يرجحون أن يساهم أن لقاء بوتين - أوباما في نيويورك إلى حد بعيد في تنشيط الاتصالات السياسية بين البلدين على أعلى مستويات حول سوريا، لا سيما أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أجرى زيارة إلى روسيا في مطلع مايو (أيار) الماضي على الرغم من توتر العلاقات الروسية - الأميركية بسبب الأزمة الأوكرانية، وركز خلال محادثاته مع لافروف وبوتين حينها على الشأن السوري ليخرج لافروف ويعلن عقب تلك المحادثات أن الموقفين الأميركي والروسي متقاربان إزاء سبل تسوية الأزمة السورية. وفي الأيام الأخيرة صدرت تصريحات عدة من الجانبين تعزز الاعتقاد بإمكانية انطلاق عجلة الحوار السياسي بينهما للتوافق حول الأزمة السورية.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.